خاص: حملةُ غضبٍ كبيرةٌ من ناشطي ومدنيي الشمالِ السوري بسببِ استمرارِ التهريبِ بين المناطقِ المحرّرةِ ومناطقِ الأسدِ وقسدَ
أثارت فوضى المعابر في ريف حلب الشمالي واستمرار عملها بشكلٍ غيرِ شرعي استياءً واسعاً في أوساط الناشطين والمدنيين السوريين، والذين شنّوا هجوماً لاذعاً عبْرَ مواقع التواصل الاجتماعي ضدّ عمليات التهريب تلك، على الرغم من إعلان الحكومة السورية المؤقّتة إغلاق تلك المعابر منذ منتصف آذار الماضي.
وجاء في المنشورات التي تمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين بأنّ طُرُقَ التهريب المنتشرة بين مناطق نظام الأسد والمناطق المحرّرة لا زالت تعمل بشكلٍ كبيرٍ، على الرغم من انتشار فيروس كورونا بالمناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد، والذي أصبح يهدّد حياة الملايين من السوريين المتواجدين في المناطق المحرّرة بشكلٍ كاملٍ.
حيث وصفت منشورات الناشطين الغاضبة رفضَ الشعب السوري للجهات والأشخاص المسؤولين عن عمليات التهريب وعدم التزامهم بقرار إغلاق المعابر الشرعية أو غير الشرعية بشكل كامل، مشيرين إلى أنّ إصرار هؤلاء المهرّبين على فتحِ تلك المعابر هو استهتار بحياة ملايين السكان المدنيين، وبأنّهم سيكونون سبباً رئيسياً بإحضار وباء فيروس كورونا إلى الشمال السوري المحرَّر مقابلَ جشعهم وطمعهم بالمال.
وطالب الناشطون والمدنيون قيادة “الجيش الوطني” و”الشرطة العسكرية” باتخاذِ إجراءاتٍ أكثرَ صرامةً لمنع حركة العبور من خلال الممرّات المنتشرة بكثرة في خط التماس مع نظام الأسد وقسد في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي، وذلك خوفاً من وصول عدوى كورونا إلى المنطقة المكتظّة بمخيمات النازحين، ومناشدين المنظمات والمجالس المحلية والجهات المسؤولة بالضغط على الفصائل المسؤولة عن عمليات التهريب لتضعَ حدّاً له.
كما قام بعض الناشطين الميدانيين بالكشف عن الطرقات والمعابر غيرِ الشرعية والتي تجري ضمنها عملياتُ التهريب بين مناطق نظام الأسد ومناطق ميليشيا قسد باتجاه المناطق المحرَّرة، ومنها “الطريق من (مزارع مطر) إلى (السكرية كبيرة) وهو سالك للسيارات (تجاري ومدني)، ويسيطر على المنطقة عناصر تتبع لفصيل جيش الأحفاد”.
إضافةً إلى “الطريق من قرية (النباتي) إلى (السكرية صغيرة) وهو سالكٌ للسيارات الكبيرة من نوع قاطرة مقطورة، ويُستخدَمُ أيضاً لتهريب المدنيين وهو تابع لعناصر تتبع لفصيل الحمزة”، وأيضاً “الطريق من قرية (بيلقدار) إلى قرية (الفيخة كبيرة) وهو مستمرٌّ بتهريب المدنيين”، فضلاً عن “معبر عون الدادات، والذي يستلّمه فصيل الفيلق الأول والذي أصبحت تجري عبره عمليات التهريب ليلاً من منتصف الليل وحتى الساعة 4 فجراً، وذلك بحسب ناشطين ونقلاً عن شهود عيان في المنطقة.
ويذكر أنّ المعابر الشرعية التي تصل المناطق المحرَّرة بمناطق سيطرة قوات الأسد وميليشيا قسد هي معبر “عون الدادات” بين مدينة منبج الواقعة تحت سيطرة ميليشيا قسد ومدينة جرابلس في المناطق المحرَّرة ويسيطر عليه الفيلق الأول، ومعبر “أبو الزندين” التجاري الذي يربط المناطق المحرَّرة والمناطق التي تسيطر عليها قواتُ الأسد قرب مدينة الباب ويسيطر عليه الفيلق الثاني، ومعبر “أم جلود” (الحمران) التجاري والذي يصل بين مناطق سيطرة ميليشيا قسد والمناطق المحرَّرة في ريف حلب ويسيطر عليه الفيلق الثالث.
ويقطن في المناطق المحرَّرة في الشمال السوري أكثر من 6 مليون نسمة، في نسبة تعتبر فيها المنطقة الأكثر كثافة سكانية والأكثر اكتظاظاً نظراً لمساحة المناطق القليلة، وتهدّدُ حياةَ هؤلاء الملايين عملياتُ التهريب المستمرّة تلك في حال نقلِها لوباء فيروس كورونا، حيث لا توجد أيُّ خدمات صحية أو إجراءات وقائية أو إمكانية تطبيق أيِّ من قواعد الوقاية والأمان بالنسبة للتعامل مع هذا الفيروس، وتعاني مناطق الشمال السوري المحرَّر من نقصٍ كبير في المشافي والمراكز الصحية وأماكن الحَجر الصحي وأجهزة التنفس وسيارات الإسعاف وغيرها من المستلزمات البسيطة التي من الممكن أنْ تمنعَ تفشّي الفيروس في تلك المناطق، فضلاً عن وجود حالات اكتظاظ سكاني في المخيمات الكثيرة والكبيرة المنتشرةِ على الحدود السورية التركية والتي يمكنُ أنْ تشهد حالات وفاة بشكلٍ كبيرٍ في حال انتشار الفيروس فيها.
