“التعفيشُ” المنظمُ … انتقامٌ يضاعفُ كلفةَ الترميمِ على المهجّرينَ السوريينَ
قال مدنيون عادوا إلى مناطقهم ومنازلهم، بعد سنواتٍ من إعادةِ قوات الأسد السيطرةَ عليها، إنَّهم لاحظوا تضاعفَ حجم الخراب والتدمير لبيوتهم وممتلكاتهم، قياساً لما كان عليه الوضعُ خلال زياراتهم الأولى إلى مناطقهم بعد استعادتِها من قوات الأسد، أو مقارنةً بلقطات فيديو التقطها بعضُ المعارف بعد سقوطِ المنطقة بيد قوات الأسد مباشرةً، ما يشير إلى تعرّضها لإعادة تدمير، بحسب تقرير لموقع “العربي الجديد”.
وتذهب تفسيراتُ ذلك إلى أنَّ السببَ الأول هو الانتقامُ من بعضِ الأشخاص الذين كان لهم دورٌ بارزٌ في مناهضة نظام ألأسد خلال خضوعِ المنطقة لسيطرة المعارضة، حيث تمَّ إحراقُ بيوتهم وتخريبها، كما حصل في الغوطة وجنوبي دمشق والعديدِ من المناطق الأخرى.
أما السبب الثاني، فهو عملياتُ “التعفيش” التي طالت مجملَ البيوت بلا استثناء، وهذه عمليةٌ تتولّاها قواتُ الأسد مباشرةً بعد السيطرةِ على كلِّ منطقة، أو تتركِها إلى الميليشيات الرديفة إذا كان لديها مهامٌ مستعجلةٌ في منطقة أخرى، حيث تتقاسم هذه الميليشياتُ المنطقةَ المستهدفة فيما بينها، بحيث لا ينجو بيتٌ واحدٌ من النهب، ويشمل ذلك كلَّ شيء، من أدوات كهربائية الى الأثاث، وكلَّ ما يمكن حملُه.
غير أنَّ المرحلة الأخطر تأتي بعد ذلك، وفقاً للتقرير، أي حين يتمُّ استهدافُ “البنى التحتية” للمنزل أو المحل التجاري، بحثاً عن الحديدِ في الأسقف والأعمدة، إضافة إلى الأبواب والنوافذ والمطابخ وتجهيزات الحمام، ما يضاعف تكاليفَ عملياتِ الترميم التي تقع بالكامل على عاتقِ أصحاب المنزل، دون أيّةِ مساعدةٍ من حكومة نظام الأسد.
ونقل التقرير عن أحد المقيمين حالياً في منطقة السبينة بريف دمشق الجنوبي، قوله، إنَّه زار منزلَه في منطقة الحجر الأسود المجاورة منذ 3 أعوام، أي بعدَ أشهر قليلة من سيطرة قوات الأسد عليها، ووثّق زيارته بلقطات فيديو صوّرها بواسطة هاتفه الجوال، حيث كانت قد سقطت قذيفة على سطح المنزل، ما أدّى إلى تهدمه جزئياً، بينما كانت هناك فتحاتٌ في بعض الجدران الداخلية في الطابق الأول، فضلاً عن سرقة كلِّ موجودات البيت تقريباً.
وأوضح، أنّه بعد الإعلانات المتكرّرة من جانب نظام الأسد عن السماح بعودة الأهالي إلى المنطقة، ضمن بعضِ الشروط والإجراءات، قدّم طلباً للعودة وهو ينتظر الموافقةَ الأمنيّةَ، مبيّناً أنَّه أراد زيارة منزله لتقدير حجمِ الإصلاحات المطلوبة وتكلفتِها، ففوجئ بتعرّضه إلى تدمير إضافي، حيث تمَّ نزعُ كلِّ الأبواب والنوافذ وتجهيزات المطبخ والحمام، وحتى أشرطة الكهرباء داخل الجدران، وكذلك مواسير المياه.
كما أشار مواطنٌ آخر إلى أنَّ والده زار منزلَهم في منطقة مخيم اليرموك للمشاركة في دفن أحدِ الأقارب، وشاهد الشاحنات الكبيرة التي تخرج من المخيم محمّلةً بكلِّ شيء، بينما تنهمك ورشُ الهدم في استخراج حديدِ الأسقف والأعمدة، ويعمل أشخاص في فرزِ الحديد والبلاستيك والأدوات المستعملة المتبقية بعد موجاتِ “التعفيش” السابقة، موضحاً أنَّ هؤلاء يعملون عند أحدِ المتعهّدين، الذي يتولّى منطقة محدّدة مقابل مبلغ يُدفع لقوات الأسد.
كما نقل المواطنُ عن والده قوله إنَّهم لم يجدوا الكثيرَ من شواهد القبور، كما سمع قصصاً عن مقتلِ العديد من الأشخاص وهم يحاولون التصدي لـ”المعفشين”.
وكانت قوات الأسد منعتْ الأهالي من العودة إلى منازلهم إلى أنْ انتهت من نهبِ بلداتهم بالكامل بعد أشهرٍ من السيطرةِ عليها
ولاحظ أوائلُ العائدين حجمَ التدمير الإضافي الذي لحقَ بممتلكاتهم، فيما واصلت الأجهزةُ الأمنية ملاحقتَهم لمعرفة مدى ارتباطِ العائدين بفصائل المعارضة السابقة، ومصادرةَ ممتلكاتٍ تعود لمعارضين، حيث كُتب على جدرانها “مصادر” مع ذكرِ الفرع الأمني المصادرِ لصالحه.