حملاتُ التجنيدِ في ديرِ الزور تتسبَّبُ بموجةِ نزوحٍ للشبابِ ومصادرُ تكشفُ وجهتَهم
تشهد مدنُ وبلداتُ وقرى دير الزور الخاضع منها لسيطرة “قسد”، أو نظام الأسد وميليشيات الاحتلال الإيراني، موجةَ نزوح للشباب لأسباب عدّة، على رأسها قرارات وحملات التجنيد الإجباري المفروضة من قِبل القوى المسيطِرة على المحافظة.
وبدأت ميليشيا “قسدٍ” تطبيق قرارات التجنيد الإجباري عملياً منذ قرابة 5 أشهر، وشملت مواليد 1990 حتى 2000، وفي سبيل ذلك ُشنّت حملات تجنيد، وأُقيمت الحواجزُ في مناطق عدَّة من محافظة دير الزور, وفقاً لما ذكرته مصادر إعلامية محلية.
ووفقاً للمصادر فقد لوحظ أيضاً تزايد حالات هروبِ منتسبين لـ”قسد” والانشقاقِ عنها بسبب المعاملة السيّئة من قيادات الميليشيا، إضافةً إلى اقتطاع جزء من رواتبهم وسرقة الدعم المقدَّم لهم، ناهيك عن عدم حصولهم على أيّ معونات رغمَ زيادة ساعات عملهم وزجِّهم في مناطق ساخنة قرب البادية لقتال تنظيم “داعش”.
وذكرت المصادر أنَّ مناطق سيطرة “قسد” سجَّلت حالات هروب عددٍ من معارضي نظام الأسد وتنظيم “داعش” باتجاه مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري في الشمال السوري، وذلك بسبب تزايد عمليات الاغتيال المنفّذة من قِبل خلايا التنظيم وخلايا نظام الأسد على حدٍّ سواء، والابتزاز المالي الذي يتعرّض له بعضُ سكان المنطقة لدفع مبالغ ماليّة أو القيام باستتابة لصالح “داعش”.
وفي هذا السياق نقلَ موقع “أورينت نت” عن مصادر في المنطقة قولها, إنَّ ميليشيا “قسد” تسعى لإفراغ المنطقة من شبّانها عبْرَ فرضِ التجنيد الإجباري وسوقِهم إلى الخدمة العسكرية من خلال عمليات دهمٍ وملاحقة واعتقال الشبّان في المناطق، بهدف إحكامِ سيطرتها على المنطقة وإحداثِ عملية تغيير ديموغرافي.
وتحدَّث للموقع “محمد العمر” وهو أحدُ قاطني مناطق دير الزور الواقعة تحت سيطرة الميليشيا، إنَّ الأخيرة اعتمدت التجنيد الإجباري كنهجٍ مزدوج لمحاربة أهالي المناطق من العرب الواقعة تحت سيطرتها.
وتعمَّد “قسد” إلى زجِّ الشبّان من عرب المنطقة للقتال في الصفوف الأولى ومواجهة تنظيم “داعش”، ليصبحوا عُرضةً ومقرَّ استهداف لهجمات “داعش” التي باتت تنشط بوضوح في المنطقة. ومن جهة أخرى تواظب “قسد” على ممارسة ضغطٍ حياتي إلى جانب ضغوط معيشية أخرى تشمل البطالة وغلاءَ الأسعار على شبّان المنطقة.
وكشف الناشط من دير الزور “عبد الله الديري” للموقع, أنَّ بعض الخارجين هرباً من تجنيد “قسد” تستقطبهم “إغراءاتٌ ماليّة” للالتحاق إلى مناطق سيطرة القوات التركية والجيش الوطني.
وأكَّد الديري أنَّ “الذين يهربون من قسدٍ يتجَّهون للانضمام لصفوف الجيش الوطني ضمنَ تشكيلات المناطق الشرقية، أو يقومون بالعمل كمدنيين ومنهم من يكمل دراسته، في حين أنَّ القسم الآخر يذهبون للعمل في تركيا أو يكملون طريقهم نحو أوروبا”.
