بعدَ ألمانيا.. السلطاتُ السويديةُ تلاحقُ مجرمي الحربِ بينَ اللاجئينَ السوريينَ

بعد عدّة أيامٍ من اعتقال الشرطة الألمانية الطبيب السوري “علاء موسى” بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية أثناء عمله في مستشفى حمص العسكري في سوريا، نشرت الشرطة السويدية على موقعها الرسمي إعلاناً باللغة العربية، قالت فيه إنّ السويد ليست ملاذاً آمناً لمجرمي الحرب.

وجاء في الإعلان الذي تداوله ناشطون سوريون في مواقع التواصل الإجتماعي، أنّ على كلّ شخصٍ تعرّضَ لأيَِّ جريمةٍ من جرائم الحرب، أو يعرف شخصاً ممن تعرّضوا لتلك الجرائم، أنْ يتصلَ مباشرة بالشرطة، مع تخصيص رقم هاتفي وبريد إلكتروني لتلك الغاية.

حيث إنّ جميع دول الاتحاد الأوروبي تلاحق أيَّ شخصٍ يتمُّ الإبلاغ عنه بتهمة اشتراكه بجرائم حرب ضدّ الشعب السوري، وكانت السويد العام 2017 أول دولة أوروبية تحاكم جندياً سورياً سابقاً ارتكب جرائم ضدّ الإنسانية، بما في ذلك التمثيل بالجثث، قبل توجّهه إلى أوروبا، علماً أنّه بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، يمكن للسلطات السويدية مقاضاة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بغضّ النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية الضحايا والجناة.

ورغم أنّ الحرب على الشعب في سوريا بدأت أصلاً قبلَ تسع سنوات باتهامات للاستخبارات السورية وأجهزة الأمن السرية بارتكاب عمليات تعذيب ضدّ أطفال ومراهقين، وتصاعدت لاحقاً لتبلغ مستوى اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، عطفاً على عمليات القتل الجماعي المروّعة التي قام بها نظام الأسد ضدّ المدنيين، إلا أنّ نظام القانون الدولي فشل في محاكمة أيِّ مسؤول سوري عن ذلك.

وخلال موجة اللجوء من سوريا إلى أوروبا، وصلت أعدادٌ غيرُ معروفة من مجرمي الحرب السوريين مع اللاجئين، وحصلوا على حقّ اللجوء في دول أوروبية عديدة، لكنّ وسائل إعلام ومنظّمات حقوقية سورية، تحاول في الفترة الأخيرة فتحَ ملفات هؤلاء لتتمّ محاكمتهم في الدول التي لجأوا إليها.

ومع تلاشي الآمال تدريجياً في حدوث عملية انتقال سياسي يمكن أنْ تحقّق محاسبة كاملة داخل البلاد، فإنّ التحركات الأخيرة تقدّم بصيصاً من الأمل بأنّ المحاكم خارج سوريا يمكن أنْ تحتجز على الأقل بعض مجرمي الحرب المسؤولين عن مقتل حوالي نصف مليون شخص، في وقت بات فيه الأسدُ ضامناً لبقائه في السلطة حتى بعدَ بدء تطبيق قانون قيصر وتصريحات الإدارة الأميركية مجدداً بأنّها لا تبحث عن تغيير نظام الأسد، ما يعني أنّ هناك حاجة ملحة جديدة للبحث عن سبل أخرى لتوثيق جرائم الحرب والمعاقبة بشأنها، مع عدم قدرة المفتشين الدوليين والحقوقيين من دخول البلاد، حسبما يقول محامون سوريون ودوليون.

وبقدر ما يبدو ذلك محبطاً بالنسبة لأولئك الذين يريدون محاكمة رأس النظام بشار الأسد، وكبار المسؤولين الآخرين في النظام بشأن جرائم أشدّ خطورة مثل استخدام الأسلحة الكيميائية، وقصف المستشفيات، واحتجاز وتعذيب عشرات الآلاف من الناس، إلا أنّ المحاكمات الأخيرة التي شهدتها ألمانيا خلال الأشهر القليلة الماضية وما تقوم به دول أخرى مثل السويد من جهود، تعطي قليلاً من الأمل بهذا الصدد.

وتشير هذه الخطوات الصغيرة إلى صعوبة الملاحقة القضائية العالمية، حيث استخدمت روسيا، أقوى الدول الداعمة للحكومة السورية، حقّ النقض “فيتو” في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل منعِ محاولات الولايات المتحدة وحلفائها لإحالة المشتبه فيهم من جرائم الحرب السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى