الغارديان: الأسدُ وطموحُه القاتل.. عن كتابِ “الأسد أو نحرِقَ البلد”

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية اليوم الإثنين 17تموز/يوليو مراجعة لكتاب الصحفي الأمريكي سام داغر الذي يحمل عنوان ”الأسد أو نحرق البلد“.

وتحدثت الصحيفة عن رواية مُقنعة قدّمها الكتاب عن “الطموح القاتل لبشار الأسد”، وما تناوله داغر في كتابه عن تفاصيل انشقاق مناف طلاس، العميد السابق في ”الحرس الجمهوري“ وأحد المقربين من الأسد، في صيف عام 2012. طلاس الذي لم يكن فقط ”شريك التنس لطبيب العيون الخجول الذي كان يترأس أكبر أزمة في الربيع العربي، بل كانا صديقين حميمين بالفعل“.

شعر طلاس بـ“القلق“ من القمع الوحشي الذي مارسه الأسد، مع بدء الانتفاضة في مدينة درعا في آذار/مارس 2011، شبان ألهمتهم التغييرات التي حدثت في تونس ومصر وليبيا ودعوة شعوبها إلى الكرامة والحرية، ومطالبهم بالإطاحة بأنظمتهم القمعية. لكن، يبدو أن سوريا كانت متجهة من البداية، نحو قصة مختلفة، وأكثر دموية.

تقول الغارديان، إن رواية داغر القاتمة والمفصّلة بشكل مثير للإعجاب، ترتكز على عاملين وثيقي الصلة: أولهما أنه كان المراسل الوحيد لصحف غربية كبرى في سوريا، وعاش لعامين في دمشق خلال الثورة، قبل أن يتم اعتقاله من قبل نظام الأسد وطرده. وثانياً، أن مصادر عمله دقيقة، وصولُه إلى طلاس وآخرين يقدمون رؤى غنية عن الأسد ودائرته الداخلية، وكذلك عن نشطاء المعارضة البارزين.

كان أسلوب مضاعفة القمع الذي مارسه رأس النظام بشار الأسد في درعا، قد جاء بناء على نصيحة شقيقه الأصغر ماهر وابن خاله حافظ مخلوف. وبشكل حاسم بعد ذلك، أطلق الأسد سراح المئات من الإسلاميين الذين تم تشجيعهم في السابق على محاربة القوات الأمريكية في العراق بعد صدام حسين، لكنهم زُجوا في السجون عندما عادوا إلى سوريا. وكانت النتيجة، أن شعار ”سلمية“ الذي رفعه المتظاهرون السوريون، قد ”غرق بالتفجيرات الانتحارية التي ارتكب بعضها نظام الأسد وزيّفها“.

ويرى داغر في الكتاب أن ردة فعل الدول الغربية بشأن سوريا، هي جزء مهم من القصة القاتمة والمستمرة. ففي آب/أغسطس عام 2011، دعا الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الأسد إلى التنحي، وحذت حذوه في ذلك بريطانيا ودول أخرى في  الاتحاد الأوروبي. وبحلول نهاية ذاك العام، كان عدد القتلى في سوريا قد تجاوز الـ5000 شخص. وكانت احتمالات التدخل الغربي ضئيلة، بعد أن طغت حرب العراق دائماً على المشهد.

لم تُقابَل ردة الفعل الغربية بشكل متكافئ مع الجهد الاستراتيجي الذي أبدتْه إيران بدعم الأسد وحزب الله اللبناني. وروسيا، التي كانت غاضبة من دور ”الناتو“ بالإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي. فيما تلقت المعارضة السورية دعماً غير منسق من السعودية وقطر وتركيا المتنافسات على النفوذ في سوريا، ما ساهم في تغيير المشهد العسكري والروايات الرسمية. رأى داغر سوريا في كتابه نضالاً من أجل الحرية، يواجهه أسلوب راسخ اتبعه النظام، متمثل بـ“رعاية الوحش، ومن ثم تقديم نفسه إلى الغرب، باعتباره الوحيد القادر على القضاء عليه“.

ويتحدث داغر أيضاً، دون أدنى شك، كيف أن الأسد رتّب قتل صهره آصف شوكت وغيره من كبار الشخصيات الأمنية، في ما وصفته وسائل الإعلام الرسمية آنذاك بأنه هجوم إرهابي. كما نقل داغر عن مقربين من النظام قولهم، إن الأسد أمر قادة جيشه  بإخلاء نقاطهم على الحدود العراقية، مع ظهور تنظيم داعش هناك.

ولا يعنى داغر فقط بتجميع تلك القصص المقعدة، التي تربط التطورات بطريقة تمكّن جمهوراً غير خبير في الشأن السوري من الوصول إليها. بل تؤكد كثير من القصص الأخرى في كتابه، على قسوة نظام الأسد، الذي كان يقاتل قبل كل شيء، من أجل بقائه.

وعلى الرغم من أهمية المعلومات التي قدمها طلاس، فإن لديه تبريراً ذاتياً فيما يختاره للكشف عنه، فقد شغل والده مصطفى طلاس، منصب وزير الدفاع في عهد حافظ الأسد، وكانت عائلة طلاس من الغالبية السنية، على الرغم من اختيار الأسد من ينتمون إلى الأقلية من الطائفة العلوية لاعتلاء المناصب الهامة. كان مصطفى طلاس في الحكم أثناء مذبحة حماة عام 1982، عندما قُتل الآلاف في أعقاب انتفاضة قامت بها جماعة الإخوان المسلمين، وبقيت حماة طوال السنوات اللاحقة، نموذجاً للقسوة الرسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى