صحيفةٌ تكشفُ عن العرضِ الأمريكي الحاسمِ لتركيا بشأنِ مصيرِ المنطقةِ الآمنةِ وحلفائِها الأكرادِ في شرقِ سوريا
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أنّ إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أطلقت جهداً أخيراً من أجل تجنْب العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، والتي من المتوقّع أنْ تبدأ خلال الأسبوعين المقبلين.
حيث أفادت الصحيفةُ في تقريرها إلى أنّ وفد وزارة الدفاع الأمريكية قدّم ما يصفه المسؤولون الأمريكيون بـ “العرض الأخير”، لمعالجة مخاوفِ تركيا الأمنية في الاجتماع الذي عُقد يوم أمس الاثنين في العاصمة التركية أنقرة.
حيث تضمّن العرضُ الأمريكي لأنقرة: “القيامُ بعملية عسكرية أمريكية تركية مشتركة، لتأمين شريط جنوبي الحدود السورية التركية، بعمق 9 أميال وبطول 87 ميلاً، على أنْ يتمّ سحب المقاتلين الأكراد منه”.
كما وتضمّن العرضُ الأمريكي “أنْ تقومَ القواتُ الأمريكية والتركية بموجب هذه العملية، بتدمير التحصيناتِ الكردية، وحراسةِ المنطقة الواقعة في الثلث الأوسط من الحدود الشمالية الشرقية، بين نهر الفرات والعراق، على أنْ يتمّ توضيحُ الأمور بشأن الثلثين المتبقيين في وقت لاحقٍ”.
وفي المقابل، رفضتْ تركيا هذا العرضَ مع إصرارها على إقامة منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً على الأقل، مع تفضيلها السيطرة عليها لوحدها، وخاصةً بعد التهديد الشديد اللهجة الذي وجّهه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بخصوص شنّ عملية عسكرية في شرق الفرات، وإنّه أبلغ الروس والأمريكان بذلك.
حيث ترى الصحيفةُ أنّ فشلَ الجهد الأمريكي الأخير قد يرمي بالمنطقة المدمّرة بالحرب نحو اضطرابات أعمق، ما يعرّض جهودَ طرد بقايا تنظيم “داعش” للخطر، فضلاً عن هدف “ترامب” المنشود حول سحب القوات الأمريكية من سوريا.
وفي حين أنّها ليست المرّة الأولى التي تهدّد فيها تركيا بالعملية العسكرية هذه المنطقة، إلا أنّ التهديدَ في هذه المرّة حقيقيٌ ووشيك، وفق ما أكّد مسؤولون أمريكيون وأكراد وأوروبيون، تحدّث بعضُهم لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، شريطةَ عدمِ الكشف عن هويتهم.
وسبق أنْ أوضحت الإدارة الأمريكية أنّه إذا رفضت تركيا الجهد الأمريكي الأخير، وفي ظلّ السلطات الممنوحة للكونغرس حالياً، فإنّها لا تستطيع التدخلَ لحماية حلفائها المقاتلين الأكراد.
وفي المقابل، حذّر الأكرادُ من أنّ أيِّ صراعٍ مع تركيا قد يجعلهم عاجزين عن حماية السجون الموقتة شرقي سوريا، والتي يُحتجز فيها عناصر وقيادات من تنظيم “داعش”، حيث كان قد قال القيادي الكردي في حزب PYD “آلدار خليل” في هذا الشأن: “إما أنْ نحاربَ الأتراك أو نحرسَ السجون، حيث لا يمكننا القيامُ بالأمرين معاً”.
يشار إلى أنّ مباحثاتٍ ومفاوضات عديدةٍ سابقة جرتْ بين الجانبين التركي والأمريكي لحلِّ مسائل الخلاف حول المنطقة الآمنة وتكثّفتّ اللقاءاتُ والاتصالات خلال الأسابيع القليلة الماضية دونَ الوصول إلى تفاهمٍ حولها حتى الآن، وكانت قد شدّدتْ أنقرة مؤخّراً على أنّ صبرَها قد نفذَ من المراوغةِ الأمريكية بخصوص المنطقة.