ياسين أقطاي: مأساةُ سوريا هي أزمةُ نظامِ الأسدِ مع الشعبِ السوري
أكّد السياسي التركي وأستاذُ علمِ الاجتماع ياسين أقطاي، أنَّ المشكلة في سوريا ليست في الواقع مشكلةً بين نظام الأسد وتركيا بل بين النظامِ والشعب السوري.
جاء ذلك في مقالٍ لـ”أقطاي” نشرَه في موقع “الجزيرة مباشر”، بعنوان “مأساةُ سوريا.. أزمةُ نظام مع شعبه”.
وأشار أقطاي إلى أنَّ البعض يحلو لهم “تصويرَ الأزمة في سوريا على أنَّها أزمةٌ بين نظام الأسد وتركيا، والحقيقةُ أنَّها أزمةٌ في الأساس بين النظام والشعب السوري، بل مع الإنسانية إنْ شئنا أنْ نكونَ أكثرَ دقّةً وموضوعيّةً“.
وأوضح أنَّ ما يجري في سوريا لا يمكن تجاهلُه بحجّةِ أنَّه من الشؤون السورية الداخلية، ولا يمكن التغاضي عنه ولا عن عشراتِ الآلاف من الناس المتضرّرين جرّاءَ الحرب، لأنَّ لهذه الحرب الأهلية تداعياتُها على المحيط الإقليمي.
ولفت إلى أنَّ “تركيا لم تتمكّن من إيقاف تدفّق اللاجئين إليها إلا من خلال إنشاءِ منطقة آمنةٍ للشعب السوري داخل سوريا، وهذا هو الحلُّ الذي أظهرته أنقرة ومهّدَ الطريقَ للعمل على بداية حلِّ الأزمة“.
وأضاف، “من خلال هذا التحرّك،ِ نجد اليوم أنَّ المناطقَ الخارجة عن سيطرة نظام الأسد وعن نطاقِ القوات الأمريكية، هي المناطق الأكثرُ أماناً في سوريا، وللمنطقة بل وللقارة الأوربية. فمنذ اللحظةِ التي دخل فيها هذا الحلّ حيزَ التنفيذ، لم نشهد موجةَ لجوء كبرى، بل على العكس، عاد قرابة 600 ألفِ لاجئ من تركيا إلى المناطق الآمنة في سوريا“.
وتابع بالقول “بغضِّ النظر عن نوع التقاربِ المحتمل بين أنقرة ونظام الأسد، فإنَّ هذا في حدِّ ذاته لن يكونَ كافياً لإنهاء المشكلة في سوريا، لأنَّ المشكلة بين النظام والشعب السوري، ولا يمكنُ حلُّها دون مقترحاتٍ وضمانات وخططٍ معقولة قابلةٍ للتنفيذ“.
كما أشار “أقطاي” إلى أنَّ “وجودَ تركيا لن يكونَ دائماً في المناطق التي تتواجد فيها حالياً في سوريا، لا سيما أنَّها تؤكّد باستمرار أنَّ هذه المناطق هي ملكٌ للشعب السوري ووحدة أراضيه“.
وأضاف “اليوم، ونتيجةً للأزمة المستمرّةِ منذ 12 عاماً، وفي المرحلة التي وصلت إلى طريق مسدودٍ، تؤكّدُ أنقرةُ احترامَها لوحدةِ الأراضي السورية في المفاوضات التي أجرتها تركيا عبرَ مبادرتها“.
واعتبر أنَّ “هناك حاجةً إلى مرحلة انتقالية يتمُّ فيها إعطاءُ ضمانات معيّنة تُمكن العملية الجارية من إعطاءِ الأمل والاهتمام بمستقبل الشعب السوري بأكملِه واللاجئين السوريين، بدلاً من توليد المخاوفِ والقلق”.
وتابع السياسيُّ التركي، “قلت سابقاً إنّه لا يمكن للنظام ولا لإيران وروسيا الشريكتين في ارتكاب المجازر في الأراضي السورية، تقديمُ هذه الضمانات. حتى لو ادّعت موسكو أو طهران قدرتَهما على تقديم ضمانات، لأنَّ الشعب السوري لا يثقُّ بهما“.
ولفت إلى أنَّ “البعضَ يحاول تجميلَ وجه بشار وتصويرَه وكأنّه ليس له يدٌ في كلٍّ ما جرى، وكأنَّه لم يرتكب كلَّ هذه المجازر بحقِّ شعبه الأعزل، والحقيقة أنَّ النظام هو المتسبّب بالأساس في وصول الأوضاع إلى ما آلت إليه، وأنَّ الأزمة السورية بين النظام والشعب السوري، وليست بين النظام وأيِّ نظام آخر“.
وختم “أقطاي” بالقول، “لكن لا يزال هناك أملٌ لحلّ الأزمة وعودة السوريين إلى أراضيهم، إذا ما تكاتفت جميعُ الجهود الإقليمية والدولية من أجل إيقاف سفكِ دماء الشعب السوري، والعمل على إعادة السوريين إلى أراضيهم بعزّةٍ وكرامة“.