تقريرٌ: هل تغيّرتْ السياسةُ التركيّةُ تجاه الملفِّ السوري؟
تناول تقريرٌ لموقع الحرّة الإخباري تطوّرات الموقف التركي تجاه الملفِّ السوري على خلفية تصريحاتٍ هامة أدلى بها وزيرُ الخارجية هاكان فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية.
وأشار التقرير الذي جاء تحت عنوانٍ “سياسةُ تركيا تجاه سوريا.. حيثياتُ موقفٍ لم يتغير”، إلى أنَّ تصريحات فيدان ضربت على وترٍ “حسّاس” لدى الكثير من المعارضين السوريين لكنَّها لم تحمل جديداً على صعيد سياسة بلاده تجاه الملفِّ السوري، وإنَّما على العكس أعطت صورةً أوضحَ لخارطة طريقٍ طويلة يتطلّب المُضي بها اتخاذَ “خطوة تلو خطوة”.
ولفت التقرير إلى أنَّ الموقفَ التركي الجديد يأتي في ظلِّ انسداد أفقِ التطبيع بين أنقرة ونظام الأسد، وبالتزامن مع إصرار النظام على شرطٍ مسبقٍ لدفع عملية الحوار، يتمثّل بانسحاب الجيشِ التركي من سوريا.
ويعتبر الكاتبُ والمحلّل السياسي، عمر كوش، أنَّ التصريحات التركية الحديثة المطلقة تندرج في الإطار العام للسياسة التركية، والنهجِ الذي تتولّاه “الخارجيةُ”، وتحديداً مع الجانب الروسي.
ونوّه كوش إلى أنَّ تصريحات وزير الخارجية التركي تشير إلى وجودِ “شرطِ”، يتمثّل بـ”الورقة الكردية”، على الرغم من أنَّ تصريحاته ذهبت باتجاه التأكيد على “استغلالِ نظام الأسد لحالة وقفِ إطلاق النار من أجل تحقيقِ السلام مع معارضيه”.
وعلى أساس ذلك، يتابع كوش،
قائلاً:
إنَّ “توحيدَ المعارضة والنظام يعني مكافحة قسدٍ ومنشئها الأساسي، وهو حزبُ العمال الكردستاني الذي له تأثيرٌ كبيرٌ على التشكيلات العسكرية والمدنيّة بشمال شرقِ سوريا”.
ويعتقد المحلّلُ السياسي، من جانب آخر، أنَّ “كلام فيدان الجديد موجّهٌ بالصورة العامة لنظام الأسد، وبشكلٍ مبطّنٍ للروس”.
بدوره، أوضح الباحثُ السياسي التركي، عمر أوزكيزيلجيك، أنَّ “الموقفَ التركي من العلاقة بين نظامِ الأسد والمعارضة السورية لم يتغيّر وهو على حاله منذُ سنواتٍ”.
وأشار أوزكيزيلجيك إلى أنَّ وزيرَ الخارجية التركي ذكرَ هذه النقطة (سلام النظام مع معارضيه) “ليؤكّد أنَّ تركيا بنّاءةٌ وداعمةٌ للحلٍ السياسي، لكنَّ المشكلةَ في النظام”.
ووفقاً للباحث فإنَّ السياسة التركية تجاه سوريا يمكن تلخيصُها في 3 فئات رئيسيّة، الفئة الأولى هي السعي إلى حلٍّ سياسي في سوريا، إذ تريد تركيا أنْ ينتهيَ الصراع هناك، وتعتقد أنَّ الحلَّ السياسي هو السبيلُ الوحيد للمُضي قدما.ً
أما الفئة الثانية فتتعلّق بـ”مكافحة الإرهاب”، مبيّناً أنَّ أنقرة “لن تسمحَ بإقامة دويلة للعمال الكردستاني في سوريا”، وتعتقد أنَّ “الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا الحالية تشكّل تهديداً لسلامة الأراضي السورية”.
كما تعتقد تركيا أيضاً أنَّ “الحفاظَ على وحدة الأراضي السورية سيضمن الأمنَ القومي التركي”، وفقَ أوزكيزيلجيك.
ويشير إلى أنَّ الفئةَ الثالثة تتعلّق بـ”تركيز تركيا على الهجرة”، ومساعيها لمنع موجاتٍ جديدةٍ من سوريا، و”تسهيلِ العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم”.
من جانبه، أشار الباحثُ في الشأن التركي، محمود علوش، إلى وجود “3 أهدافٍ وضعتها تركيا لسياستها الحالية في سوريا، من بينها دفعُ عمليةِ التسوية السياسية للصراع”.
ويرى علوش أنَّ “فكرةَ المصالحة بين النظام والمعارضة تنسجم مع مبدأ التسوية، التي تتطلّب من منظور تركي خطواتٍ مُتعدّدة، مثل إجراءِ انتخابات نزيهة ووضعِ دستورٍ جديد، وإعادةِ تشكيل المؤسسات الأمنيّة والعسكرية”.
وسبق أنْ تبنّت أنقرة النهج المذكور، منذ أنْ شرعت في حوار مع النظام قبلَ أكثرَ من عامٍ ونصف، بحسب علوش.
ويرى علوش أنَّ “استمرارَ الصراع السوري أصبح يُشكّل عبئاً كبيراً على تركيا على مستوى ملفّي الأمن واللاجئين”.
ويقول إنَّ أنقرة “تُدرك أنَّ إنهاءَ هذا الصراع يتطلّبُ في نهاية المطاف تسويةً سياسيةً، وهذا ما لا يُمكن تحقيقُه من دون أنْ يقبلَ النظامُ بمبدأ التسوية والانخراطِ في هذه العملية”.
ولفت علوش إلى أنَّ مشكلةَ التسوية السياسية تكمن في نظام الأسد وليس في المعارضة، والأتراك يعرفون ذلك تماماً.