“الهجري” يُوجّهُ تحيّةً للمعتصمينَ.. جميعاً تحتَ رايةٍ واحدةٍ
وجّه الرئيس الروحي للموحّدين الدروز “الشيخ حكمت الهجري”، تحيّةً إلى الحراك السلمي المستمرّ منذُ حوالي شهرين ونصف في محافظة السويداء، وأثنى على شجاعة المعتصمين في الساحات للمطالبة بالحقوق المشروعة.
الهجري، أوضح في بيان مطوّلٍ نشرته الرئاسةُ الروحية يوم الثلاثاء 31 من شهر تشرين الأول الفائت، أنَّ ثبات تأييده لوقفة المحتجّين في “وجه محاولات الإذلال وسلبكم أقلّ حقوقكم”، وأشاد برقي هذه الاحتجاجات، معتبراً من أهمّ غاياتها إزالةُ مظاهر الاستبداد والقمع، و”نشرُ فكرِ الوعي والتآخي والحوار وقبولُ الآخر”.
ولخّص الهجري تجاهلَ السلطات للمطالب الشعبية، بكلمتين هما “صرختم ولا مجيب”، فيهما وما وصفه بضحالة تساؤلات من ادّعوا الاستعدادَ لنقل هموم الناس للمعنيين، وعدم مصداقيتهم، “كان تركيزُهم على ماهية وجود الرايات و الأًعلام وعن هتافات ما”.
وأضاف: “مع يقيننا بهامشية تدخّلهم، فقد أجبناهم بأنْ سألناهم عن الحلول، عن العطاء، وسؤال عن أولي الأمر والمسؤولين الذين عوّلنا عليهم أنْ ينقذوا شعبهم من ويل التحييدِ والتهميش والتخريب في البنيان ومسيرة الوطن.. فلم نجدْ جواباً”.
وشدّد في معرضِ حديثه على تجاهل المعنيين لمصاب الشعب، وعدمِ التفكير أو البحث عن حلول، “وواجهنا الإصرارَ على تخلّي الجهات المختصّة والكثيرِ من الدوائر الرسمية عن واجباتها ومهامها، بحججٍ كثيرة وغيرِ مقبولة”.
وأثنى الهجري على وعي الحراك السلمي في تجاوز “بعض الأبواق الهزيلة داخلياً وخارجياً”، الذين حاولوا إسكاتَ المطالبين بحقوقهم، عبرَ “التخوين والتقزيم وبثِّ الفتن”. ولكن نتيجةَ حرصِ المحتجّين وتمدّنهم ورقي مساعيهم على حدِّ وصفه، “ما كان للمفسدين ما ابتغوه بينكم”.
أشاد البيان، في محاولات التنظيم وتعدّد الأفكار في مستوى العمل السياسي، منوّهاً إلى تشكيل عدّة توجّهات وتجمّعات ولجان عمل، جميعُها تحت راية واحدة “هي طلبُ الحقوق و”إعادةُ الهيكلة في الدولة والاقتصاد والعيش الكريم”.
وشجّع على “الأعمال التي تبني وتسير بالركب إلى برّ الأمان تحت ظلّ الوطن السوري الواحد مجتمعياً وجغرافياً وِفق أسس الدولة المدنيّة، وبمشاركة ومباركة كلّ الأطياف وكلّ أبناء المجتمع، رجالاً ونساءً دون قيودٍ ودون فواصلَ وبلا حدود”.
ونوّه إلى أنَّ التعددية بالأفكار والطرح السياسي والإداري والتنظيمي، هي وسيلةٌ تضمن “عدم الاستئثار بالسلطة والتفرّدِ بالرأي”، معتبراً كلّ هذه المحاولاتِ التنظيمية والتعدّدية تهدف إلى تحقيق آمال الشعب “الذي لا يبحثُ عن الهيكلة والتشكيل، إلا ليصلَ إلى تحقيق الهدف الأسمى والأساسي والمطلوب، لمعيشةِ حرّة كريمة ضمنَ بلده الخيّر المعطاء”.
وأكّد أنَّ الحراك بدأ بطلبات تتعلّق بتحسين الخدمات ورفضِ الظلم، ولكنّ “تغييبَ تلك الطلبات الأساسية”، أدّى لارتفاع الهتافات إلى مطالب شاملة، “جاءت عبرَ ما صدر من قرارات أمميّة قديمة”، في إشارة إلى القرار الأممي 2254، الذي يرفعه المحتجّون في السويداء.
وأشار إلى ضرورة “توضيحِ المطالب والمقاصدِ ليتمَّ نقلُها إلى المواقعِ الأمميّة المختصة لعلّها تستطيع
الإجابة والعمل، وِفق واجباتها بما يلزم فعلُه عبرَ ما مرَّ من تلك القرارات وِفق الحال الراهن”.
وحذّر الهجري، من محاولات البعض تمريرَ مواقف سيئة ونسبَها للرئاسة الروحية، مؤكّداً أنّه لا يرسل الأفكار والتوجيهات عن أيّ طريق، ومع أيّ كان، و”أقوالنا واضحة، وآراؤنا معلنة، نطلقها على العلن عبرَ وسائل معروفة للجميع”. وأكّد سماحته أنَّ التوجيهات تكون “وِفق ما يتناسب مع حقوقكم”.
فيما أدان البيانُ كلّ الأعمال الإجرامية بحقّ المواطنين والأوطان، وكلّ ما يحصل من اعتداءات على المدنيين الأبرياء. وأكّد أنَّ كلَّ من يدافع عن حقّه وأرضه جديرٌ بالحماية، وِفق مانقل موقع “السويدء 24”.
وأوضح أنَّ الشعب السوري قدّم الأرواح، وبذلَ المال والأرزاق بسخاء في سبيل القضية الفلسطينية، و”أكّدنا من موقعنا في الرئاسة الروحية في كلّ المواقف والمحافل أنْ يأخذَ الشعب العربي الفلسطيني الشقيق حقوقه كاملة ، وأنْ يقيمَ دولته المستقلة الحرّة ، كما نؤكّد على حرصنا الشديد على السعي لتحرير جولاننا الغالي ليعودَ للوطن الأم سوريا”.
ولفت إلى أنَّ الغاية المثلى للحراك الذي تشهدُه السويداء هي تغييرُ الواقع المرير للوطن، “فأنتم لستم مجرّد مشروع حراك عشوائي، وليس المستقبل في الحراك نفسه، بل يكمن فيما يريده الحراك من انطلاقه القديم منذ بدء الأزمة، وصولاً إلى هذا الحراك”.
وتحدّث عن معاناة الشعب السوري الطويلة، وما لحق به من تدمير وقتلٍ ونهب ومحاولاتِ تغيير ديموغرافي وغيرها من قوى خارجية وداخلية. ومن سياسات تجويع وجباية غير محقّة، “دون تدخّلات إصلاحية، بل بالعكس تماماً، فقد وضعت الحكومةُ بمواجهة شعبها قراراتٍ مدمّرة واجراءاتٍ مستهجنة، وإهمال وفساد وإفساد عبرَ بعض الأجهزة الأمنيّة والإدارية”.
وأضاف أنَّ القراءاتِ الخاطئة من “جهات سلطوية قمعيّة بعيدةٌ عن حرية الرأي”، وغيرُ مقبولة، مؤكّداً “أنَّنا طلّابُ سلام، ولا نقبل بما تمَّ من ممارسات قمعية”. وشجبَ ما كان يجري من اعتقالات تعسفيّة لأصحاب الرأي، محمّلاً المسؤوليةَ “لكلّ من يحاول قمعَ طالبي الحق”. كما أهاب بعدم التصرّفِ بأساليب قمعية قهرية مع الشعب الذي يطلب حقوقه.
ولفت الشيخ إلى محاربة الشعب بلقمة العيش، والحضيض الذي وصلَ له الوضعُ الاقتصادي، معتبراً أنَّ القرارَ ليس “بيد الحكومة الصامتة على الإيجاب، ولا نعلم هل هذه الحكومة الفاشلة هي من تصدرُ القراراتِ السيئة ؟ أم أنّ أيدٍ خفية تسرقنا من خلال أشخاصهم”. وأضاف: مهما كان السببُ فقد قال الشعب كلمته.
أشار البيان، إلى أنّ سوريا وقعت تحت احتلال جهاتٍ أجنبية تمثّل عدّةَ دول في العالم، و”سيطرت بالعنف أو بادعاء الحماية أو بالإيجار أو بالتواجد المفروض”، حيث لم يستثنِ سماحته أيَّ دولة من الدول، وكان كلامُه واضحاً وعمومياً عن كلّ القوى الأجنبية.
وتساءل الشيخ عن حقّ الشعب بأرضه وثرواته ومصالحه “التي بذل الأرواحَ والأرزاق لأجلها”، مضيفاً “ألا نخجلَ من أرواح شهدائنا الذين هبّوا لقمع الإرهاب والاحتلال عبرَ حقبة طويلة من الزمن الماضي والقريب”، وأكّد أنَّ الشعب “لا يحمّل الجمائل على تضحياته لأحد، استشهد ابناؤه على أرض الوطن، فداءَ الوطن والكرامة”، وذلك سواء كانوا مدنيين أو عسكريين.
وشدّد على “العيش الحرّ الكريم”، ووضعِ الحلول المعروفة الجلية والمباشرة، “لا على الاستماعِ إلى من يحلّلون ويفسّرون الوقائع والطلبات بخلاف حقيقتها”. وخصّ بالذكر “الإعلام الفاشل الذي يدّعي الوطنية، ولكنّه متسرّع لا يلامس همومَ الشعب ولا معاناةَ المجتمع ولا سوء الواقع”. وأخيراً أعاد التأكيدَ على البيان المؤرّخ في 19/8/2023، “ولا يهمّنا أيُّ قولٍ غيرِه”.