نظامُ الأسدِ وحزبُ اللهِ مرتبطانِ بشكلٍ مباشرٍ بأزمةِ الدولارِ المفتعلةِ في لبنانَ
للمرّة الأولى منذ 35 سنة يسجل سعر صرف الدولار الأمريكي في الأسواق اللبنانية 1600 و1700 ليرة لبنانية للدولار الواحد، لتهتزّ بذلك منظومة استقرار سعر الصرف والتي شكّلت أساساً لإعادة إعمار لبنان ما بعد الحرب، وخلال فترة الازدهار الاقتصادي والاجتماعي.
كما شكّلت هذه المنظومة خط الدفاع الأول المالي في وجه الأزمات السياسية والحروب التي عصفت بلبنان خلال الفترة الماضية، وفي ظلّ توقعات بمزيد من ارتفاع سعر الصرف في الأيام المقبلة تكثر التساؤلات حول مصير الاقتصاد اللبناني، وودائع العملاء، والقدرة الشرائية للمواطن.
حيث برزت في الأيام القليلة الماضية تصريحات عدّة لحاكم مصرف لبنان “رياض سلامة” مؤكّداً أنّ “المصرف المركزي اللبناني يمتلك احتياطاً مهمّاً من الدولار، وأنْ لا أزمة لتوافره في المصارف، وأنّ قانون النقد والتسليف لا يسمح لمصرف لبنان بالتدخّل في سوق الصيرفة الحرّ في لبنان”.
وأصدر “سلامة” وبعد تهديدات بإضرابات في قطاع المحروقات، وتراجع في احتياطي القمح، تعميماً أكّد من خلاله، أنّ “المصرف المركزي سيؤمّن الدولار بالسعر الرسمي إلى الشركات المستوردة للنفط والقمح والأدوية لتفادي أزمة في تأمين السلع الأساس في السوق اللبنانية”.
ولم تكدْ تظهر أولى علامات ارتفاع الطلب على الدولار في السوق، وتراجع العرض حتى بدأت المضاربة على الليرة اللبنانية، فعمد البعض إلى تحويل أموالهم من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأمريكي في المصارف بالسعر الرسمي عند 1515 ليرة لبنانية للدولار الواحد، ومن ثم سحبها وبيعها إلى الصرّافين بأسعار أعلى ليعودوا إلى إيداع الليرة اللبنانية في حساباتهم.
حيث أنّ هذه العمليات تنبهت لها المصارف، فأوقفت كلّ التحويلات من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأمريكي داخل البنوك وعبر الصرافات الآلية، كما آثرت عدم قبول الشيكات المصدّرة بالدولار على الودائع بالليرة.
وفي المقابل، أظهرت بيانات الجمارك اللبنانية وبوضوح أنّه خلال العام 2018 استورد لبنان ما قيمته 4 مليارات دولار من المشتقات النفطية، فيما وخلال 7 أشهر فقط من العام 2019 بلغت قيمة ما استورده لبنان من المشتقات النفطية حوالي 4.2 مليار دولار، أي إنّه وبهذه الوتيرة ستصل قيمة الفاتورة النفطية إلى أكثر من 7 مليار دولار في نهاية هذا العام.
حيث لا يتمّ تبرير ارتفاع الاستيراد إلا التهريب إلى مناطق نظام الأسد المجاورة للبنان، والتي ترزح تحت العقوبات الأمريكية، ما جعل وصول المشتقات النفطية إلى مناطق نظام الأسد من الأمور الصعبة.
وما فاقم أزمة المحروقات في سوريا توقّف إيران عن إمدادها بالنفط، وانعكست الأزمة السورية على الداخل اللبناني عبر ارتفاع فاتورة استيراد المحروقات وارتفاع الطلب على الدولار الذي أيضاً وبحسب المحليين أصبح يهرّب إلى سوريا، فالتجار السوريون يلجؤون إلى السوق اللبناني لتمويل تجاراتهم الخارجية.
ليدخل لبنان مرحلة الخطر الحقيقي بعد ذلك، فبدأت دعوات النزول الى الشارع لإسقاط الحكومة، كما شكّلت صور زحمة السيارات على محطات البنزين عاملاً استفز اللبناني الذي استعاد مرحلة الحرب الماضية، إذاً الانفجار ليس ببعيد والفشل الحكومي في إدارة ملفات البلد بات واقعاً، فالوقت كما الدولار أصبح يُستنزف.