(خاص) مصدرٌ عسكريٌّ يكشفُ لأوّلِ مرّةٍ تفاصيلَ الاتفاقِ التركيِّ – الروسيِّ الأخيرِ حولَ إدلبَ
وقّعت تركيا وروسيا في الخامس من شهر آذار الجاري على اتفاقية جديدة بخصوص سيرِ العمليات العسكرية في شمال غرب سوريا، وذلك ضمن تحديث جديد لاتفاقية سوتشي التي كان قد تمّ إقرارُها بين الدولتين في وقتٍ سابق.
وكانت قوات الأسد والقوات الروسية والميليشيات الإيرانية قد خرقتْ جميعَ الاتفاقيات الدولية السابقة مع تركيا، حيث قامت ومنذ أكثرَ من عام بشنِّ هجومٍ عسكري كبيرٍ على المناطق التي تسيطر عليها فصائلُ الثورة السورية في منطقة خفض التصعيد الخامسة في إدلب، متجاهلةً بذلك وجودَ العديدِ من نقاط المراقبة التركية ومتجاوزة إياها ومحاصرتها بالكامل، واستطاعت قوات الأسد بدعم روسي كامل من احتلال قسم كبير من المناطق في الشمال السوري، والسيطرة على عدّة مدنٍ رئيسية كخان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وعندان ومئات البلدات والقرى بأرياف حلبَ وإدلبَ وحماة.
الأمر الذي سبّب انهياراً عاماً في صفوف فصائل الثورة السورية واستنزافاً لقدراتها، وترافق ذلك مع زيادة القصف الجويّ على البنى التحتية والمستشفيات والأسواق والمدن المكتظة بالسكان، وتهجير أكثرَ من مليون ونصفِ مواطنٍ سوري من بيوتهم إلى الخيام على الحدود التركية أو إلى مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات.
هذا الانهيار دفعَ الجيش التركي إلى التدخّلِ بشكلٍ كبيرٍ جداً ومكثّفٍ، وإنشاء عشرات النقاط العسكرية الجديدة والتدخّلِ في المعاركِ العسكرية بشكلٍ مباشر، واستهداف قوات الأسد والميليشيات الإيرانية بطيران الاستطلاع المذخّر، وقتلِ الآلاف منهم وتدميرِ مئات العربات والمدرّعات والأسلحة، وإسقاط عددٍ من الطائرات الحربية والمروحية التابعة لقوات الأسد، كما استطاعت فصائلُ الثورة السورية من خلال الدعم التركي من استعادة عشرات البلدات والقرى من قوات الأسد بريف إدلب الشرقي والجنوبي.
وبقي الاتفاق الذي وقّع عليه الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان” ونظيرُه الروسي “فلاديمير بوتين” مبهمَ التفاصيلِ مع توضيح بعضِ النقاط الرئيسية والخطوط العريضة فيه، حيث صرّحت الدولتان بنهاية الاجتماع عن الاتفاق على وقف إطلاق النار في مناطق الشمال السوري كافة، وعلى تسيير دوريات روسية تركية مشتركة على الطريق الدولي (حلب – اللاذقية) والمعروف باسم “M4″، وعلى مراقبة تركيا لشمال الطريق الدولي ومراقبة روسيا لجنوبه.
ومع الاتفاق على تسيير أول دورية تركية روسية مشتركة على الطريق الدولي بتاريخ 15 آذار الجاري، توافد مئاتُ المواطنين السوريين الغاضبين إلى الطريق الدولي، ونجحوا في قطْعِ الطريق أمام مرور الدورية المشتركة، معبّرينَ عن رفضِهم وغضبِهم من دخول قوات الاحتلال الروسي إلى المناطق التي قامت روسيا بتدميرها وقتلِ وتهجيرِ أهلها، كما ظهرت بعضُ المقاطع المتفرّقة لبعض الملثّمين المسلّحين مجهولي الهوية، وهم يقفون على الطريق الدولي ويهدّدون القوات التركية والروسية في حال مرورهم من خلاله، الأمر الذي دفع تركيا وروسيا إلى اقتصار مسافة الدورية المشتركة إلى أقلَّ من ٣ كم وضمن المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد فقط.
وبخصوص هذا الشأن تواصلت شبكة المحرَّرِ الإعلامية مع مصدر عسكري خاص في الجبهة الوطنية للتحرير، وذلك من أجل الاستفسار عن تفاصيل الاتفاق التركي الروسي، ومعرفةِ بعضِ الأسئلة الشائعة بخصوص مصير المنطقة، ومع الأخذ بعين الاعتبار التوجيهات التي تخصّ الشعب السوري، وكيفية تعامله مع ما يجري حالياً.
حيث أفاد المصدر العسكري بأنّ “الاتفاق التركي الروسي اقتصرَ في هذه المرحلة على المناطق المتبقية تحت سيطرة فصائل الثورة السورية، وعلى تسيير الدوريات الروسية التركية المشتركة على الطريق الدولي حلب – اللاذقية”، موضّحاً أنّ “الجانبين وقّعا على ضمان عدم حدوث أيِّ خرقٍ عسكري من الأطراف التي ضمنوها أو أيِّ عرقلةٍ لتنفيذ الخطة المرسومة ضمن الاتفاق بين الدولتين”.
وبيّن المصدر العسكري الخاص أنّ “الدولتين اتفقتا على عدم التدخّل العسكري مع الأطراف التي ضمنوها في حالِ كان الخرق من طرفهم، ففي حال خرقت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية وحلفاؤهم لبنود الاتفاق، فتلتزم روسيا بعدم مساندتهم عسكرياً ويحقُّ للجيش التركي وفصائلِ الثورة السورية استئنافَ عملية درع الربيع مع غطاء جويّ تركيّ، وفي حال حصل الخرق أو عرقلةُ تنفيذِ الاتفاق من قِبل فصائل الثورة السورية التي ضمنتها تركيا فيحقُّ لروسيا وحلفائها استئنافَ العملية العسكرية على كامل ما تبقى من المناطق المحرّرة في الشمال السوري، دون أيِّ تدخّلٍ عسكري من قِبل الجيش التركي.
وأوضح المصدر العسكري بأنّ “الاتفاق نصّ أيضاً على الحفاظ على كافة المناطق التي تقع تحت سيطرة فصائل الثورة السورية في الوقت الحالي، وأنّ المقصود بمراقبة روسيا لجنوب الطريق الدولي تعني بضمان عدم تقدّمِ قوات الأسد وحلفائها إلى تلك المناطق، والمقصود بمراقبة تركيا لشمال الطريق الدولي هي منعُ فصائل الثورة السورية من استهداف الدوريات الروسية التركية المشتركة، ونفى المصدر الإشاعات التي تحدثت عن أنّ هذا البند يعني انسحاب فصائل الثورة السورية من المناطق التي تقع جنوب الطريق الدولي “M4” وتسلِيمها لقوات الأسد وروسيا.
وحول المظاهرات الشعبية والاعتصام المدني السلمي الذي يقوم به الأهالي لقطعِ الطريق أمام تسيير الدوريات الروسية التركية المشتركة، أوضح المصدر العسكري بأنّ “أيَّ حراكٍ شعبي مدني سلمي يعبّر فيه الأهالي عن غضبهم من روسيا دولةِ الاحتلال التي هجّرتهم وقتلتهم هو حقٌ طبيعي وفطرة سليمة ولا يمكن لأحدٍ أنْ يمنعَها”، منوهاً بذات الوقت إلى “ضرورة رفعِ الوعي الشعبي لدى الأهالي بمنعِ وجود أيِّ مجموعات مسلحة مجهولة تحاول استغلالَ وجودهم لتنفيذ مخطّطات تخدمُ قواتِ الأسد وروسيا تحت غطاء ثوري أو ديني أو عاطفي”، ومحذّراً أنّ “عاقبة هذا الأمر قد تكون كارثية على كافة المناطق المحرّرةِ، وقد تحوّلها جميعاً إلى منطقة عسكرية مباحة لقوات الأسد وروسيا”.
وشدّد المصدر العسكري الخاص لشبكة المحرّرِ على “ضرورة رفع الوعي الشعبي لدى المدنيين حول حساسية المرحلة الحالية من عمر الثورة وخطورتها، وعلى ضرورة اصطفاف الشعب السوري خلفَ الفصائل العسكرية في الجيش الوطني السوري، وعلى الثقة الكاملة بالحليف التركي ودعم وجوده وقراراته والجهود الذي يبذلها للحفاظ على المناطق المحرَّرةِ.
وفي ختام حديثه نوّه المصدرُ العسكري إلى “ضرورة تحصين الوعي والفكر لدى الأهالي بعدم الانجرار وراء بعض الجهات المجهولة التي تحاول جاهدةً خدمةَ العدو الروسي والأسدي ببثّ مقاطع عنتريات عاطفية لمجموعة مسلحين تحاول استغلالَ الحراك المدني السلمي لغايات خاصة”، منوّهاً إلى “أنّ هذه الأفعال قد شاهدناها سابقاً في عدّة مراحل خلال الثورة السورية وكانت نتائجها سلبية وعكسية على الجميع”.