دقيقة صمت يكشف كيف انقلب حافظ الأسد على رفاقه واستبد بالحكم عبر تضمينات سرية (صور)
مع استمرار عرض المسلسل السوري “دقيقة صمت” خلال شهر رمضان الجاري، وما أثاره هذا المسلسل من جدلٍ حادٍ، وخاصةً بعد إعلان كاتبه المعارض “سامر رضوان” عن أنّ هذا المسلسل هو تحدٍ بشكل مباشر للسلطة الحاكمة في دمشق، والتي يقصد بها نظام “بشار الأسد”.
حيث كتب الناشط السوري المعارض “مصطفى يعقوب” مقالاً على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك، وكان قد شرح من خلاله رمزيات ذلك المسلسل، رامياً بعض الإسقاطات التي قصدها كاتب المسلسل ومخرجه وفق رأي “يعقوب”.
واصفاً بأنّ الكاتب هو شخص عبقري استطاع بمكره أن يخادع رقابة النظام الصارمة على الأعمال الفنية التي يتمّ تصويرها داخل البلاد، من خلال أحداث وأشياء جانبية تبعث برسائل عن واقع المسلسل وعن الفترة الحقيقية التي يسردها.
ويقول “مصطفى يعقوب” بأنّه كان يفضّل انتهاء العمل حتى يكتب عنه، ولكنه رأى أنّه في الحلقة الـ 27 كان قد وجب عليه أن يوجّه المشاهد العربي والسوري لرمزيات قصة المسلسل وأبعادها، والتي أراد الكاتب “سامر رضوان” والمخرج “شوقي الماجري” الإشارة لها.
في حين أنّ وزارة الإعلام التابعة لنظام الأسد كانت قد أكّدت في وقت سابق أنّ نهاية العمل ستحمل معاقبة لجميع الفاسدين في النظام وأنّ السلطة الحاكمة في دمشق دائماً يوجد فيها الصالحون الذين يسعون لمحاربة الفساد والتجاوزات، على حدّ زعمها.
ونبّه “يعقوب” إلى أنّ مواقع تصوير المسلسل في الدوائر الحكومية مثل السجن ومكاتب الضباط ومكاتب المسؤولين، كانت قد خلت من صور “بشار الأسد” وهذا دليل واضح عن كون المسلسل يرمز إلى فترة ما قبل حكم عائلة الأسد، وليس كما تمّ ذكره في المسلسل بأنّ الفترة هي شباط 2010.
فمنذ الحلقة الأولى للمسلسل ما أثار حفيظة “يعقوب” هو إضافةً لعدم وضع صور لـ “بشار الأسد”، وجود سلسلة كتب “فتح الباري في شرح صحيح البخاري”، و التي تقصد إظهارها على رفّ مكتب مدير السجن والذي يلعب دوره الممثل “جهاد سعد”، وذلك لإظهار أنّ ضباط ذلك الزمن كانوا من الغالبية السنية، وهم من حزب البعث اليميني، والذين كانوا واجهات غبية في أحداث المسلسل.
حيث أنّ الفترة الحقيقية لأحداث المسلسل هي تحديداً عام 1967، وهو عام النكسة والتي أرادت حينها القيادتين القومية والقطرية أنّ تضحي بـ “حافظ الأسد” الذي يلعب دوره العميد “عصام شاهين” في المسلسل، ولكنّ “حافظ الأسد” قلب الطاولة عليهم وهم: “صلاح جديد، عبدالكريم الجندي، نور الدين الأتاسي، يوسف زعين وإبراهيم ماخوس”، وسرعان ما زجّهم في السجون واستبدّ بالحكم.
وفي الحلقة الـ 27 تمّت الإشارة بوضوح لعملية الانقلاب تلك، من خلال احتجاز العميد “عصام شاهين” الذي يلعب دور شخصية “حافظ الأسد”، لعدّة مسؤولين كبار في البلد، وكلّ ذلك حصل بمساعدة العميد “جبران” الذي يلعب دوره الممثل “طارق مرعشلي” والذي يشير إلى الدور الذي لعبه العماد الراحل “مصطفى طلاس” رئيس الأركان في ذلك الوقت إلى جانب “حافظ الأسد”.
حيث أنّ كاتب المقال بدأ يهمل دور الممثل “عابد فهد” الذي أظهره الكاتب بمظهر الغبي، كون “عابد فهد” حمل المشروع على عاتقه، حيث رأى الكاتب أن البطل الحقيقي للمسلسل هو الممثل “خالد القيش”، الذي يلعب دور العميد “عصام شاهين”.
و”عابد فهد” وقع ضحية التفاف من الكاتب، عندما أوهمه نص المسلسل أنّ دوره بشخصية “أمير ناصر” هو دور البطولة المطلقة، وأنّ شخصية “أمير ناصر” وفق ما أراد الكاتب أن يظهره لا ترمز سوى للسلطة الدينية التي أسسها “حافظ الأسد” والتي هي متواطئة معه وداعمة له، والتي تسيطر على شريحة جماهيرية كبيرة من الشعب السوري الذي تمّ إغراقه بالجهل والخزعبلات وأغلبهم من طائفته.
يشار إلى أنّ اللفتة الذكية من الكاتب “سامر رضوان” هي استبدال الاسم الثاني لحافظ وهو “الأسد” بالاسم الثاني لعصام وهو “شاهين” والذي هو الآخر حيوان جارح ولكن بجناحين، والأذكى هو المكياج الذي رسم على ملامح العميد “عصام” فجعل منه ذو جبهة عريضة وشعر أسود خفيف وعينان تبرقان بالمكر والدهاء كما هو موضّح بالصورة.
حيث أنّ العميد “عصام” يشبه لحدٍ كبير بعد عمليات المكياج وجه “حافظ الأسد”، فكيف ينسى ذلك الوجه المشؤوم الذي كان مطبوعاً حتى على الدفاتر المدرسية منذ الطفولة.
وختاماً يرى “مصطفى يعقوب” أنّ مسلسل “دقيقة صمت” هو سيرة تاريخية عن قصة استيلاء وسيطرة “حافظ الأسد” على سوريا، ولكن مقدّمة بطريقة رمزية فنية ذكية، استطاعت أن تتجاوز الرقابة الأمنية داخل سوريا، بل وتصوّر المسلسل على الأراضي السورية، وهذا ما لم يحدث بكلّ تاريخ سوريا المنصرم.