مسؤولٌ أمميٌّ.. أعدادُ الضحايا في سوريا يكشفُ بوضوحٍ شديدٍ انعدامَ الحمايةِ للمدنيينَ
قال رئيسُ لجنة التحقيق التابعةِ للأمم المتحدة حول سوريا، “باولو بينيرو” إنَّ أعدادَ الضحايا المدنيينَ الذين قتلوا في سوريا منذ العام 2011 تكشفُ بوضوحٍ شديد انعدامَ الحماية بالنسبة للمدنيين، وأعرب عن أسفِه للمعايير المزدوجة فيما يتعلّقُ باستضافة اللاجئينَ السوريين وأقرانِهم الأوكرانيين.
جاء ذلك في مقابلةٍ لرئيس لجنة التحقيقِ الأممية حول سوريا مع شبكةِ “يورونيوز”، أوضح خلالها أنَّ الأرقامَ الضحايا المدنيين السوريين التي ذُكرتْ في التقرير الأممي الذي نُشٌرَ الأسبوعَ الماضي تُبيّن مدى الخطورة التي تهدّد حياة المدنيين السوريين، وهي لا تشتملُ على القتلى من الجنود والمقاتلين الذين سقطوا في الحرب.
وجاء في التقرير الذي أصدرَه مكتبُ حقوق الإنسان التابعُ للأمم المتحدة أنَّ أكثرَ من 300 ألفِ مدنيٍّ قُتلوا في الحرب التي تشهدُها سوريا منذ آذار من العام 2011، وهو ما يشكّل 1.5 بالمائة من عددِ السوريين قبل اندلاعِ الحربِ في بلادهم.
ويشير التقريرُ الأممي الذي نُشر الأسبوع الماضي، إلى أنَّ 35.1 بالمائة من أولئك القتلى المدنيين قضوا بسبب “الأسلحةِ المتعدّدةِ” التي تشتمل على كمائنَ واشتباكاتٍ ومذابحَ، بينما قضى 23.3 بالمائة جرّاءَ الأسلحة الثقيلة، علماً أنَّ التقرير يتحدّث عن المدنيين الذي قضوا جرّاءَ الحربِ وليس أولئك الذي ماتوا بسبب الجوعِ ونقصِ الرعاية الصحية.
ويقول “بينيرو”، “الأمرُ الذي يكشفه التقريرُ بوضوح شديدٍ هو انعدام الحماية بالنسبة للمدنيين”، مضيفاً “لا يوجد فصيلٌ أو طرفٌ في الصراع بسوريا يكترث لمسألة حماية أرواحِ المدنيين، هذا هو الواقع”.
في سياق آخر، أعرب “بينيرو” عن أسفه للمعايير المزدوجة فيما يتعلّقُ باستضافة اللاجئين، ذلك أنَّ ثمَّةَ فارقٍ كبيرٍ على صعيد المعاملة بين اللاجئين السوريين وأقرانهم الأوكرانيين، قائلاً، “لن أنتقدَ أو أعترضَ على الدعم السخي الذي تقدّمُه أوروبا للاجئين الأوكرانيين، لكنَّني، وأنا الذي أعملُ ضمن إطار الملفِّ السوري منذ بدايةِ الأزمة قبل 11 عاماً، أرى أنَّ ثمَّة ما يثير الإحباطَ عند رؤية هذا التباين في المعاملة، ذلك أنَّ هناك انفتاحاً وكرماً تجاه الأوكرانيين، وأنا لا أنتقدُ هذا الأمر إطلاقاً، لأنَّهم يستحقّون ذلك، لكنّي أتمنّى من كلِّ قلبي أنْ يُصارَ إلى تطبيق المعاملة ذاتِها على اللاجئين السوريين”.
وحول إمكانية إحالةِ مرتكبي جرائم الحرب في سوريا إلى العدالة الدولية، يشير “بينيرو” إلى أنَّ المحاكمَ في العديد من البلدان تتولّى زمامَ المبادرة بهذا الشأن.
وأوضح، “منذ 11 عاماً نصرُّ على ضرورة مقاضاةِ مرتكبي جرائمِ الحرب والجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدولية، ولكن نجد أنَّ هذه المحكمةَ غيرُ قادرة على التحقيق في الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها أطرافُ النزاع في سوريا بحقِّ المدنيين، وذلك بسبب فشلِ مجلس الأمن في إصدار قرار وفقاً للفصل السابعِ من ميثاق الأمم المتحدة، بسبب حقِّ الفيتو الذي عادةً ما يستخدمه عضو أو اثنين من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن ما أحبط كافةَ مشاريعِ القرارات ذات الصلة”.
ويضيف “بينيرو” أنَّه “وعلى ضوء تعثّرِ تحقيقِ العدالة الدولية بحقِّ منتهكي حقوقِ الإنسان في سوريا، أخذت بعضُ الدول الأوروبية زمامَ المبادرة، وفتحت محاكمَها للفصل في دعاوى جرائمِ حربٍ وجرائم ضدَّ الإنسانية تقدّمَ بها ذو الضحايا أو منظمات حقوقية سورية وأجنبية، ولعلَّ ألمانيا في هذا هي المثال الأبرز، إذ إنَّها تطبّق المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية الذي يسمحُ لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم، بغضِّ النظرِ عن جنسيتهم أو مكانِ ارتكاب الجرائم”.