انتشر مقطعٌ صوتي يوم أمس لمسؤول الدفاع المدني السوري “رائد الصالح” يحذّر فيه من خطورة انتشار فيروس كورونا في المناطق المحرَّرة، منوّهاً إلى أنّ منظمة الدفاع المدني السوري ووزارة الصحة وجميع الأجهزة المختصة عاجزةٌ بشكلٍ كبيرٍ عن التعامل مع هذا الظرف في حال حدوثه – لا قدّر الله -، وأشار إلى أنّهم في صدد وضع خطط كثيرة لمحاولة التعامل معه حال انتشاره من ضمنها تأمين آلاف أكياس نقل الجثث وحفرِ القبور.
يُذكر أنّه حتى الآن لم يتمّ تسجيلُ أيُّ إصابةٍ بفيروس كورونا في عموم المناطق المحرَّرة بحسب ما أعلن وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقّتة.
وحول هذا الموضوع قال الناشط الإعلامي “زين الحلبي” عبر موقع فيس بوك : “ما زالت المعابرُ المرتبطة بمناطق سيطرة الأسد ومناطق الجيش الوطني تشهد عمليات تهريب شبه يومية من قِبَل بعضِ الأشخاص المحسوبين على فصائل الجيش الوطني والثوار، بهدف تحقيق مرابحَ شخصية دون شعورهم بالخطر الذي يُلحقونه بملايين المدنيين الأبرياء في المناطق المحرَّرة، في الوقت الذي تصل فيه التقارير والأخبار اليومية عن حجم الإصابات بوباء كورونا في مناطق سيطرة الأسد وتفشّيها بشكلٍ كبيرٍ”.
وبدوره أفاد الإعلامي “فراس مولا” بالقول: “أين قادةُ الجيش الوطني مما يحدث من عمليات التهريب الليلية التي تحدث بشكلٍ يومي، للحظة تحرير هذا الخبر لا إصابات في مناطقنا، ولكن إنْ استمرّت عمليات التهريب ستكون العواقبُ وخيمةً، وسيكون آلاف الأشخاص دماؤهم في رقبتكم، مناطقنا غيرُ مؤهّلة طبياً لاستيعاب إصابات الفيروس، من يعتمد على تركيا، فتركيا وضعها صعبٌ أيضاً، أوقفوا عمليات التهريب البشري المستمرَّة من مناطق رباطكم”.
كما نشر الناشط الإعلامي “فريد أبو يامن” بقوله: “معابرُ الموت اللي مفتوحة تهريب للبشر والتجارة بين المحرَّر والنظام حاج جعلوها لله، ولله إذا لا سمحَ اللهُ صار الوباء ووصل للمحرَّر رح نشوف أهالينا وأولادنا ورفقاتنا عم تموت بالشوارع ومارح نقدر نعمل شي، مشان 100$ تدخل فايروس كورونا وأنت فرحان بحالك، إذا أنت ملياردير وإلك قدرة بالحَجر وتتعالج، الشعب عايف حالو”.
فيما نشر أحد المدنيين ويُدعى “عبد الحي الشيخ” منشوراً قال فيه: “نطالب الحكومة المؤقّتة والشرطة العسكرية والقادة الشرفاء، نحن بمنطقة عاجزة والصحة فيها عاجزة، اليوم كلنا مسؤولون ولازم نتحرّك لوقف هذه الأعمال اللي رح تسبّب كارثة، يجب إيقاف عمليات التهريب وإيقاف حتى المعابر التجارية، ومشان الحركة التجارية يعملوا ساحة مخصّصة لتسليم واستلام البضائع من دون ما حدا يفوت على مناطق النظام وقسد، وهيك عملنا اللي علينا والباقي على الله، ربي يلطف ويفرّج على أمة محمد، الحلول موجودة لكن عقول ما في تفكّر وتعمل احتياط”.
ونظراً للتفاعل الكبير ضد هذا الخطر المحدق بالمناطق المحرّرة من قِبَل ضِعاف النفوس، فقد أصدرت الحكومة السورية المؤقتة قراراً جديداً يتضمّن الاستمرار في إغلاق نقاط العبور مع مناطق ميليشيات قسد ونظام الأسد بريف حلب شمالي سوريا، ويشمل القرار الذي أصدرته الحكومة المؤقّتة إغلاق نقاط العبور الثلاثة في مناطق الحمران وعون الدادات وأبو الزندين بريف حلب الشمالي والشرقي بشكلٍ كاملٍ وحتى إشعار آخر.
وبدوره، صرّح الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الرائد “يوسف حمود” قائلاً: “الفصائل المرابطة في خط التماس مع قوات النظام وقسد ستعمل خلال الفترة القادمة على تكثيف دورياتها لمنعِ عمليات التهريب، وسيتمّ تحويلُ المجموعات والأشخاص المتورطين بتهريب الأشخاص والبضائع إلى القضاء العسكري في ريف حلب”.
وأوضح “حمود” بأنّه “يقع على عاتق الشرطة العسكرية في ريف حلب مسؤولية متابعة الوضع الأمني في كامل خطِّ التماس لمنع عمليات التهريب، والإشراف المباشر على تطبيق القرارات التي أصدرتها قيادة الجيش الوطني والحكومة السورية المؤقّتة الخاصة بإغلاق المعابر لمنع وصول الوباء إلى المنطقة”.
يُذكر أنّ مناطق الشمال السوري كانت قد اتّخذت عدّة إجراءات احترازية للوقاية من انتشار الفيروس في المنطقة، كحظر التجول وإغلاق المعابر والمدارس ومنع التجمعات لأيِّ سبب كان، كما قامت منظمة الدفاع المدني السوري بحملة تعقيم شملت 1527 منشأة عامة وبُنى تحتية.