انهيارُ الليرةِ السوريةِ يفاقمُ الأوضاعَ المعيشيةَ في الغوطةِ الشرقيةِ
انعكس انهيار الليرة السورية المتسارع، والذي كسر حاجز الـ 800 ليرة أمام الدولار الأمريكي الواحد، على الوضع المعيشي في الغوطة الشرقية، إذ يرزح الأهالي الذين فضّلوا البقاءَ في منازلهم، ورفضوا التهجير نحو الشمال السوري، تحت وطأة التضييق الكبير من قِبَلِ قوات الأسد، فضلاً عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بعموم مناطق سيطرة نظام الأسد.
ونقلت “السورية نت” عن الناشط محمد العربيني تأكيده، أنّ “حواجز قوات الأسد المنتشرة هناك ما تزال تفرض أتاوات على دخول المواد الغذائية إلى مدن وبلدات الغوطة من العاصمة دمشق، عبْرَ حواجز محدّدة، مشيرة إلى أنّ انهيار الليرة السورية زاد من معاناة الأهالي، وخاصة أنّ التجار الذين يحقُّ لهم إدخال البضائع إلى الغوطة توقّفوا عن إدخال مزيدٍ من البضائع”.
وأضاف المصدر أنّ “الأسبوع الأخير شهد تراجعاً كبيراً في عملية شراء المواد الغذائية من قِبَلِ الأهالي، بسبب ارتفاع أسعار المواد إلى الضعف، إضافة إلى عدم استقرار في الأسعار، مما دفعَ الأهالي إلى الاعتماد على المخزون المنزلي من المواد الأساسية”.
وأشار العربيني، إلى أنّ “حركة الأسواق في دوما على سبيل المثال تشهد حالة من الجمود وقلّة الحركة، نتيجة الغلاء، موضّحاً أنّ تأمين المحروقات من أجل التدفئة هو أكثر ما يشغل الناس حالياً في الغوطة”.
وحول تقييمِ الوضع المعيشي في الغوطة الشرقية، وخاصة في ظلّ انهيار الليرة السورية، أوضح الصحفي السوري، يمان السيد في تصريح لـ “السورية نت”، أنّ “السكان (في الغوطة) يرون أنّ الوضعَ في الغوطة الشرقية أثناء الحصار هو أفضل بكثير من الوضع الحالي، وذلك لعدّةِ أسباب، الأول هو وجود مؤسسات إنسانية، وكانت كلُّ أنظار العالم موجّهةً إليها آنذاك, وهذا كان يساعد الأهالي لحصولهم على وجبات غذائية مستمرّة، أو حتى من الوارد المالي الذي كان يصلهم عبْرَ أقاربهم في الخارج، وكذلك عن طريق الجمعيات التي كانت تقدّم الحطب والخبر المدعوم”.
وأضاف السيد الذي ينحدرُ من الغوطة الشرقية “اليوم بعدَ سيطرة نظام الأسد تحوّلت الغوطة من حصار خارجي من قِبَلِه إلى حصار داخلي، يعني أنّ نظام الأسد أصبح يحاصرهم من الداخل، حيث لم يعدْ هناك مشافي طبية مجانية، ولا جمعيات إغاثية، حيث كانت معظم الخدمات تقدّم بشكل مجاني، بينما اليوم الوضع ازاد سوءاً، وبالتالي إذا كانت ربطة الخبر أثناء الحصار بـ 1200 ليرة سورية، فاليوم رغم أنّها بـ 150 ليرة إلا أنّه لا يوجد لدى الأهالي واردٌ مالي لشرائها، وخاصة أنّ نظام الأسد عمل على التضييق على المحلات التجارية وكذلك إعادة الإعمار”.
وبما يخصّ موارد الأهالي الحالية في الغوطة الشرقية، يُضيف السيد، أنّه “لا يوجد مورد ثابت للأهالي، إذ أنّ بعض الأهالي كانوا يتخوّفون من بيع منازلهم أثناء الحصار، لأنّ أسعار المنازل كانت زهيدة، بسبب عقبات كثيرة منها صعوبة إفراغ المنزل باسم شخص جديد، وبالتالي اليوم هذا الأمر يدفع الأهالي الموجودين لبيع ما يمتلكون من مدخرات وحتى عقارات، و هم أصلاً استنفذوا معظمها أثناء الحصار”.
وأكّد السيد أنّ “الوضع حالياً كارثي في الغوطة، و لا يوجد مساعدات، ولا واردٌ مالي، خاصة مع انهيار الليرة السورية، إذ أنّ ارتفاع الدولار يعكس ارتفاعاً كبيراً في الأسعار تصل إلى الضعف، فسعر السكر مثلاً، عند ارتفاع الدولار، يقفز من 150ليرة إلى 250، وهذا ما يشكّل زيادةَ ضغط كبير على الأهالي”.
وأضاف السيد أنّ “قسماً من الأهالي يعتمد على الزراعة..بينما بقية السكان يعتمدون على الأعمال اليومية من النجارة والحدادة وتصليح الآليات وعمليات البناء البسيطة”.
وخرجت أخر فصائل المعارضة بالغوطة الشرقية، من مدينة دوما، في نيسان 2018، نحو إدلب، لتبسطَ قوات الأسد سيطرتها على كامل الغوطة الشرقية، لأوّلِ مرّة منذ سنة 2012.
ويعاني سكان مناطق سيطرة نظام الأسد هذه الأيام، من تبِعات الارتفاع غيرِ المسبوق في سعر صرف الدولار، وهو ما ينعكس سلباً على السكان، لكون كافة البضائع والسلع الأساسية تُسجّل ارتفاعاً كبيراً في أسعارها، وسطَ ضعفِ القوة الشرائية أساساً.