تغييرٌ ديموغرافي جديدٌ تنفّذهُ ميليشياتٌ إيرانيّةٌ في ريفِ حمصَ

نشطت مؤخّراً وبشكلٍ لافتٍ حركةُ البيع والشراء للعقارات في ريف حمصَ الشمالي لصالح ضبّاطٍ تابعين لنظام الأسد أو لصالح تجار عقارات مرتبطين بإحدى الميليشيات الإيرانية، وسطَ تحذيراتٍ من خطّة تغييرٍ ديمغرافي تنفّذها هذه الميليشيا.

وازدادت مؤخّراً شراءُ العقارات في الأرياف المحيطة بمدينة تلبيسة، وتتنوعُ بين أراض زراعية ومنازل ومحال تجارية، وبينها مدمّرة، إما بقوة السلاح او عن طريق الترغيب بأسعارٍ مرتفعة، استغلالاً لحاجة السكان المحليين وفقرِهم نتيجةَ الأوضاعِ الاقتصادية التي تعيشها البلادُ. 

وبرز من هؤلاء الضباط، رباحِ العلي، وهو من مرتبات الإنشاءات العسكرية، وينحدر من قرية المختارية المحاذية لمدينة تلبيسة في ريف حمص، ويساعدُه تاجرُ عقارات يدعى ناصر النواف، ويكمن دورُ الاخير في إيجاد الزبائن الراغبين في البيع، سواءً ممن بقوا في الريف عقبَ سيطرة نظام الأسد أو ممن غادروا أو هجّروا باتجاه الشمالِ السوري.

ويقول ناشطون لموقع “المدن” إنَّه في حالٍ وُجِدت قطعةُ أرض أو محل تجاري أو منزل في مكان مميز، يهدّد ناصرُ النواف مالكي العقار بالملاحقة الأمنيّة في حال كانوا داخل ريف حمص، أو بالمصادرة إذا كانوا خارجَه لدفعِه الى بيعه.

ويُشارك في العملية أيضاً المهندس عبد الرحمن الخطيب، الذي ترأس منصبَ رئيس شعبة “الهلال الأحمر” في مدينة تلبيسة طيلةَ الأعوام الثمانيةِ الماضية.

وتعرف عن رباح العلي علاقتُه المتينةُ مع ميليشيات الاحتلال الإيراني المتمركزة في قرى المختارية والنجمة وملوك وعتون، وهي قرى ذاتُ غالبية شيعية وملاصقةٌ لمدينة تلبيسة بريف حمص.

وقال “محمد طه” وهو من سكان مدينة تلبيسة الآن ومطّلعٌ على عمليات البيع والشراء في الريف، إنَّ جمعيتي “جهاد البناء” و”المهدي” الإيرانيتين، طلبتا من عددٍ من التجار المرتبطين بها “شراءَ المنازل والمحال التجارية والأراضي، وهما تتكفّلان بدفع الثمن”.

وأوضح أنَّ أكثرَ الأماكن المستهدفةِ بالشراء “تلك القريبة من القرى ذاتِ الغالبية الشيعية أو العلوية في محيط تلبيسة”، مشيراً إلى أنَّ عدداً من سماسرة قريتي المختارية والنجمة “قاموا بشراء عددٍ كبيرٍ من العقارات سواء منازل أو محال تجارية أو أراضٍ زراعية من الناحية الجنوبية لمدينة تلبيسة المواجهة لبلدتي النجمة والمختارية”.

ويقول المهندسُ غزوان علوش  من سكان ريف حمص، إنَّ المغريات التي تُقدّم للأهالي لإقناعهم ببيع ممتلكاتهم “مرتفعةٌ جداً”، مضيفاً أنَّ “ما تسعى إليه ميليشيات إيران هو الوصول إلى أكبرِ قدرٍ ممكنٍ من مساحة البلدات والمناطق التي تكون تحت سيطرتها المطلقة دون أيّ منازعٍ لها، وذلك وفقَ عقودٍ تنظّم  في دوائر مديريات البلدية التابعة لنظام الأسد والتي افتُتحت مؤخّراً في مدن وأرياف استعادَ النظامُ السيطرةَ عليها”.

وعن أسباب اندفاعِ الإيرانيين لشراء تلك الأبنية المدمّرة، يقول علوش إنَّ الربح المادي “ليس هدفُ الإيرانيين الأساسي أو المرتبطين بهم من عمليات الشراء تلك، بل تسعى الميليشيات الايرانية إلى توسيع نفوذِها والسيطرة على أكبر قدرٍ ممكن من مساحات تلك المناطق وامتلاكها وجلبِ عائلاتٍ شيعيّةٍ لإسكانها فيها”. 

وأضاف إنَّ المناطقَ التي تُباع “لن يُسمحَ لأحد ممن سكنها سابقاً أنْ يعودَ إليها لأنَّها ستتحوّل إلى مناطقَ تتبعُ لميليشيات إيران على اختلاف مسمّياتها، وبدأت فعلاً بإسكان عوائل في بعضِ الممتلكات تكراراً لما حصلَ في مدينة القصير ضمن خطّةِ تغييرٍ ديموغرافي شاملةٍ تسعى لها إيران”.

ويرى “علوش” أنَّ هذا السيناريو “بات يتكرّر في جميع المناطقِ في سوريا وليس في ريف حمص الشمالي فقط”، مشيراً إلى أنَّ “مدينة القصير كانت أولى المناطق التي رُسِمَت لها خطّةُ تغييرٍ ديموغرافي، وتحولت إلى مدينة تحوي بداخلها مئاتُ العائلات لمقاتلي ميليشيا حزب الله في سوريا”، كما أنَّ “أهمَّ الأحياء والأماكن في دمشق، باتت سكناً لعوائلَ إيرانيّة بعد شرائِهم لها بتسهيلاتٍ من نظام الأسد”، وتُضاف إلى أحياء في مدينة حلب حيث “تمَّ شراءُ معظمها من قِبل مستثمرين إيرانيين وأصبحت الآن سكناً لعوائلِ عناصرَ إيرانية فاعلةٍ في المدينة وبعض الأرياف المحيطة بها”.

ويشير موقعُ “المدن” إلى أنَّ ميليشيات الاحتلال الإيراني أو الجمعيات الشيعية الإيرانية لا تعتمد على طريقة الشراء المباشرِ، بل تستعينُ بسماسرة من أبناء المنطقة، يتوزّعون في العديد من مناطقها ولهم معرفةٌ كبيرةٌ بتفاصيل كلِّ منطقة.

وتتمُّ عملياتُ الشراء  بتسهيلات من قِبل مؤسسات نظام الأسد التي تمنح الموافقاتِ الأمنيّة لهم خلال فترة زمنية لا تتجاوز أياماً معدودة، في حين تستغرق مثلُ هذه الإجراءات أحياناً بضعةَ أشهر، وربّما تتجاوز العام الكامل حتى يتمَّ الحصولُ عليها في أيِّ عمليّةِ شراءِ وبيعِ عقارات لأبناء المنطقة.

وفي مقابل هذا النشاط المتنامي، وجَّه عددٌ من ناشطي ريف حمص الشمالي ممن تمَّ تهجيرُهم الى الشمال السوري، مناشداتٍ لسكان الريف للتوقّفِ عن بيعِ عقاراتهم لميليشيات الاحتلال الايراني أو للسماسرة المرتبطين بها، ودعوا الناسَ لمنع مساعدة نظام الأسد والميليشيات الايرانية في إكمال مخططاتهم في السيطرة على أكبرَ قدرٍ ممكن من مدن وبلدات ريف حمص الشمالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى