وزيرُ الدفاعِ التركي: ليستْ لدينا نيّةٌ لمواجهةِ روسيا في سوريا
قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إنّ تركيا ليس لديها النيّة لخوض مواجهة مع الاحتلال الروسي في سوريا، مشدّدًا أنّ جُلّ ما تسعى إليه أنقرة هو التزام نظام الأسد بوقفِ إطلاق النار.
وأكّد “أكار” خلال مقابلة أجرتها معه قناة “سي إنْ إنْ تورك”، أمس الخميس، تحدّث فيها عن مستجدات الأوضاع في محافظة إدلب, أنّ أنقرة بذلت وتواصل بذلَ كافة الجهود لمنع وقوع مواجهة بين القوات التركية مع الاحتلال الروسي في سوريا, وشدّد على أنّ “جُلّ ما نريده هناك (إدلب)، هو التزام النظام بوقفِ إطلاق النار”.
وأوضح أنّ تركيا لم تغيّرْ موقفها حيال الشأن السوري، وأنّ أنقرة تُوفي بمسؤولياتها وتتطلّع إلى التزام الأطراف الأخرى بمسؤولياتها في هذا الإطار, وأشار إلى أنّ حدود منطقة خفض التصعيد في سوريا واضحة، بموجب مذكّرة التفاهم التي تمّ التوصّل إليها في سوتشي، مشدّداً على ضرورة التقيّد بهذه الحدود.
وأضاف أنّ الجانب التركي يدعو الاحتلال الروسي في الاجتماعات الثنائية إلى استخدام نفوذه على نظام الأسد لمنعه من انتهاك حدود منطقة خفض التصعيد، وإرغامه على الالتزام بمذكرة تفاهم سوتشي, وشدّد أكار أنّ مباحثات بلاده مع الجانب (الروسي) حِيالَ إدلب مستمرّة وستستمر.
وبيّن الوزير أكار أنّ ملايين الناس في إدلب يواجهون ظروفاً إنسانية صعبة، تحت وطأة البرد الشديد، وأنّهم يحاولون التشبث بالحياة في ظروف الطقس القاسية, وأكّد أنّ المستشفيات تُستهدَفُ في إدلب، مضيفاً: “لذا فليس هناك تغييرٌ في موقفنا، فمطالبنا واضحة للغاية”.
وأضاف أنّ نظام الأسد يصف قرابة 4 ملايين إنسان في إدلب بالإرهابيين، مبيّناً أنّ ذلك إنْ دلّ فإنّما يدلّ على إفلاس نظام الأسد.
وتابع: “النظام يصف جميع معارضيه بالإرهابيين، ولا يمنحهم حقَّ الحياة، ويقتل الناس برّاً وجوّاً بما فيها البراميل المتفجّرة دون تفريق، وهذه مجزرة”.
وأوضح أكار أنّ تركيا وقفت إلى جانب المظلومين عبر التاريخ وستواصل الوقوف، مضيفاً: “وجودنُا مستمرٌ هناك (في إدلب) بهذا الإطار، ونطالب الالتزام بمذكرة تفاهم سوتشي”, وشدّد أنّ تركيا تطالب نظام الأسد بالانسحاب إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية في المنطقة، مبيّناً أنّ لتركيا 12 نقطة مراقبة.
وأكّد أنّ تركيا ستلجأ إلى القوة إنْ اضطرت، لتحقيق وقْفِ إطلاق النار في المنطقة، بموجب المادة الخامسة من تفاهم أستانا حول سوريا, وأوضح أنّ المادة الخامسة تنصّ على أنّ “الأطراف ستتّخذ تدابير إضافية للحدِّ من التوتّر في منطقة خفض التصعيد بإدلب”.
وأكمل: “ونحن في هذا السياق سنحقّق وقْفَ إطلاق النار عبْرَ إرسال وحداتنا العسكرية إلى هناك واستخدام القوة إنْ لزم الأمر، ضدّ كلَّ من ينتهك وقفَ إطلاق النار كائناً من كان”.
وذكر أكار أنّ الهجمات على إدلب منذ أيار الماضي، أسفرت عن استشهاد أكثر من 1500 شخصٍ، وإصابة نحو 5 آلاف آخرين، وتهجير أكثر من مليون من مناطقهم.
وأضاف أنّ تركيا استقبلت نحو 4 ملايين لاجئ سوري، وأنّ زيادة التصعيد في إدلب سيؤدّي إلى حدوث موجة هجرة جديدة لا يمكن لتركيا مواجهتها.
ولفت أنّ موجة الهجرة الجديدة ستؤثّر أيضاً على أوروبا والولايات المتحدة، مؤكّداً أنّ جهود تركيا بهذا الصدد لا تأتي فقط من مصالحها المشروعة وحسب، وإنّما تأتي في صالح السوريين والمنطقة وأوروبا والولايات المتحدة.
وبخصوص احتمالية القيام بعملية عسكرية جديدة بإدلب في حال عدم انسحاب قوات الأسد إلى خلف نقاط المراقبة، قال أكار: “لقد أعطى الرئيس أردوغان، التعليمات بهذا الخصوص، وبدورنا قمنا بوضع الخطط A و B و C حول إدلب، وسنبدأ بتطبيق الخطط في المكان والزمان المناسبين”.
وتابع: “نعلم أنّ روسيا تدعم نظام الأسد، وليس لدينا أيُّ نوايا للدخول في مواجهة مع موسكو، فهدفنا هو نظام الأسد المخالف لوقفِ اطلاق النار”, وأشار إلى وجود حوار بنّاء بين القوات التركية والروسية في المنطقة وتبادل للأفكار والمعلومات في كلِّ وقتٍ.
وأشار إلى أنّ جهود صياغة الدستور متواصلة، وتوقعات تركيا هو إجراء انتخابات بعد انتهاء عملية صياغة الدستور، ليتمَّ تمثيل الجميع في إطار حكومة سورية شرعية، وتأسيس دولة تنعم بالاستقرار وتحترم قيم الديمقراطية.
وردّاً على سؤال حول تصريحات روسية بأنّ “تركيا لم تفِ بمسؤولياتها في إدلب”، لفت أكار إلى أنّ بلاده بذلت جهوداً مكثّفة في المنطقة بين 15- 20 كيلومتر التي سيتمّ نزعُ السلاح منها وفقاً للاتفاقية.
وأضاف أنّ نظام الأسد انتهك هدنة وقْفِ إطلاق النار مرّات متكرّرة، الأمر الذي أجهض الجهود المبذولة في المنطقة، مبينًا أنّه لم تتمّ الاستجابة لطلب تركيا استخدام المجال الجوي في المنطقة بشكلٍ كاملٍ.
وأشار إلى أنّ هناك مشاكل حدثت بسبب عدم استخدام بلاده المجال الجوي في المنطقة، مبيّناً أنّ المباحثات مستمرة من أجل استخدام تركيا للمجال الجويّ هناك.
وردّاً على سؤال حول “ماذا سيحدث لو وقعت مواجهة بين تركيا وروسيا؟”،أجاب أكار “ليست لدينا نيّة أو رغبة لحدوث مواجهة مع روسيا، ولا يوجد شيء من هذا القبيل، بذلنا ولا زلنا نبذل كلَّ ما بوسعنا للحيلولة دون حدوث ذلك”.
وأضاف: “إنّ كلَّ ما في الأمر بالنسبة لنا هو التزام نظام الأسد بوقفِ إطلاق النار هناك، وانتهاء الظلم والأذى الذي يمارسه على سكان المنطقة، وبذلك نمنع التطرّف وتدفّق موجات النزوح، وهذا ما أكّدناه بكلِّ وضوح”.
ولفت إلى أنّهم اتخذوا كافة التدابير من أجل أمن وسلامة الجنود الأتراك في المنطقة.
وبخصوص موعد انسحاب الجيش التركي من إدلب، أشار أكار أنّ ذلك سيكون بعد أنْ يتمّ تنظيم انتخابات ديمقراطية بمشاركة الجميع في سوريا، وتشكيل حكومة شرعية.
ولفت إلى أنّ عدداً كبيراً من الدول تُدرك ما يحدث من مأساة إنسانية في إدلب، وتقدّر ما تقوم به تركيا في المنطقة، مؤكّداً أهمية أنْ تقدّم تلك الدول دعماً ملموساً بهذا الصدد وأنْ لا تكتفيَ بالتصريحات.
وحول سؤال عن إمكانية تقديم دعمٍ أمريكي محتملٍ، نفى الوزير أنْ يكونَ هناك دعم بالجنود على الأرض في إدلب، لافتاً إلى “إمكانية أنْ تقدّمَ واشنطن دعمًا عبْرَ بطاريات باتريوت، لأنّ هناك تهديدات صاروخية موجّهة نحو تركيا، كما أنّ أمين عام الناتو لديه تصريحات بهذا الصدد”.
ولوح أكار إلى أنّ الناتو قد يكون له خطط وتحرّكات خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى إمكانية أنّ تقدّمَ دول أوروبية أخرى بطاريات باتريوت.
وأكّد أنّ تركيا واحدة من أقدم الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وتؤدّي مهامها ومسؤولياتها دون أيِّ نقصانٍ، موضّحاً بالقول: “نحن في الناتو، ونواصل وجودنا فيه”.