دراسةٌ إسر؛ائيليةٌ: روسيا عاجزةٌ عن إخراجِ إيرانَ من سوريا

تحدّثت دراسة إسرائيلية، عن حالة التوتّر المتصاعد في العلاقات بين إيران وروسيا في سوريا، مؤكّداً أنّ موسكو عاجزة عن إخراج طهران من سوريا حتى لو كانت تريد ذلك.

وأوضحت دراسة أجراها “معهد السياسات والإستراتيجية” الإسرائيلي، في مقال لعضو الكنيست كسانيا سبتلوفا، أنّه “بعد بضعة أيام من توقيع سوريا وإيران على اتفاق عسكري جديد يستهدف تعزيزَ الدفاعات الجوية السورية، ومنعَ غارات جويّة جديدة على أهداف إيرانية وسورية، هزّت التفجيرات المنسوبة لإسرائيل سماء دمشق”.

وأضاف: “هذه الحرب غير المعلنة بين طهران وتل أبيب والتي تتواصل منذ بداية الحرب في سوريا، لا تقلق الكرملين بصفتها هذه، على الأقلّ طالما تتخذ الأطراف جانب الحذرِ من المسّ بكرامة الروس وبمصالحهم في سوريا، ولكن المنافسة بين روسيا وإيران على النفوذ وعلى تحديد مستقبل سوريا تتحوّل من مصدر قلق لمشكلة”.

ونوّهت أنّ “الغارات المنسوبة لإسرائيل في سوريا، تبعث على راحة كبيرة لموسكو، ولكنّها تواصل إعفاء نفسها من القول الدائم؛ بأنّ هذه الغارات لا تساهم في استقرار الوضع في المنطقة، أما الاتفاق العسكري الجديد سابق الذكرـ فهو يثير أعصاب بعض الروس، كون الحديث يدور عن تطور قابل للانفجار على نحو خاص من شأنه أنّ يزيد عدم الاستقرار في سوريا، في حال زوّدت إيران نظام الأسد بمنظوماتها للدفاع الجوي، وحاولت هذه الهجوم على أهداف معادية في سماء سوريا”.

ورأى المعهد، أنّ “التقارب بين دمشق وطهران، مؤشر لروسيا؛ أن سوريا تفضل الاعتماد على الحلفاء من طهران من الاعتماد على الروس، الذين لم يتوقّفوا في السنوات الأخيرة عن تذكير بشار الأسد من هو رب البيت في دمشق، وكان هذا واضحاً على نحو خاص في خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي لسوريا في بداية السنة، عندما التقى بوتين الأسد ليس في قصر الرئاسة بل في القاعدة العسكرية الروسية”.

وألمح إلى أنّ “موسكو لا تسمح عملياً باستخدام منظومات الدفاع المتطوّرة التي زوّدتها لدمشق، خلال الغارات الجوية المتكررة منعاً لمزيد من التوريط”، موضحةّ أنّ “هناك خلافاً بين رؤية روسيا وإيران حول مستقبل سوريا، والحديث يدور عن تقاسم المقدرات الطبيعية السورية، وهنا يصمّم كلُّ طرف على أنْ يستعيدَ استثماره في الحرب السورية، وكذا في إعادة تصميم الدولة التي لم تعدْ تشبه في شيء سوريا، قبل بدء الحرب في 2011”.

وأكّد معهد السياسات الإسرائيلي، أنّ “لروسيا خططاً بعيدة المدى في سوريا، وهي تستثمر في بُنى تحتية ستخدمها مثل؛ تجديد وتطوير ميناء طرطوس، قواعد ومنشآت عسكرية، في حين تستثمر طهران في البُنى التحتية المدنية، بدءاً بالفنادق وانتهاءً بشركات الاتصال”.

ونبّه أنّ “روسيا تحثّ الأسد على إعادة بناء الجيش على النمط الروسي، ليكونَ الحليف الأكثرَ ولاءً لموسكو في سوريا”، منوّهةً أنّ “موسكو كانت ترغب بأنْ ترى دولة مرعية روسية على شواطئ البحر المتوسط، والتموضع فيها جيداً، والبث من هناك لقوتها في حوض البحر ونحو أوروبا”.

وأضاف: “روسيا ترغب في أنّ ترى في سوريا دولة علمانية، بينما ترى إيران في سوريا جزء لا يتجزأ من محور المقاومة، وتعمل منذ سنوات على صعود نجم الشيعة في سوريا”، لافتاً أنّ إيران تعتبر سوريا بمثابة “الحليف الوحيد المتعلّق بطهران بها بشكلٍ كبيرٍ، لها في المنطقة، وهو الأمر الذي لا يمكن قوله عن العراق أو لبنان”.

وبحسب المعهد، فإنّ “سوريا هي السند العربي الوحيد للنظام في طهران، في كلّ ما يتعلّق بنشر الهيمنة الإيرانية في المنطقة؛ فهي قريب جداً من الحدود مع إسرائيل، علماً بأنّ لدى طهران أمل بأنّ يتمكّنوا بمعونة سوريا، من تغيير المعادلة بالنسبة للتصدّي للغرب، فمقابل بعض التنازلات في المجال النووي يمكنهم أنْ يحصلوا على يد حرّة في سوريا”.

وأفاد أنْ “التدخل الإيراني في سوريا اليوم كبير جداً ويفوق التدخل الروسي، ويجد هذا تعبيره ايضاً في الاستثمارات في البنى التحتية المدنية، النشاط الايراني العسكري بسوريا، التجارة، المراكز الثقافية التي تعرض دورات لتعلم اللغة الفارسية، بالتوازي مع المراكز الثقافية الروسية التي تعرض دورات اللغة الروسية”.

وإلى جانب ذلك كلّه، “من الواضح للجميع، أنْ إيران ما كان يمكنها أنْ تنقذ نظام الأسد وحدها؛ فالتدخل العسكري الروسي أنقذ الأسد وسمح له بأنّ يعيد سيطرته على معظم سوريا، كما أنّ إيران متعلّقة برحمة موسكو في كلّ ما يتعلّق بإقرار القرارات ضدّ إيران في مجلس الأمن الدولي”.

ومن جهة أخرى، “روسيا كانت روسيا بحاجة لحضور إيراني في الحرب التي لم تنتهِ بعد، فهي من أرسلت المتطوعين والمقاتلين الشيعة إلى ميدان القتال في سوريا، حيث شكّلوا لحم مدافع”، بحسب المعهد الذي بين أنّه “التحالف بين الدولتين لم يكن أبداً كامل الأوصاف في ضوء تضارب المصالح بينهما في أمور عددية، ولكن جهدهما المشترك في سوريا نجح في أن يعطي الثمار”.

وتساءل: “ماذا سيحصل مع انتهاء المعارك حين سترغب كلّ دولة بأنّ تستخلص القدر الأكبر من المنفعة وزيادة نفوذها؟”، موضحاً أنّ كلّ من روسيا وإيران “ليس لديهم الوسائل اللازمة لإعادة بناء سوريا، وهما غير قادرتين على ربط الغرب بعملية إعادة الإعمار هناك، كما لا يمكنهما التخلي عن سوريا التي أصبحت العمود الفقري في سياستيهما الخارجية”.

والاستنتاج، أنّه “في الفترة القريبة القادمة، سيتواصل التوتر بين الدولتين في التصاعد، ولكن لحظة الانكسار لم تحلّ بعد، فهما بحاجة في هذه المرحلة للتعاون بينهما لاستقرار الوضع في سوريا ومنع الانهيار الاقتصادي”

ولفت المعهد، إلى أنّ “روسيا قد لا تكون قادرة على النشاط الإيراني المتفرّع وعن الاتفاق العسكري الجديد الموقع، ولكن بخلاف العديد من المنشورات منذ عدّة سنوات في هذا الشأن، فإنها لن تعمل على دحر طهران من سوريا، وعملياً هي غير قادرة على ذلك حتى لو كانت تريد”.

كما أنّ “إيران لن تنجح في قلب الأمور رأساُ على عقب في سوريا، والتخلص من نفوذ الدبّ الروسي، حتى لو وقعت على عشرة اتفاقات عسكرية اخرى مع بشار الأسد، وفي هذه المرحلة سيتعيّن على الصديقين-العدوين، بأنْ يشدا على الأسنان ويواصلا العمل معاً في سوريا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى