تقريرٌ: نظامُ الأسدِ يستعجلُ إحكامَ سيطرتِه على درعا

لم تمضِ أيامٌ على تطبيقِ خريطة حلٍّ روسي في منطقة درعا البلد، جنوبي سوريا، حتى بدأت قواتُ الأسد في الدخول تباعاً إلى بلدات وقرى خارج سيطرتها بشكلٍ فعلي في محافظة درعا، في خطوةٍ هدفُها تحييد المحافظة بشكلٍ نهائي عن الصراع الدائر في البلاد، بعد أنْ بقيت درعا لفترة طويلة بمثابة “الخاصرة الرخوة للنظام”.

ونقل موقع “العربي الجديد” عن المتحدّث باسم “تجمّع أحرار حوران” أبو محمود الحوراني، قوله، إنَّ “قوات الأسد دخلت، أمس الاثنين، إلى بلدة اليادودة في ريف درعا الغربي، برفقة دورية تابعة للشرطة العسكرية الروسية، وأعضاء من اللجنة المركزية التي تمثّل أهالي محافظة درعا”.

وأشار إلى أنَّ هذه القوات “فتحت على الفور مركزاً لتسوية أوضاع الشبّان المطلوبين والمنشقّين عنها في البلدة، تطبيقاً لاتفاقٍ توصّلتْ إليه، أول من أمس الأحد، مع وجهاء من البلدة”.

حيث نصَّ الاتفاقُ على “دخول قوة عسكرية إلى بلدة اليادودة، وتفتيشِ المنازل فيها بمرافقة دوريات تابعةٍ للشرطة العسكرية الروسية، وإجراءِ تسويات لعشرات الشبّان المطلوبين والمنشقّين عن النظام فيها، بدءاً من أمس الاثنين”.

وكشف المتحدّث أنَّ “اجتماع الوجهاء بالنظام، جاء بطلبٍ من رئيس جهاز الأمن العسكري في محافظة درعا، لؤي العلي، أبلغهم خلاله بمطالب النظام لتجنيب المنطقةِ أيَّ تصعيدٍ عسكري”.

وجاء اتفاق بلدة اليادودة بعدَ أيامٍ قليلة من اتفاق مماثلٍ جرى في منطقة درعا البلد، أنهى أزمةً دامتْ لأكثرَ من شهرين، بعد أنْ وافق الأهالي على تسويةِ أوضاع المطلوبين وتسليمِ السلاح، ونشرِ تسع نقاط عسكرية وأمنيّة لقوات الأسد داخل المنطقة، مقابلَ إنهاء الحصار على آلاف المدنيين، وانسحاب الميليشيات الإيرانية من محيط المنطقة.

ولا تزال هناك العديد من البلدات والقرى في الريفين الغربي والشرقي لمحافظة درعا خارجَ سيطرة قوات الأسد وأجهزته الأمنيّة، وهو ما يعني أنَّ السيطرة الكاملة على المحافظة تحتاجُ إلى وقتٍ.

وأوضح الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، أنَّ البلدات التي لا تزال خارج سيطرة نظام الأسد في ريف درعا الغربي، هي، سحم الجولان، حيط، تسيل، نافعه، جلين، مساكن جلين، المزيريب، تل شهاب، زيزون، العجمي، المزيرعة.

ورجّح الحوراني دخولَ قوات الأسد إلى هذه البلدات وفقَ الاتفاق الذي تمَّ في بلدة اليادودة.

وأفاد بأنَّ ريف درعا الشرقي يضمُّ العديدَ من البلدات التي يسعى نظامُ الأسد إلى فرضِ سيطرته عليها مستقبلاً، وهي، بصرى الشام، بصر الحرير، ناحته، الكرك الشرقي، الغرايا الشرقية، الغربية، صيدا، الجيزة، الطيبة.

مشيراً إلى أنَّه يتمركز في بلدة بصرى الشام “اللواء الثامن” التابع للجانب الروسي، الذي يضمُّ مئاتِ المقاتلين الذين كانوا في صفوف فصائل المعارضة السورية قبلَ أنْ يُجروا تسوياتٍ مع نظام الأسد في منتصف عام 2018.

ويقود هذا اللواء أحمد العودة الذي يُنظر إليه باعتباره “رجلَ موسكو” في محافظة درعا، لذا من المتوقّع أنْ يبقى محافظاً على وضعه في حال دخول قوات الأسد إلى بلدات ريف درعا الشرقي.

من جهته، أبدى نقيب المحامين الأحرار في درعا، سليمان القرفان، اعتقاده أنَّ “الاتفاق الذي جرى بين اللجنة المركزية بدرعا البلد والروس واللجنة الأمنية التابعة للنظام حول منطقة درعا البلد، يشمل بنفس البنود ونفس النقاط الريفَ الغربي من المحافظة، لأنَّ اللجنة المركزية في هذا الريف كانت مشاركة في هذا الاتفاق.

ورأى القرفان، أنَّ الاتفاق لن يطبّق على بلدة بصرى الشام في الريف الشرقي “نظراً للحالة التنظيمية الكبيرة التي شهدتها وعدم وجودٍ لفوضى السلاح”.

وقال لموقع “العربي الجديد”، منذ سقوط الجنوب السوري في تموز 2018 بيد قوات الأسد كانت منطقةُ بصرى، وما زالت، بعيدةً عن الاغتيالات والفوضى التي شهدتها باقي المناطق في المحافظة.

في السياق، وصفَ المحلّلُ السياسي محمد العويّد، ما يجري بـ”تجميد الحالة في جنوب سوريا”، مضيفاً أنَّ إجراءَ تسويات في درعا، والدفعَ لاقتتال داخلي في السويداء، يساهم في سيطرة قوات الأسد على القنيطرة وريف دمشق الجنوبي.

وأبدى اعتقادَه بوجود دورٍ أردني في جنوب سوريا “سيتّضح في الأيام المقبلة”، مضيفاً لـ”العربي الجديد”، ربَّما أنَّ يكون مصالح واقتصاديات الدول أولوية على دمائنا.

من جانبه، أشار المحلّل العسكري العميد أسعد الزعبي، وهو من أبناء محافظة درعا، إلى أنَّه “كان من المتوقّع دخولُ قوات الأسد إلى كلِّ بلدات محافظة درعا بعد اتفاقِ أحياءِ درعا البلد”.

معتبراً، أنَّ الاتفاق هو “لصالح حوران”، منوّهاً إلى أنَّه محاطٌ بالسريّة حرصاً على سمعةِ روسيا.

ورأى أنَّه لا يمكن تحييد درعا أو غيرِها عن الصراع في سوريا، مضيفاً أنَّه لن يكون هناك تحييد لأيِّ نقطة في سوريا، طالما ليس هناك حلٌ سياسي ينهي النظام القائم في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى