الشركةُ الروسيةُ لمرفأِ طرطوسَ..تفرضُ عقوداً جديدةً على الموظفينَ السوريينَ
بعد أسبوعين على تسلّم شركة تابعة للمحتل الروسي لمرفأ طرطوس، بموجب عقد إيجار لمدة 49 عاماً، بدأ الخلاف يظهر حول طريقة التعامل الوظيفي مع عمال المرفأ.
ويعود الخلاف إلى اعتماد المحتل الروسي مبدأ “التشغيل بالعقود”، في حين يطالب نظام الأسد بضرورة التعاطي مع الموظفين وفق حالتهم الوظيفية السابقة والتي يخضعون بموجبها لقانون العمل الأساسي المعمول به في سوريا لموظفي القطاع العام.
وتفجّر الخلاف إثر استدعاء شركة “تي اس جي انجنيرينغ” الروسية، للعمال والموظفين السوريين، بوجود شركة “صدى” الوسيطة، ليتمّ إبلاغهم بضرورة إبرام عقود جديدة مع الشركة الروسية بوصفها المستثمر الفعلي للمرفأ، وأثار ذلك خشية العمال والموظفين من عدم إبرام عقود معهم، أو الاستغناء عن خدماتهم نهائياً.
ورغم هذا الواقع المحرج لنظام الأسد أمام شريحة من حاضنته، وما يترتّب عليها من إشكالات مطلبية وإدارية لاحقة، فقد غابت العنجهية المعهودة لديه في التعامل مع المستثمرين الخارجيين. إذ اقتصر ردّه على إطلاق تصريحات تذكّر الجانب الروسي بشروط الاتفاق، وتطلب منه عدم الإخلال بها، من دون توجيه أيِّ إنذار.
وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس اتحاد عمال طرطوس، أنّه “لن يسمح بالمسّ بحقوق العمال”، أكّد العديد منهم أنّهم اضطروا إلى إبرام “عقود إذعان” مع الشركة الروسية، ومُنعوا من تسلم نسخة من العقد الخاص بهم، كما منعوا من تصويره أيضاً. والعقود الموقّعة خالية من قيمة الرواتب والأجور.
من جهته، اكتفى رئيس نقابة عمال المرفأ، بدعوة العمال الـ3600، الدائمين والمؤقتين، إلى الامتناع عن توقيع العقود، معتبراً أنّها مخالفة لشروط الاتفاق مع الاحتلال الروسي، خصوصاً أنّه يتمّ إجبار العمال على تقديم إجازة بلا أجر، كشرط قبل توقيع العقود، داعياً “من يهمّه الأمر” إلى التدخل لتصويب الحال.
وكانت الشركة وفق دراسة قديمة نشرتها قناة “روسيا اليوم”، قد كشفت حال الترهّل الوظيفي والعمالي في المرفأ وخضوعه للبطالة المقنعة السائدة في سوريا. فالمكان الذي يحتاج إلى عامل واحد فيه ستة عمال، وطرحت في أحد حلولها إبقاء 36% من العمال على رأس عملهم وتحويل الباقي إلى مؤسسات نظام الأسد أو إحالتهم إلى التقاعد المبكّر.
الشركة الروسية أعلنت فور تسلّمها المرفأ في 9 تشرين أول الجاري، أنّها لا تعترف بجميع العقود المبرمة قبل هذا التاريخ، ومنها عقود الإيجار السابقة مع الشركات أو التجار أو الأفراد.
من جهتهم، لم يلحظْ التجار المتعاملون مع المرفأ أيَّ تغيير ايجابي في أنظمة التعامل معهم ومع بضائعهم بعد تسلّم الشركة الروسية للإدارة، بل أعربوا عن دهشتهم الكبيرة من سرعة انخراط الروس في شبكات الفساد، وطلب الرشاوى التي زادت قيمتها لوجود وسطاء جُدًد ومترجمين أيضاً.
وتتوزع نسب الرشاوي الجديدة وفق حصص مغايرة، يستحوذ فيها الروس على 75%، ويعود الباقي للوسطاء المحليين والموظفين المرتبطين بالإجراءات التابعة لكلِّ عملية على حدة.
التداعيات السلبية على عمال المرفأ ليست الأولى، فقد سبقتها تداعيات عمال معمل الأسمدة في حمص، عندما استعانت الشركة الروسية المستثمرة بشرطة الاحتلال الروسي العسكرية لضرب العمال واعتقالهم عند أول حركة احتجاج مطلبية، من دون أيِّ ردّ لنظام الأسد.
كذلك لن تكون الأخيرة في ظلّ توجّه نظام الأسد إلى بيع وتأجير وخصخصة القطاع العام لجهات داخلية وخارجية تحت مسميات الاستثمار أو التشاركية، غير أنّها في كلّ الأحوال ستزيد من عمق أزمته وتوسع الشرخ مع قاعدته الاجتماعية المرهقة أصلاً بفعل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة وتآكل فرص العمل.