أتلانتك: الميليشياتُ المتنوعةُ الولاءُ هيمنةٌ على قواتِ الأسدِ خلالَ الأعوامِ الماضيةِ
تحدّثت منظمة “أتلاتنك كونسيل” (المجلس الأطلسي)، في تحليل لها إنّ سنوات الحرب التي شهدتها سوريا قد أثّرت بشكل جذري على تركيبة جيش الأسد، مما يجعل ولاءه موضع تساؤل ولاسيما في الأعوام القادمة.
ولفتت إلى أنّه على مدار السنوات التسع الماضية من الصراع، كان للجيش دور فعّال في ضمان بقاء نظام بشار الأسد بسبب ولائه وليس جرّاء أدائه في ساحة المعركة، إذ حافظت القوات الأسد على “ولائها المؤسسي” منذ أنْ سيطرت عائلة الأسد على الحكم في العام 1970.
وأوضحت أنّ “حافظ الأسد” عمل بعد استيلائه على الحكم على إعادة ترتيب الجيش بما يتناسب مع أهداف نظامه، إذ تمّ رفع العدد الإجمالي لأفراد القوات المسلحة بنحو 162 في المائة في السنوات العشر الأولى من حكمه ثم 264 في المائة حتى وفاته عام 2000، وذلك وفقًا لتقديرات أعدّها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
كما قام الأسد الأب بإنشاء تسلسل قيادي موازٍ وفرض تفويضات متداخلة وفائض مؤسسي على التشكيلات العسكرية الرئيسية، وبهذه الطريقة، تمّ تصميم مختلف أجهزة النظام القمعي بعدّة طبقات من الولاء للتنافس بينها من أجل بقاء النظام.
والأهم من ذلك، استفاد الأسد من حالة الانقسام الشديد في المجتمع السوري، إذ ارتفعت نسبة الضباط من الطائفة العلوية في الجيش والأجهزة الأمنية بما لا يتناسب مع عددها، مما أنشأ حلقة مؤسسية من الخوف وانعدام الثقة في المجتمع السوري والتي زوّدت نظام الأسد بمجموعة موالية ومهيمنة في جيش، أصبحت مهمته، الرئيسية تأمين استمرارية النظام وجعلها فوق كلّ اعتبارات الدفاع والأمن الوطني.
وبحسب ” أتلاتنك كونسيل” فقد أجبرت المستجدات بشار الأسد على إعادة ترتيب أوضاع الجيش والتنازل عن بعض السيادة في هياكل السلطة الرئيسية للحفاظ على بقاء النظام، ومع ضعف فعالية أداء القوات الحكومية في ساحة المعركة، حيث لجأ رأس النظام إلى تشكيل ميليشيات محلية بالإضافة إلى جلب ميليشيات ومرتزقة أجانب بدعم من إيران وروسيا.
وأدّى ذلك إلى تسبّب في معضلات الولاء داخل الجيش والميليشيات الرديفة له، جرّاء تنوع مصادر التمويل، والانقسام الإقليمي والأيديولوجي، وعمليات صنع القرار الموازية، والاعتماد على الحلفاء الأجانب.
ورغم إضفاء الطابع المؤسسي على بعض الميليشيات، مثل قوات الدفاع المحلي، فلا تزال الكثير الميليشيات الموالية للنظام في منطقة عملياتية وقانونية رمادية بانتظار كيف ستجري عملية هيكلتها في فترة ما بعد الحرب.
وبحسب ما يرد من تقارير مختصّة، تتلقّى بعض الميليشيات تمويلًا من رجال أعمال مشبوهين موالين للنظام، في حين يتمّ تمويل البعض الآخر حصريًا من قِبل جهات أجنبية، مثل إيران وروسيا.
ومع قيام بعض هذه الميليشيات بأدوار أمنية محلية، أصبحت أنماط تجنيدها مجزأة على أسس إقليمية ودينية وأيديولوجية، مما قد يشير إلى تنامي الاستقلالية لديها ودائرة الولاء الموسعة، فضلاً عن عدم الاتساق الأمني والدفاعي.
وخلص ” أتلاتنك كونسيل” إلى أنّ الهيكل الهجين لجيش الأسد وأجهزته الأمنية، واللامركزية في عملية صنع القرار العسكري أدّى إلى زيادة نفوذ الميليشيات على القرارات الميدانية والعسكرية، بما في ذلك توزيع الموارد وعمليات التعبئة والانتشار.
وهكذا إذا كان جيش الأسد قد لعب دورًا رئيسيًا في ضمان بقاء نظام الأسد، فإنّ الهياكل التي كانت مصمّمة في السابق للحفاظ على ولاء قواته قد تحطّمت تدريجياً في السنوات التسع الماضية.
ورغم أنّ اللامركزية القسرية، وتعدّد الجهات الأمنية، والتدخل الأجنبي قد أنقذوا النظام السوري من الهزيمة العسكرية، فإنّ بشار الأسد يقيس مستوى جودة قواته من خلال ولائهم المستمر له واستعدادهم لاستخدام القوة للدفاع عن نظامه، وليس من خلال أدائهم في الحروب والمعارك.
وفي حين أنّ انقلاباً عسكرياً على نظام بشار الأسد أو انهيار حكمه أمرٌ مستبعدٌ، إلا أنّه لم يعدْ يتمتع بالثقة التي كانت موجودة في الخمسين عامًا الماضية بين صفوف القوات المسلحة تجاه حكم عائلته.