هل يفلت خيط الاشتباك المباشر بين القوات التركية وقوات الأسد في محيط إدلب؟
ازدادت فرص الاشتباك العسكري المباشر بين القوات التركية المتمركزة في نقاط المراقبة ضمن منطقة خفض التصعيد في محيط إدلب وقوات الأسد المتواجدة في الجهة المقابلة لها. وذلك عقب الاستهداف المتكرّر لقوات الأسد ضد مواقع نقاط المراقبة التركية ولليوم الثاني على التوالي.
وعقب خمس ضربات متتالية تلقتها نقاط المراقبة التركية في محيط منطقة إدلب خلال الشهر الأخير فقط، والتي كانت آخرها فجر اليوم الأحد. حيث تعرّضت نقطة المراقبة التركية التاسعة في محيط مدينة مورك بريف حماة الشمالي إلى قصف مدفعي عنيف.
ولأول مرّة، لم تتردّد أنقرة في تصريحاتها على الجانبين السياسي والعسكري حول اتهام قوات الأسد بشكل مباشر بالوقوف وراء تنفيذ هذا الهجوم وتحميلها المسؤولية والتأكيد على أنّ الهجوم الأخير وقع بشكل مقصود، حيث أطلقت أنقرة سلسلة من التهديدات بالردّ عسكرياً على قوات الأسد في حال تكرّر الهجوم على نقاط المراقبة التركية في إدلب.
حيث أنّ هذه التطورات اعتبرت بمثابة تحوّل خطير في قواعد الاشتباك المتداخلة بين القوى العسكرية النافذة في شمال غرب سوريا، كما أنّه يفتح الباب أمام احتمالات حقيقية لتطور الأمر إلى اشتباك عسكري مباشر ولو محدود بين القوات التركية وقوات الأسد في ظل تصاعد التوتر وتعقد معادلات الحلّ السياسية والعسكرية.
ومما رفع من خطورة الموقف، هو الخلافات التركية الروسية المتصاعدة حول الوضع في إدلب بالنسبة لطبيعة الحلّ العسكري في إدلب، ومستقبل الحل السياسي في عموم سوريا، واعتقاد تركيا الراسخ بأنّ نظام الأسد لا يجرؤ على القيام بأيّ خطوة عسكرية ضد القوات التركية بدون أيّ غطاء أو تغاضٍ روسي أو ضامنٍ إيراني.
وفي أبرز تجلّيات الخلاف التركي الروسي، أعلنت وزارة دفاع الاحتلال الروسية عقب الهجوم الأخير على القاعدة التركية أنّ طائرات حربية تابعة للاحتلال الروسي نفّذت غارات ضد إرهابيين بناء على إحداثيات منحتها تركيا للجيش الروسي، على حدّ زعمها.
ولكن على الفور، أصدرت وزارة الدفاع التركية بياناً موازياً نفت فيه صحة الادعاءات الروسية، وأكّدت أنّ تركيا لم تمنح جيش الاحتلال الروسي أيّ إحداثيات ليتمّ قصفها في إدلب.
ومع تفجّر موجة الاشتباكات الأخيرة في ريفي إدلب وحماة، تحدّثت مصادر عسكرية عن تقديم تركيا دعماً عسكرياً نوعياً لفصائل الثورة السورية والذي مكّنها من الصمود بشكل أكبر أمام محاولات قوات الأسد للتقدّم برّاً، ولاحقاً المبادرة بالهجوم على مواقع قوات الأسد وقواعد الاحتلال الروسية.
وعقب يوم واحد من تأكيد وزير الخارجية التركي “مولود جاوش أوغلو” أنّ الهجوم على القاعدة التركية نفّذه نظام الأسد بشكل متعمّدٍ وهدّد بالردّ عليه في حال مواصلته الهجوم، عاد “أوغلو” وأكّد يوم الجمعة القائت أنّ موسكو لا عذر لها لعدم ممارسة الضغط على نظام الأسد من أجل وقف ضرباته في شمال غرب سوريا.
وقال “أوغلو” في مقابلة تلفزيونية: “من هم ضامنو النظام في إدلب وسوريا بشكلٍ عام؟، روسيا وإيران، لا نقبل العذر القائل: لا يمكننا أن نجعل النظام يصغي لنا”.
وأضاف “أوغلو” قائلاً: “منذ البداية قلنا إنّنا ضامنو المعارضة، ولم تحدث أيّ مشكلة مع المعارضة المعتدلة”.
وعقب استهداف نقطة المراقبة التركية التاسعة اليوم الأحد قال “أوغلو”: “لا يمكننا قبول هذا العدوان لنظام الأسد، وهو مخالف لمذكرة إدلب التي أبرمناها مع روسيا، مضيفاً: “لا يمكن التسامح مع تحرّشات نظام الأسد بجنودنا، سنوقفه عند حدّه، على الجميع أن يعرفوا حدودهم”.
ويقول مسؤولون أتراك إنّ أنقرة لا ترغب على الإطلاق في الدخول في اشتباك عسكري مباشر مع قوات الأسد، كما أنّها لا ترغب في وصول الخلاف لمستويات أكبر مع موسكو، ولكنّهم أكّدوا على أنّ الجيش التركي لن يتردّد في الردّ على قوات الأسد في حال كرّرت هجماتها ضد نقاط المراقبة التركية، والتي باتت واقعة في وسط الاشتباكات، وتعيق التقدّم البري لقوات الأسد، الأمر الذي يجعل من إمكانية تكرار الحادثة أمراً وارداً وبقوة.
يذكر أنّ الجيش التركي ينتشر في 12 نقطة مراقبة في إدلب ومحيطها من أرياف اللاذقية وحماة وحلب، وذلك بموجب اتفاق خفض التصعيد الموقع مع موسكو وطهران، إضافة إلى تفاهمات أستانة وما لحقها من تفاهمات في سوتشي.