وحول ذلك نقلَ موقع “أورينت نت” عن مصدر خاص قوله, إنَّ عشرات الشبّان باتوا يخرجون إلى تركيا بشكلٍ أسبوعي، حيث شهدَ الشهر الماضي تسجيلَ هجرة أكثرَ من 150 شاباً، ولفتَ المصدرُ إلى أنَّ حرس الحدود التركي خفَّفوا عملياتِ المراقبة للسماح للشبّان بالهرب من التجنيد الإجباري”.
ولم تقتصرْ عملياتُ التجنيد الإجباري على مناطق دير الزور بل باتتْ تنتشر في المناطق الشرقية لتشملَ الرقة والحسكة، لتكون وجهة الشبان إلى مناطق “نبع السلام” ثم تركيا.
واقتحمت ميليشيا “قسد” مؤخَّراً مدرسةَ الرقة “السمرا” الواقعة شرق الرقة وساقت عدداً من المعلمين إلى التجنيد الإجباري، كما اعتقلت الميليشيا أربعة معلمين بُغية سَوقهم إلى الخدمة الإجبارية بعد مداهمتها مدرسةَ “خنيز السلمان” شمالَ الرقة.
وأوضح الصحفي “فارس علاوي” للموقع أنَّ طُرَق التهريب التي يسلكها الشبّان للهرب من ميليشيا “قسد”، فهي تبدأ من المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيا “قسدٍ” في دير الزور وصولاً إلى الرقة ثم ريف حلبَ الواقع تحت سيطرة الجيش الوطني المدعوم من قِبل تركيا.
وحول ممارسات قسدٍ تجاه المدنيين في مناطق سيطرتها، يرى “علاوي” أنَّ الميليشيا اليوم ” باتت بأمسَّ الحاجة لتجنيد شبّانٍ من المناطق الواقعة تحت سيطرتها، إلى جانب وجود صراعات عشائرية وعائلية بين الشخصيات التي تنتمي لـ”قسد” وغير المنتمين لها، ومن مصلحتها عدمُ وجود شبّان معارضين لها في المنطقة”، حسب تعبيره.
واستبعد علاوي أنْ يكونَ هناك بالفعل عملياتٌ ممنهجةٌ لإحداث “قسد” تغييراً ديموغرافياً”، وإنَّما “هي عمليات احتواء للعرب الذين هجّرهم نظام الأسد خلال حملة 2017، إذ إنَّ الهدف من هذا التهجير هو تخفيف الضغط عليها من خلال تهجير الشبان المعارضين لها”.
بالمقابل تشهد مناطقُ سيطرة نظام الأسد حملات تجنيد واسعة من قِبل الشرطة العسكرية التابعة له، آخرها مطلعَ شهر آذار الحالي في مدينة البوكمال وريفها، وجرى خلالها اعتقال أكثرَ من 100 شابٍّ للخدمة الإلزامية والاحتياطية، إضافة إلى اعتقال منتسبين لميليشيات “الدفاع الوطني” و”الحرس الثوري” الإيراني، وإطلاق سراحهم عقبَ ذلك بسبب امتلاكهم البطاقة الليزرية المؤقّتة، وهي تُمنح لمنتسبي الميليشيات بهدف حمايتهم من حملات التجنيد.
موجةُ الهروب من مناطق سيطرة نظام الأسد وميليشيات الاحتلال الإيراني، تسبَّبتْ بها كذلك الوضع المعيشي الصعب، وانقطاع فرص العمل، وارتفاع الأسعار الكبير، وشبه غيابٍ للخدمات الأساسية، ما دفعَ الكثيرَ من الشباب وعائلاتهم إلى وضع منازلهم وعقاراتهم للبيع، بهدف تأمين طريق الوصول للأراضي التركية.
وشبَّهت مصادر محليّة موجة النزوح الحالية من دير الزور، ما سبقها عام 2017، عندما أصدر تنظيم “داعش” قراراً بفرض التجنيد الإجباري للانضمام إلى صفوفه.