آلةُ اختبارِ فيروسِ كورونا واحدةٌ فقط للملايينِ الذينَ يقطنونَ في مدينةِ إدلبَ التي مزّقتها الحربُ في سوريا
مع ارتفاع عددِ حالات الإصابة بفيروس كورونا بشكل لا مفرَّ منه في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تنتظر محافظة إدلب في شمال غرب سوريا حدوث الكارثة، لدى إدلب ومناطق المعارضة المحيطة بها فقط آلة اختبار واحدة لفيروس COVID-19 PCR، و2000 مجموعة اختبار لأكثر من خمسة ملايين، وهذا يجعل المقاطعة قنبلة صحية موقوتة، يمكن أنْ يتردّد صدى انفجارها عبر الحدود.
المستشفيات في إدلب مرهقة وتفتقر إلى الموارد والأدوات الأساسية المنقذة للحياة لمواجهة جائحة فيروس كورونا، يقول “نوار شعبان” المحلّل السوري في مركز عمران للدراسات وهو مركز أبحاث مستقل ومركز للسياسات، إنّه حتى 24 آذار تمّ اختبار 42 شخصاً فقط حتى الآن، إنّ المحافظة لديها القدرة على إجراء 10 اختبارات يومية، وهي قليلة للغاية بالنسبة لخمسة ملايين شخص يقيمون في إدلب ومناطق المعارضة المحيطة.
تمّ حتى الآن إنشاء ثلاثة مراكز للحَجر الصحي وهو عددٌ يمكن أنْ ينموَ إلى 28، “إبراهيم الأدلبي” صحفي في إدلب يوضح أنّ العديد من هذه المراكز مؤقّتة وتقع في حظائر أو في مبانٍ متهدّمة، ويشير قائلاً: “ليس لدينا القدرة على مواجهة جائحة هائلة مثل فيروس كورونا، ولدينا 130 سيارة إسعاف فقط و500 طبيب و223 جهاز تنفس، منها 100 قيد الاستخدام”.
هناك نقص كبير في الأسرّة ومراوح التهوية والمعدات تضرّرت أو دمّرت أكثر من 84 منشأة طبية بسبب الحرب، واستهدفت المستشفيات بشكلٍ منهجي من قبل القوات الموالية لنظام بشار الأسد، أفاد موقع Reliefweb أنّ أكثر من 90 بالمائة من المراكز الصحية في إدلب تفتقر إلى الأدوية لعلاج الأمراض المزمنة.
طبقاً للأرقام التي قدّمها مركز عمران للدراسات فإنّ 65 مستشفى ومركز رعاية صحية تعمل حالياً، وهي مجهّزة بـ 3065 سريراً مما يجعل نسبة الأشخاص إلى كلّ سرير بمعدل سرير واحد فقط لكلّ 1702، يقول “شعبان” إنّ عدد الأسرة المتوقّع في حالة تفشّي المرض هو 58000، مع وجود ما لا يقلّ عن 14500 سرير للعناية المركّزة.
ويحذّر “شعبان” أنّه: “يمكن أنْ يصابَ ما بين مليونين وثلاثة ملايين”، يمكن أنْ يتراوح عدد الأشخاص الذين سيحتاجون إلى العلاج بين 300.000 إلى 450.000، يقول “شعبان”: “نعتقد أنّ 100،000 إلى 150،000 شخص سيتعين إدخالهم إلى المستشفى في العناية المركّزة، وهي سعة لا نملكها ، مع توفّر 201 وحدة فقط”، إلى جانب نقص الموارد يمكن تمكين انتشار الفيروس من خلال الفقر والبطالة وسوء الظروف الصحية، لقد تدهورت أجهزة المناعة لدى الناس بسبب سوء التغذية والتوتّر والعنف الذي سبّبته سنوات من الحرب، يقدّر عمران دراسات أنّ 75٪ على الأقلّ من سكان إدلب ومناطق المعارضة المحيطة عاطلون عن العمل وأنّ 80٪ منهم يعيشون تحت خط الفقر.
لجأ الملايين من النازحين السوريين إلى آخر معقل للمعارضة، ويعيش معظمهم في مخيمات كثيفة السكان في ظروف غيرِ صحية ودون إمكانية الوصول إلى شبكات الصرف الصحي أو المياه الجارية، قال “الإدلبي”: “دفعَ الهجوم الأخير أكثر من 1.4 مليون شخص إلى الحدود التركية”، وتحذّر منظمة أطباء بلا حدود (MSF) من أنّ انتشار COVID-19 هناك يمكن أنْ يصبح كارثياً وأنّ المرض سينتشر بسرعة كبيرة خاصة في تجمعات المخيمات.
وتقول المنظمة إنّ قدرة منظمة أطباء بلا حدود على زيادة مساعدتها ستعتمد على التدفّق المستمر لمواد الإغاثة الأساسية والإمدادات الطبية وكذلك على قدرتها على إرسال موظفين دوليين لدعم زملائهم السوريين من أجل توسيع نطاق الاستجابة، طلبت منظمة أطباء بلا حدود من السلطات التركية تسهيل عبور الإمدادات الأساسية والموظفين الدوليين إلى شمال غرب سوريا، وتشكّل الظروف البيئة المناسبة لتفشّي الوباء وهو الأمر الذي لا تملك إدلب الموارد الكافية للتعامل معه.