روسيا تضعُ يدَها على آثارِ مدينةِ تدمرَ … ما مخطُطها هناك ؟.

عادت مدينة تدمر الأثرية إلى الواجهة مجدداً، مع نيّة الاحتلال الروسي توقيع اتفاقية جديدة مع نظام الأسد، حول ترميم الآثار في المدينة الواقعة بالبادية السورية بريف حمص الشرقي.

ونقلت قناة “روسيا اليوم” عن خبراءِ روس تأكيدهم، أنّهم على أهبّة الاستعداد للمشاركة في ترميم متحف تدمر وآثارِها التي تضرّرت جرّاء الحرب, مضيفةً أنّ ترميمَ متحفِ تدمر قد يستغرق مدة عام أو عامين، وأوضحت أنّ لدى خبراء الاحتلال الروسي مجسّمات رقمية للآثار، ستحلّ محل الآثار المدمّرة..

وقالت مديرةُ معهد تاريخ الثقافة المادية لدى الأكاديمية الروسية للعلوم، “ناتاليا سولوفيوفا”: “نخطّط لتوقيع اتفاقية تعاون في الشهرين القادمين، والتي سنتمكن من خلالها بشكل خاص من دعوة المهنيين السوريين الذين سيعملون على ترميم آثار تدمر، لإجراء دورة تدريبية في روسيا، وسيساعد متحف الأرميتاج الروسي في ترميم مجمع المتحف في تدمر”.

ويعزّز توجّه الاحتلال الروسي الجديد، الاعتقاد بأنّه يسعى إلى الهيمنة على القطاع السياحي السوري، وذلك بعد هيمنته على القطاع الاقتصادي والقرار السياسي والعسكري والأمني.

من جانبه، أبدى المتحدّثُ الرسمي باسم “مجلس عشائر تدمر والبادية السورية”، “عمر البنية”، قلقاً بالغاً إزاء تحرّكِ الاحتلال الروسي الجديد، واضعاً ذلك في إطار سعيه للاستحواذ على المواقع الأثرية السورية، وعلى رأسها مدينة تدمر، المدينة الأثرية ذات الشهرة العالمية.

وفي حديثه لـ”عربي21″ قال “البنية”: “لم تسجّلْ المواقع الأثرية السورية ما قبل الثورة أيَّ نشاط للبعثات الروسية، حيث كانت البعثات الأثرية العاملة في الشأن الأثري غربية عموماً، إما فرنسيةأو ألمانية” وأضاف “ما يجري الآن هو أمر جديد كلياً، وغيرُ معهود سابقاً”، مشكّكاً بالمقابل بمصداقية بعثات الاحتلال الروسي.

وأضاف: “قد يكون الغاية من كلّ ذلك، هو توجيه رسائل من نظام الأسد للبعثات الأثرية الغربية، بأنّ عليها دفْعِ حكوماتها إلى إعادة العلاقات معه، في حال كانت لديها الرغبة بمعاودة العمل في مجال التنقيب عن الآثار في المواقع السورية”.

ووفق البنية فإنّ السؤال اليوم الذي يتصدر المشهد في تدمر، هو المقابل الذي يريده الاحتلال الروسي، وخصوصاً أنّ وضع يده على آثار المدينة، للآن هو خارج التنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”.

ويرى الكاتب والباحث في مجال الآثار والتاريخ، “سعد فنصة”، أنّ الاحتلال الروسي يسعى إلى خلق محميات روسية تحت غطاء حماية وترميم آثار مدينة تدمر، العملية التي تحتاج إلى عشرات السنين، وفق تقديره.

وقال : إنّ عملية ترميم الآثار مسألة بطيئة، وتحتاج إلى دخول معدات ضخمة وبناء مخابر وقوى بشرية للاحتلال الروسي عاملة، وهي رسالة قوية للأمريكيين الذين تتواجد قواتُهم الداعمة لميليشيا “قسد”، في شرق الفرات وشمال تدمر وجنوبها حيث تتواجد مناجمُ الفوسفات وحقولُ النفط.

وأشار فنصة إلى غياب الخبرات الروسية في ترميم الآثار، وقال: “العالم كلُّه يعرف أنّ المافيا الروسية ساهمت في سرقة آثار وتماثيل تدمر بالشراكة مع لصوص من تنظيم داعش وضباط من نظام الأسد من أصحاب الخبرة في نبش آثار البادية السورية”، كما قال.

واتهم الاحتلالَ الروسي بشكلٍ صريحٍ، لافتاً إلى كثرة القطع الأثرية التدمرية المعروضة للبيع على شبكات الإنترنت، وذلك بعد الفترة التي تلتْ تعاقب السيطرة على تدمر بين نظام الأسد والمحتل الروسي من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى.

وقال فنصة: “روسيا قوةُ احتلال، مع إدارة متخلّفة، وليس لديهما خبراتٌ عريقة أو مأمولة في ترميم المدن الأثرية والمبنية من الحجارة والأعمدة الضخمة”.

وأضاف “فنصة” إنّ “المسألة اليوم برأيي مفادُها أنّه ليس هناك تفويض دولي أممي صريح بمنح صكِّ انتداب روسي على سوريا، لذلك تسعى روسيا إلى عملية اختطاف الفريسة السورية من البراثن الإيرانية تحت غطاء من التفاهمات السرية”، وذلك في إشارة إلى تنقيب ميليشيات الاحتلال الإيراني عن آثار تدمر.

وكانت مصادر متطابقة، قد أكّدتْ في وقت سابق من هذا العام، أنّ ميليشيات “النجباء والفاطميين”، استقدمت آليات للحفر إلى مدينة تدمر , كما وجّه “عمر البنية” الاتهام ” لميليشيا “حزب الله” بالمتاجرة بآثار تدمر، مؤكّداً أنّ “الحزب قام بالكثير من عمليات التنقيب عن الآثار، تحت ستار عمليات إزالة الألغام”، وذلك باعتراف خبراء آثار دوليين.

وطبقاً لمصادر متعدّدة، فقد تعرّضت مواقعُ أثرية عدّة في تدمر إلى الضرّر الكلي والجزئي، حيث دمّرت أجزاءٌ كبيرةٌ من معبد بعل، الذي يعود إلى العصر الروماني، ومعبد بعل شامين بالكامل، ويعود إلى العصر الروماني، وكذلك سبعة أبراج من القبور تمّ قصفُها وتدميرُها، إضافة إلى تدمير قوس النصر الذي يُعدُّ المدخلَ الرئيس للمدينة الأثرية.

يذكر أنّ مدينة تدمر المدرجةَ في لائحة التراث العالمي من قبل منظمة “اليونسكو”، تُعدُّ من أقدم المدن التاريخية في الشرق، وتحظى آثارُها بشهرة عالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى