تقريرٌ حقوقيٌ يرصدُ حجمَ الجرائمِ ضدّ أطفالِ سوريا
أكّدت “الشبكة السورية لحقوق الانسان”، أنّ “حجم الجرائم المرتكبة بحقّ الأطفال في سوريا لا يمكن تصوّره”، وحذرت من أنّ استمرار هذه الجرائم إضافة إلى تقاعس المجتمع الدولي عن العمل لإعادة تأهيل الأطفال، “سوف يتسبَّب في عواقب يصعب التنبؤ بها”.
وجاء في تقرير الشبكة، الذي صدر بمناسبة اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، الذي يصادف 4 حزيران من كلّ عام، أنّ الانتهاكات والجرائم بحقّ الأطفال في سوريا “لا تكاد تشبه أيّة دولة في العالم، وبشكلٍ خاص عمليات القتل بسبب القصف العشوائي، وعمليات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز والتجنيد القسري، والتشريد القسري وقصف المدارس ورياض الأطفال، ولا تزال هذه الجرائم الفظيعة مستمرّة حتى الآن”.
ووثّقت الشبكة، استشهاد 29296 طفلاً وطفلة “على يد الأطراف الرئيسية الفاعلة في سوريا”، منذ آذار 2011 حتى حزيران 2020، كما أنّ ما لا يقلّ عن 4816 طفلاً وطفلة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.
وعلى مستوى الأضرار التي لحقت بالمستوى التعليمي، تشير إحصائيات الشبكة إلى تعرّض ما لا يقلّ عن 1577 مدرسة لاعتداءات في الفترة ذاتها.
ورغم إحصاء الشبكة انتهاكات وجرائم ارتكبت من جميع “الأطراف الفاعلة الرئيسية في سوريا”، شدّدت على أنّ نظام الأسد وحلفاءه مسؤولون عن الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات، وفقَ الأرقام التي قدّمتها الشبكة لجميع الأطراف.
وجاء في التقرير, “صحيح أنّ جميع أطراف النزاع انتهكت حقوق الطفل في سوريا، إلا أنّ نظام الأسد تفوّق على جميع الأطراف من حيث كم الجرائم التي مارسها على نحو نمطي ومنهجي”.
وأضاف, “يُهدّد الشعب السوري بأكمله خطر حقيقي نظراً لانتشار الأمية بشكل غيرِ مسبوق في تاريخ سوريا، فقد تراجعت نسبة التحاق الأطفال بالمدارس في بعض المناطق إلى صفر في المئة”.
وأوضح أنّه “من أبرز أسباب هذا التَّراجع التشريد القسري، الذي تعرَّض له نصف الشعب السوري، وصعوبة العثور على فرص عمل، والقصف المتعمَّد للمدارس، الذي مارسته بشكلٍ أساسي قوات الأسد والمحتل الروسي، وكذلك استيلاء التنظيمات الإسلامية المتشدّدة على بعض المدارس وتحويلها إلى معسكرات تدريبية، أو في حال الإبقاء عليها فقد قامت بفرض مناهج تدريسية متطرفة تخدم أجندتها، وقد قامت ميليشيا “قسد” ذات الهيمنة الكردية بفرض مناهج تحمل طابع التمييز العرقي في بعض مدارس المناطق التي سيطرت عليها”، بحسب التقرير.
كما “يُعاني قسمٌ من الأطفال اضطرابات نفسيَّة بسبب فقدان أحد الأقرباء، كما أنَّ بعضهم ممن نجا من القتل الجماعي بسبب القصف أو الحصار أو التعذيب انخرطَ في الصراع المسلح”.
وأكّد التقرير “حرمان معظم الأطفال المولودين خارج مناطق سيطرة نظام الأسد من الحصول على وثائق رسمية تثبت هوياتهم، وكما عانى الأطفال المولودون في مخيمات اللجوء أيضاً من الأمر ذاته، ناهيك عن عمالة الأطفال في مناطق نزوحهم أو بلدان اللجوء, نظراً لأنَّ الطفل في كثير من الحالات بات المعيل الوحيد لأسرته بعد مقتل الأب أو اختفائه”.
وحذّرت الشبكة من أنّه “لن تتمكَّن سوريا من النهوض والاستقرار، وعودة المجتمع نحو التَّماسك وتوقِّف عملية الانحدار نحو دولة فاشلة، ما لم تنهض الدول الإقليمية والدول الصديقة بمسؤولياتها أمام أطفال سوريا على مستوى إعادة التأهيل والتعليم، ومكافحة ظاهرة تجنيد الأطفال، وهذا يتطلب بذل جهود وإمكانية مضاعفة”, ونبهت إلى أنّ “الفشل المستمر في إيقاف ما يتعرّض له هؤلاء الأطفال من انتهاكات أولاً، وفي الاستجابة لإعادة تأهيلهم, ثانياً, سوف يتسبَّب في عواقب يصعب التنبؤ بها”.
وطالبت الشبكة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، بـ”تخصيص موارد كافية لإعادة تأهيل الأطفال، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة بالفتيات الذين تأثروا بالانتهاكات بشكل مباشر، واللاتي تعرضنَ للاستغلال الجنسي، بحسب المناطق الأكثر تضرّراً”.
وحثّت الشبكةُ المجتمع الدولي على “تأمين حماية ومساعدة للأطفال المشرّدين قسرياً من نازحين ولاجئين، والوفاء بالالتزامات أمام معاهدة حقوق الطفل، وبذل جهود جدّية لعزل نظام الأسد وفضح ممارساته، وإيقافها في أقرب وقتٍ ممكنٍ، ودعم إمكانيات المحاسبة كافة في سوريا”.
وأكّدت أنّ “قضية أطفال سوريا هي قضية عالمية، يجب على كلِّ الدول أنْ تبذلَ جهدها في التخفيف من تداعياتها، عبْرَ دعم المدارس والعملية التعليمية والطبية داخل سوريا، وللأطفال اللاجئين”.