تقولُ عائلاتُ المفقودينَ السوريينَ: “الأسدُ يريدُهم أنْ يموتوا بسببِ فيروسِ كورونا”

بينما تجري محاكمة تاريخية في ألمانيا، تصف عائلاتُ الأشخاصِ المفقودين في نظام السجون السوري العذاب والرشوة والتعذيب، حيث تقول عائلات المفقودين في نظام السجون السيّئ السمعة في سوريا، إنّهم يخشون ألا يروا أحباءهم مرّة أخرى بسبب انتشار فايروس كورونا، مع بدءِ محاكمة تاريخية حول التعذيب الذي قام به النظام.

تشير التقديرات إلى أنّ ما بين 75000 وما يزيد عن 200.000 شخص في عِداد المفقودين في سوريا، ويُعتقد أنّ العديد منهم إما ماتوا أو احتُجزوا قسراً، على الرغم من مناشدات منظمات الإغاثة مثل منظمة العفو الدولية، تقول العائلات إنّه لم يتمّ فعل الكثير لمحاسبة النظام، وأنّ المجتمع الدولي فشل في حماية الشعب السوري.

ويأتي في الوقت الذي مَثُل فيه اثنان من ضباط مخابرات النظام السابقين المزعومين أمام محكمة ألمانية يوم الخميس، متّهمين بارتكاب جرائمَ ضدّ الإنسانية لمعاملة المعتقلين في رعايتهم في القضية الأولى للمحكمة بشأن التعذيب الذي قامت به الدولة على يد نظام بشار الأسد.

في حين أنّ القضية تعطي بعضَ الأمل، إلا أنّها تتمّ على أساس مبدأ الولاية القضائية العالمية، الذي يسمح لبلد أجنبي بمحاكمة الجرائم ضدّ الإنسانية، حيث أنّ المحكمة الجنائية الدولية تعوقها حقُّ النقض من روسيا والصين، المتهمان “أنور رسلان” و”إياد غريب” متّهمان بعدّة تهمٍ بالقتل والاغتصاب والتعذيب.

قالت “غرام زريم”، التي فقدتْ أربعةَ أعمامٍ منذ اعتقالهم من قبل النظام في 2013: “ليس فقط أفراد عائلاتنا هم الذين يتعرّضون للتعذيب، بل نتعرّض للتعذيب أيضًا، أين أحبائي؟، فقط قدم لنا المعلومات، حتى أنك لا تحتاج إلى السماح لهم بالرحيل”.

قالت مديرة المشروع، 30 سنة، التي كانت في الأصل من مدينة اللاذقية شمال غرب البلاد لكنّها تعيش الآن في جنوب تركيا، إنّه مع عدم وجود أخبار عن مكان أعمامها وغيرِ قادرة على تأكيد وفاتِهم في الجنازة، فإنّ عدمَ الإغلاق يلقي بفترة طويلة الظلّ على كلّ فردٍ في الأسرة.

حاولت زوجة أحد أعمامها بيعَ منزلها مقابل 2000 دولار أمريكي اللازمة لرشوة حراس السجن للحصول على معلومات، قالت السيدة “زريم”، إنّ الدفع للحصول على أخبار صديق أو قريب أمرٌ شائعٌ بين أولئك الذين يمكنهم جمع النقود معًا، لكن ذلك ليس سهلاً في بلد يعاني من عقدٍ من الحرب تقريبًا والمشاكل الاقتصادية التي تصاحبها.

“لقد سمعت الآن شائعات بأنّ فايروس كورونا موجودٌ في سجن عدرا، هناك ما يصل إلى 50 شخصًا لكلّ خلية هناك والأسد يريدهم أنْ يموتوا”.

“أم محمد”، 45 عامًا، وهي مزارعة تعيش الآن أيضًا في مقاطعة هاتاي التركية، تمّ احتجازُها لمدّة ستة أشهر في عام 2013 إلى جانب اثنين من أبنائها، ولم ترَهم أو تسمع أخبارًا عنهم منذ ذلك الحين، “لقد تعرّضت لأشدّ حالات التعذيب، مما تسبّب في القلق والخوف الشديد، تعرّضت للضرب الذي أدّى إلى انهيار عصبي شديد وحبس في زنزانة مع 60 امرأة أخرى”.

“لقد شاركنا حماماً واحدًا في الزنزانة وشربنا المياه الملوثة من المرحاض، كان الطعام الذي أعطونا إياه فاسدًا، لم يكن هناك صابون في الحمام، النظافة الصحية كانت سيئة للغاية، كان أمراً لا يوصف، وقالت إنّها قلقة الآن بشكل خاص على أبنائها والمحتجزين الآخرين لأنّ فايروس كورونا ليس معديًا للغاية والظروف السائدة في السجن فحسب، فالتدابير المطبّقة لمكافحة انتشار المرض تعني أنّه يكاد يكون من المستحيل مواصلةُ بحثِها عنهم.

“السجناء الذين احتجزوا لديهم قملُ الرأس، لم يكن هناك دواء وعانى الناس من الإسهال حتى وفاتهم، إذا أصيب أحد السجناء بالعدوى فسوف ينتقل إلى جميع الآخرين ويسبب كارثة إنسانية”، بالنسبة لبعض العائلات يزداد ألمُ عدم المعرفة سوءًا بسبب المعلومات غيرِ الدقيقة، قالت السيدة “زريم” إنّه على الرغم من أنّ النظام أعلن وفاة أحد أعمامها، إلا أنّ الأسرة لا تعتقد أنّ هذا صحيح.

“الآباء لا يثقون بالمعلومات التي تُسلّمها لهم الإداراتُ المدنية، والتي يجب أنْ تكون مصدرًا موثوقًا به، قالت “أمل النسيم”، الرئيس التنفيذي لمركز أمل للشفاء والمناصرة، الذي يمثل عائلات المفقودين في سوريا: “يتمّ إطلاقُ سراحِ بعض الأشخاص أحياءً عندما تقول وثائقهم المدنية إنّهم ماتوا”، قالت السيدة “النسيم” إنّ إحدى العائلات وجدت ابنها على قيد الحياة بعد عامين من إخبارهم بوفاته، وتمّ تقديم شهادة وفاة له وجنازة له.

“تحدث الناجُونَ من التعذيب عن نقصِ الرعاية الصحية والغذائية وأهم ضرورات الحياة في السجن، والآن يتعيّن على العائلات أنْ تضيف إلى ذلك الخطر المتمثل في وفاة أقاربهم بسبب فايروس كورونا”، قال العديد من السوريين الذين تحدّثوا إلى “ذا ناشيونال” إنّ العدد المسجّل للوفيات الناجمة عن الأزمات القلبية حتى بين المراهقين والالتهاب الرئوي قد ازداد بمعدل غيرِ معتاد في الأشهر القليلة الماضية، في حين أنّ العدد الرسمي للوفيات وحالات الإصابة بـ Covid-19 في لا تزال البلاد منخفضة نسبياً.

تقول العائلات إنّها لا تقلق فقط من أنّ النظام لن يحميَ أحباءهم الذين يُحتجزون في الغالب بتهمٍ فضفاضةِ التعريف وذاتِ دوافع سياسية من الوباء، ولكنّها بطاقة ملائمة للخروج من السجن لنظام به العديد من الوفيات غيرِ المبرّرة لحساب، وقالت “هدفنا هو أنْ يكشفَ النظامُ عن حالة المفقودين ويسمحَ للجان الدولية واللجان الطبية بتقديمِ الرعاية الصحية في مراكز الاعتقال والسماحِ للعائلات برؤية أطفالها وتسليمِ الجثث، أمهاتُ الشهداء يستطعْنَ النوم، بينما أمهات المعتقلين والمفقودين لا يستطعْنَ النوم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى