سلسلةُ لقاءاتٍ روسيةٍ تحضيراً لسوريا ما بعدَ الأسدِ
يجري الاحتلال الروسي خلال هذه الآونة سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع عدد كبير من وجهاء عشائر ورجال دين من مختلف الطوائف السورية ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، وأخرى بقادة مجموعات عسكرية تتبع للفيلق الخامس المدعوم منه، وذلك لمناقشة مستقبل سوريا.
مصدر من أبناء الطائفة المسيحية في حماة صرّح لـ”عربي بوست” عما يدور بداخل هذه الاجتماعات، وقال “تمّت دعوتي وعددٍ من الأعيان والوجهاءِ ورجال الدين من الطائفة المسيحية، خلال الأسبوع الماضي، إلى اجتماع مع قيادات ورموز لمجموعات مدعومة من روسيا في مدينة سقيلبية غرب حماة”.
وحضر الاجتماع عددٌ من الشخصيات الاجتماعية والدينية من الطائفة المسيحية مع ثلاثة ضباط روس يعملون في قاعدة حميميم الروسية، ولم يكن لنظام الأسد أو أحدِ رموزه أيُّ تمثيل خلال الاجتماع، وخلال الاجتماع تمّ مناقشة الواقع السوري الحالي على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ولفت المصدر إلى أنّ الضباط الروس طلبوا من الحضور تقديم آرائهم دون خوف من نظام الأسد, وكيفية إدارته للوضع السياسي الداخلي، والاقتصادي، وطلبوا تقديم تصوّر لمستقبل سوريا وشكل النظام الذي يرغبه السوريون بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم، في حال توصّلت الأطراف الدولية الفاعلة بالملف السوري إلى خطة تُفضي إلى إزاحة الأسد عن الحكم.
وأنهى المصدر حديثه بتحليل لنتائج الاجتماع قائلاً, إنّه استشفّ من اللقاء مع الضباط الروس أنّ هناك فعلاً إرادة روسية تهدف إلى إزاحة الأسد من الحكم، ولكن ليس قبل ترتيب الوضع في الداخل السوري، لضمان عدم الانفلات الأمني وانهيار المؤسسة العسكرية والأمنية وإحداث تفكّك داخلي على الصعيد الاجتماعي.
عضو “الهيئة السياسية في سوريا” بكار حميدي، قال لـ”عربي بوست”, لم يكن اجتماع الضباط الروس مع شخصيات مسيحية في محافظة حماة هو الأول من نوعه خلال الأيام الماضية، وإنّما كانت هناك سلسلة من الاجتماعات عقدها الروس مع وجهاء عشائر شرق سوريا ورموز دينية واجتماعية وقادة مجموعات عسكرية موالية للروس جنوب سوريا “درعا والسويداء”.
وأكّد “حميدي” أنّه جرت 3 اجتماعات مماثلة لضباط روس من قاعدة حميميم مع رموز من الطائفة الدرزية في السويداء، ووجهاء عشائر في منطقة درعا جنوب سوريا، وجرى خلالها النقاش حول طمأنة السوريين فيما لو كانت هناك خطّة مستقبلية من شأنها إزاحة نظام الأسد وتأسيس نظام حكم جديد لسوريا.
ويضيف بحسب مصادره أنّ أهمية هذه الاجتماعات تهدف بالمقام الأول إلى استطلاع رأي السوريين في سياسات نظام الأسد الحالية، المتعلّقة بالملف السياسي والاقتصادي السوري، وكيفية إدارته للأزمات المتلاحقة التي تطال السوريين بشكلٍ مستمر، كما جرى النقاشُ حوله في اجتماع مدينتي دير الزور والحسكة قبل أيام.
ولفت “حميدي” إلى أنّه بات واضحاً أنّ الهدف من هذه الاجتماعات واللقاءات التي يُجريها الروس مع السوريين هو تأهيل الوضع الداخلي في سوريا لأمرٍ ما يتعلّق بنظام الأسد، أشبه بتقديم رسالة للسوريين مفادها, “عليكم الاستعداد لتلقي خبر إزاحة الأسد عن الحكم”، لاسيما أنّ الضباط الروس الذين يُجرون مثل هذه الاجتماعات طلبوا من الشخصيات السورية تمثيل البعض منهم، وأعطوهم ضمانات بعدم ملاحقتهم من قِبَل نظام الأسد، ومرجعيتهم هي قاعدة حميميم الروسية بريف اللاذقية غربي سوريا.
وأضاف أنّ “الضباط العسكريين في صفوف الفيلق الخامس أو الفرقة 25 العسكرية المدعومة من قِبل روسيا في سوريا، أو الضباط المقرّبين منهم حصلوا مؤخّراً على امتيازات كثيرة، منها الرواتب الشهرية التي تصل إلى 200 دولار وعدم اتخاذ أوامرهم من قِبل قيادة الأركان أو وزارة دفاع نظام الأسد، فضلاً عن أنّهم يتمتّعون بحصانة تحميهم من الملاحقات الأمنية التابعة لنظام الأسد.
ولفت إلى أنّ ذلك يشير إلى أنّ “روسيا ماضية نحو إحكام قبضها على المؤسسة العسكرية السورية، من خلال بناء فرق وألوية موالية لها، تمهيداً لأمرٍ ما ضمن مخطّطها الخاص بالشأن السوري، وهذا ما دفع بعددٍ لا بأسَ به من الضباط إلى تغيير مواقعهم والتحاقهم بصفوف الفرقة 25 التي يقودها العميد سهيل الحسن الذي يحظى بدعمٍ روسي منقطعِ النظير، وبات شخصية أكثر تأثيراً حتى من وزير الدفاع في حكومة نظام الأسد”.
ونقل “عربي بوست عن “نواف الديري”، وهو ناشط ميداني من دير الزور قوله, “خلال الأيام القليلة الماضية، وبعدَ يوم واحد من الاجتماع الذي عُقد بين وجهاء من دير الزور وضباطٍ روس، قامت روسيا بإبلاغ العسكريين الإيرانيين بضرورة إخلائها، وبالفعل بادرت ميليشيات الأخيرة بالانسحاب من عدّة مقرّات نحو مناطق واقعة خارج حدود المدينة من الجهة الجنوبية، وذلك بعد تعهُّد الجانب الروسي بدفع رواتب عناصر الميليشيات السورية الموالية لإيران، وتحويلهم للخدمة في صفوف الفيلق الخامس المدعوم من قِبَل روسيا”.