الولاياتُ المتحدةُ تطلقُ منافسةً مفتوحةً لتقديمِ مشروعٍ يعزّزُ العدالةَ الانتقاليّةَ والمساءلةَ في سوريا
دعتْ وزارة الخارجية إلى منافسة مفتوحة للمنظّمات والهيئات المهتمّة بتقديم طلبات لمشروع “يعزّز العدالة الانتقالية، وعمليات المساءلة المتعلّقة بالنزاع السوري”، وهو ما يُعدُّ تحرّكاً أميركياً جديداً في هذا الملفّ, على الرغم من الانتقادات التي تتلقّاها الإدارة الأميركية الجديدة حول تجاهل الأوضاع في سوريا، أو عدم اتضاح معالم استراتيجيتها في التعامل مع هذا الملفّ.
وأفصح مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة الخارجية، عن أهداف هذه المبادرة الجديدة والتي تركّز على دور المرأة السورية في تحقيق العدالة والمساءلة التي تعالج الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان المرتكبة في سوريا، وتتعامل مع الأبعاد الجنسانية للنزاع السوري والتجارب الجنسانية، وآثار انتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما تلك المرتكبة ضدّ النساء والفتيات، محدّدة مبلغ 987 مليون دولار أميركي سقفاً أعلى لمن يريد التقدّم إلى هذه المنافسة، فيما قدّرت السقفَ الأدنى بـ500 ألف دولار, وفقاً لما نقلتْهُ صحيفة “الشرق الأوسط”.
وأوضح المكتبُ في شروط المنافسة أنَّ هدف دائرة الديمقراطية وحقوق الإنسان سيركّز على تحقيق أربعة أمور، وهي, أولاً، تعزيز المشاركة الهادفة للمرأة السورية، وقيادة الجهود المبذولة لتحقيق الحقيقة والعدالة والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
أما الهدف الثاني, فهو تضخيم ودمجُ الأصوات ووجهاتُ النظر والتجارب المتعلّقة بانتهاكات حقوق الإنسان للمرأة السورية، في الوقت الحاضر والمستقبل، والحقيقة الرسمية وغيرِ الرسمية، وجهود العدالة والمساءلة والعملية السياسية.
والثالث هو تحسين التعاون والتنسيق والتعاون بين النساء والمنظمات التي تقودُها النساء، التي تسعى وراء الحقيقة والعدالة والمساءلة، وكذلك بين الشبكات النسائيّة وجهود العدالة والمساءلة الأوسع نطاقاً، وأخيراً، تعزيز القدرة المؤسسيّة للمنظمات التي تقودها النساء المنخرطة في السعي وراءَ الحقيقة والعدالة والمساءلة، بما في ذلك التعلّم من خلال الدروس المقارنة، وتبادل الخبرات من خلال الحوار بين الأقران.
ورسمتْ وزارة الخارجية في هذا المشروع نتائج أوليّة متوقّعة، بأنْ يتمَّ تعزيز النشاطات والمبادرات التي تقودها النساء، والمشاركة بشكلٍ مباشر في تصميم وتنفيذ مبادرات الحقيقة والعدالة والمساءلة الحالية والمستقبلية لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصرِ التحقيقات، والملاحقات القضائية في الجرائم الفظيعة، فضلاً عن العملية السياسية، مبيّنة أنَّ مدَّة تنفيذ هذه المبادرة يجب ألا تتعدى 36 شهراً أي ثلاثة أعوام، ابتداءً من نهاية هذا العام، أي في أيلول من هذا العام.
وقالت إنَّ السوريين والمجتمع الدولي يعترفون بأنماط أوسع ومتنوّعة من الأضرار التي تلحق بالإنصاف وآثارها الجنسانية، بما في ذلك تلك التي تؤثّر بشكل غير متناسب على النساء والفتيات، بشكل مباشر وغير مباشر مثل الانتهاكات الاجتماعية والاقتصادية، مشيرةً إلى أنّ السوريين والمجتمع الدولي أكثرُ استعداداً لتحديد العوامل الكامنة التي سمحت بحدوث هذه الانتهاكات، والاستجابة لها والتفسيرات الجنسانية للعدالة الخاصة بالسياق السوري.
وأكّدت على أنّه سيتمُّ الحفاظ على تجارب النساء والفتيات وقصص النزاع، والاعتراف بها جنباً إلى جنب مع الروايات الأكثر شيوعاً للنزاع، عن طريق استخدام الطرق الفعّالة للمناهج المبتكرة والإبداعية، والمراعية للنوع الاجتماعي، مشدّدة على كلِّ من يريد التقدّمَ لهذه المنافسة أنْ يعمل على إحداث تأثير يؤدّي إلى الإصلاحات، ويجب أنْ يكون لها إمكان الاستدامة بما يتجاوز موارد إدارة الحقوق الرقمية.
وأضافت, “يُفضل تجنّب تكرار الجهود السابقة من خلال دعم الأساليب الجديدة والإبداعية، وهذا لا يستثني من النظر في المشاريع التي تعمل على تحسين أو توسيع المشاريع الناجحة القائمة بطريقة جديدة ومكمّلة، وقد تسعى البرامج الناجحة إلى المشاركة والبناء على عمليات متعدّدة ومستمرّة وطنية ودولية، يقودها سوريون لضمان دمج الخبرات الجنسانية وآثار انتهاكات حقوق الإنسان، بشكل هادف في هذه العمليات والآليات القائمة”.
يُذكر أنَّ السياسية الأميركية تجاه سوريا حتى الآن تمثّلت في إعلان الولايات المتحدة في 6 نيسان الماضي عن تقديم مساعدة إضافية بقيمة 596 مليون دولار للشعب السوري، بمن في ذلك اللاجئون، مع الالتزام بتطبيق “قانون قيصر” الذي تمَّ إقراره في 2019 ومواصلة قتال تنظيم “داعش” ودعم ميليشيا “قسد” في شمال شرقي الفرات.
وفي 29 آذار الماضي، أدلى وزير الخارجية “أنتوني بلينكين” بأولى ملاحظاته حول سوريا خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، إذ دعا إلى تمديد تفويض إيصال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبرَ الحدود التركيّة، وهو طريق يمنع تدخّلَ نظام الأسد، في الوقت الذي هدَّد الاحتلال الروسي باستخدام حقَّ النقض “الفيتو” ضدَّ تصريح جديد، رغم وجود 2.7 مليون نازح في شمال غربي سوريا، حيث يعيش كثيرٌ منهم في مخيّمات أو مبانٍ مهجورة، مع مواجهة عمليات القصف والمدفعية الروسية من قٍبل قوات نظام الأسد.