الممثّلُ الأعلى للاتحادِ الأوروبي: الانتخاباتُ الرئاسيّةُ لن تؤدّيَ إلى التطبيعِ مع نظامِ الأسدِ
كشف الممثّل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية “جوزيب بوريل” سياسة الاتحاد الأووربي في سوريا في وقت تزداد الضغوط الاقتصادية على السوريين ليصل 90% إلى ما دون خط الفقر، وتحضر نظام الأسد إلى انتخابات رئاسية، نتائجها محسومة لرأس نظام الأسد، ومع انسداد أفق الوصول إلى حل سياسي.
وأكد “بوريل” في حديث لـ”عنب بلدي” موقف الاتحاد الأوروبي الثابت, أنه ” لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع. هناك العديد من الجهات الأجنبية المتورطة في أزمة الصراع السوري، لكن أيًا منها لا يملك مفتاح الأزمة. يعود الأمر للسوريين، ولجميع السوريين يجب أن أقول، لحل هذا الصراع، تحت رعاية الأمم المتحدة والقرار 2254″.
وأضاف, “نحن جيران سوريا. رؤيتنا لها بسيطة: نريدها آمنة لشعبها ومستقرة. ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان هناك حل سياسي شامل وإنهاء للقمع. وهذا لا يعني أشخاصًا مدّمرين يعيشون في بلد مدمر. هذا يعني الاستقرار المستدام. وهذا يعني إعادة بناء البيت السوري على أسس جديدة، مما سيحول دون انهياره مرة أخرى. كيف تتم إعادة البناء، على أي أسس بالضبط، هي أمور يقررها السوريون”.
وحول الانتخابات الرئاسية التي سيجريها نظام الأسد, وإمكانية مشاركة اللاجئون والنازحون فيها بمراقبة أممية, أوضح “بوريل”, أن “الاتحاد الأوروبي يقدم الدعم للعمليات الانتخابية في كل مكان في العالم, وسنكون مستعدين لدعم الانتخابات في سوريا أيضاً. ولكن، إذا كنا نريد انتخابات تساهم في تسوية الصراع، يجب أن تعقد وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتسعى إلى تلبية أعلى المعايير الدولية: يجب أن تكون حرة ونزيهة، ويجب أن يسمح لجميع المرشحين بالترشح واجراء الحملات الانتخابية بحرية، وهناك حاجة إلى الشفافية والمساءلة, ويجب أن يكون بإمكان جميع السوريين، بمن فيهم مَن في الشتات، المشاركة”.
وأشار أنه لا يمكن لانتخابات نظام الأسد في وقت لاحق من هذا العام أن تفي بهذه المعايير، وبالتالي لا يمكن أن تؤدي إلى تطبيع دولي مع النظام.
ورأى “بوريل” أن “الدول العربية شريكًا أساسيًا في إرساء سلام دائم في سوريا. بالطبع، في نهاية المطاف، يجب على سوريا أن تعود إلى العائلة العربية. ولكننا نعتقد أن هذا ينبغي أن يتم فقط عندما يكون الانتقال السياسي جاريًا على نحو راسخ. الانتخابات المقبلة التي لا تتماشى مع 2254 لا يجب أن تؤدي إلى التطبيع”.
وعن العقوبات الأوربية التي تستهدف نظام الأسد أكد الدبلوماسي الأوروبي أن العقوبات التر فرضها الاتحاد “تستهدف في معظمها الأفراد والكيانات الذين شاركوا في القمع أو ساعدوا في تمويله. وهي مصمَّمَة لكي لا تضّر السوريين، ولا تمنع التجارة المشروعة، ولا تؤثّر على المساعدات الإنسانية. لم يتغير نهج الاتحاد الأوروبي وعقوباته نفسها منذ أن فرضناها لأول مرة في عام 2011. فكيف يمكن لها أن تكون سبب دوامة الهبوط في العامين الماضيين!”.
واضاف “نحن ندرك تمامًا الوضع الاقتصادي في سوريا. والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الدول الأعضاء، هو إلى حد بعيد المانح الرئيسي لمعالجة عواقب سنوات الحرب العشر. لقد قدمنا ما يقرب من 25 مليار يورو بالكامل لمعالجة عواقب الأزمة، داخل سوريا وفي المنطقة. هذا مبلغ ضخم من المال. بالطبع كنا نفضل إنفاق تلك الأموال لإعادة بناء البلاد واستثمارها على الأمد البعيد. ولكن كان علينا أن ندعم السوريين، واللاجئين السوريين، والبلدان والمجتمعات المحلية التي تتحمل عبء استضافتهم”.
وتابع, “لقد شهد الاقتصاد السوري سقوطًا حرًا منذ أواخر عام 2019. هناك أسباب عديدة وراء ذلك: سوء الإدارة، والموقف المفترس للمقربين من النظام، وربما أهمها في الآونة الأخيرة، عواقب الأزمة اللبنانية، وجائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)”.
وعن الأثر الذي يتوقعه الاتحاد الأوروبي من دفع عمليات المحاكمة والملاحقة لمجرمي الحرب السوريين في المحاكم الأوروبية, أوضح “بوريل” أن “العديد من الفظائع التي ارتكبت في سوريا منذ عام 2011 مؤهلة لتكون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وسوف يسعى الاتحاد الأوروبي بلا هوادة إلى المساءلة عن هذه الأعمال. ونحن نرى أن هذا هو الأساس الذي لا غنى عنه للمصالحة الوطنية ومن أجل تحقيق سلام دائم في سوريا”.
وأكد أن الاتحاد الأوروبي سيواصل “دعم الجهود الرامية إلى جمع الأدلة، وكذلك دعم الهيئات الدولية للمساءلة. وقد طالبنا مرارا بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية”, مشيراً أنه “في غياب هذا السبيل للعدالة الدولية، فإن المحاكمة على هذه الجرائم في إطار الولاية القضائية الوطنية حيثما أمكن، كما حدث في ألمانيا، والمبادرة الأخيرة لهولندا وكندا، تمثل إسهامًا مهمًا صوب ضمان العدالة للضحايا”.
وحول موقف الاتحاد الأوروبي من قرارات الدول الأعضاء المنفردة بترحيل اللاجئين إلى مناطق تعتبرها آمنة في سوريا، على غرار ما فعلته الدنمارك، ومع حديث مماثل في ألمانيا والسويد, قال “بوريل” أن “الاتحاد الأوربي لم يتغير موقفه بشأن العودة. وفي حين أننا نتفهم وندعم تطلعات بعض السوريين للعودة الطوعية إلى ديارهم، فإننا ما زلنا نعتقد أن الظروف اللازمة للعودة على نطاق واسع لم تتوفر بعد”, مشيراً إلى أن الاتحاد يتبع المعايير التي وضعتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والتي توضح تمامًا أن الظروف داخل سوريا لا تسمح في الوقت الحاضر بتعزيز عمليات العودة على نطاق واسع في ظروف آمنة وكريمة بما يتماشى مع القانون الدولي.
وأوضح أن ما حدث مع حالات العودة المحدودة التي حدثت والعقبات والتهديدات العديدة التي لا تزال تواجه النازحين داخليًا واللاجئين العائدين. وبصفة خاصة “التجنيد الإجباري، والاحتجاز العشوائي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعنف البدني والجنسي، والتمييز في الحصول على السكن والأرض والممتلكات”، فضلًا عن الخدمات الأساسية السيئة أو غير الموجودة.
وأكد أنه يجب أن يشعر جميع السوريين بالأمان وأن يعيشوا حياة كريمة من أجل العودة وإعادة بناء بيتهم السوري.