ضابطُ مخابراتٍ أردنيٌ: الأردنُ أمامَ أعمالٍ عدائيّةٍ منظّمةٍ تقفُ خلفَها جهاتٌ نافذةٌ في نظامِ الأسدِ
تتصاعد وتيرةُ عمليات تهريب المخدّرات من مناطق سيطرة نظامِ الأسد إلى الأردن، وتزداد معها حدَّةُ المواجهاتِ بين حرس الحدود في الجيش الأردني مع ميليشيات وعصاباتٍ مسلّحةٍ بأحدث الأسلحة ومركباتِ متطوّرةٍ.
وفي هذه الحالة، يرى العميدُ السابقُ في المخابرات الأردنية “عمرُ الرداد” أنَّ الجيش الأردني لم يعد أمام حالاتِ تهريب معهودة، بل أمام أعمالٍ عدائيّةٍ منظّمة تقف خلفها جهاتٌ نافذة في نظام الأسد، ربَّما لا تتوقّف عند تهريب المخدّرات.
وأضاف “الرداد” في مقالٍ نشرته وكالة “عمون” هذا التصعيد دفعَ قائد الجيش للإعلان عن “تغيير قواعدِ الاشتباك” وهو مفهومٌ عسكري فني مرتبطٌ بحدود وإحداثيات مواقعِ المواجهةِ والملاحقة.
وأوضح أنَّ زيارةَ الملك عبدالله الثاني للقطاعات العسكرية التي تتولى مهمّةَ مواجهة عمليات التهريب على الخطوط الأمامية، والطلب منهم إظهار “العين الحمرا”، يؤكّد أنَّ الأردن أمام مخاطرَ وتهديداتٍ أمنية جديّة، ربّما أعمق مما يتمُ الإعلان عنه.
وبعيداً عن التوظيف السياسي لأزمة التهريب، يشير “رداد” إلى أنَّ هناك حقيقتين حول التصعيد الجديد في عمليات التهريب.
الأولى، أنَّ لدى المستويين العسكري والأمني “معلوماتٍ” شاملة تجيب على كثيرٍ من التساؤلات حول من يقف وراء تلك العصابات وعن أسباب ازديادِ عمليات التهريب “كمّاً ونوعاً” وليس المطلوبُ من الجيش والأجهزة الأمنية الكشفَ عن كل ما لديهم من معلومات.
والثانية، أنَّ هذا التصعيدَ جاء بعد سيطرةِ قوات الأسد على محافظة درعا وانتشارِ تشكيلات عسكرية تسلّلت معها ميليشيات إيرانيةٌ، وهو ما أكّدته بياناتُ الجيش الأردني حول تعاونِ نقاطٍ حدودية أمنيّة وعسكرية تابعة لقوات الأسد مع عصاباتِ التهريب وتسهيل مهامها، علاوةً على تسريبات أخرى من الداخل السوري تؤكّد وقوعَ صداماتٍ بين عصابات مخدّرات تتبع لأوساط عسكرية تابعة لنظام الأسد وأخرى تابعة لميليشيا “حزب الله” وايران.
ويعتبر “رداد” أنَّ صراع مراكز القوى في سوريا، في أوساط قيادية عسكرية وأمنيّة، بما فيها صراعاتٌ بمرجعية ولاءات لإيران وأخرى لروسيا تقف وراءَ استهداف الأردن.
موضّحاً أنَّ بعضَ تلك الأوساط غيرُ راضية عن التقارب الأردني مع نظامِ الأسد، بما في ذلك اتفاقاتُ الطاقة مع لبنان وفتحُ الحدود والمعابر، خاصة وأنَّ غالبيةَ الاتفاقيات بين عمان والنظام تمَّ إنجازُها بوساطة موسكو ولم تكن من بوابة طهران.
وفي إطار تقديرات الموقفِ الأمني تجاه هذا التصعيد، يشير “رداد” إلى أنّ هناك ثلاثَ قضايا تدعو للتوقّف عندها، أولها، إمكانيةُ أنْ تكونَ عمليات تهريب المخدّرات مُقدّمة لعمليات توسع تشمل الأسلحةَ والمتفجّرات، وثنائيةُ المخدراتِ والأسلحة معروفة في الأوساط الأمنيّة، لكن ستزدادُ تعقيداتُها للكشف عن الجهات التي ستستقبلُ هذه الأسلحة والمتفجِرات، وفيما إذا ستدخل تنظيماتٌ إرهابية ترى فرصَها في الفوضى الأمنيّة التي يشهدُها الجانب السوري.
والثانية، زيادةُ منسوب التنسيق وباتجاهين، مع الجهات الأمنيّة التابعة لنظام الأسد “خارج الأطرِ الميليشياوية” ومع الأجهزة المعنيّة في المملكة العربية السعودية، ودول الخليج لكشفِ نقاط الوصولِ المستهدفةَ للمخدرات، وهو ما يؤكّد حقيقة أنَّ أساليب مكافحةِ تهريب المخدرات لا تختلف كثيراً عن أساليبِ مكافحة التنظيمات الإرهابية.
والثالثة، أنَّ الدولَ المعنية بمكافحة هذا التصعيد عليها أنْ تحدّدَ عناوينَ”المرسلِ إليه” لشحنات المخدرات، لا سيما وأنَّه وفقاً لبيانات القوات الأردنية كان هدفُ بعضِ العمليات إدخال المخدّرات الى الأردن ودفنها في مناطق محدّدة، وهو ما يُعرف أمنياً بـ “النقاط الميتة”.
وختم “رداد” بالإشارة إلى مواجهة التهريب تحتاج لتعاونٍ أوسعَ مع نظامِ الأسد وقواتِه، ومع الأجهزة المعنيّة في السعودية ودول الخليج، موضّحاً أنَّ الأردن ليس الوحيدَ المستهدف بهذا التصعيد، واليوم هناك شبكاتٌ عابرة للحدود أصبحت تستخدم تقنيات متقدّمة، من بينها الطائراتُ المسيّرةُ التي تقتصر مهامُها “حتى الآن” على الاستكشاف وتهريب المخدّرات.