“صراعُ البقاءِ”.. قصصُ العائدينَ من جحيمِ سجونِ نظام الأسد (فيديو)
عرضت شبكة الجزيرة مساء الأحد 29 آذار الجاري فيلماً استقصائياً بعنوان “صراع البقاء”، ويسلّط الضوء على مآسي معتقلات نظام الأسد وسجونه، حيث روى قصصاً مُروّعة وشهاداتٍ قاسية لبعض الناجين من تلك السجون، فما يحدث في معتقلات نظام الأسد يبقى مجهولاً إلا في ذاكرة الأشخاص الذين خاضوا التجربة، وحاول الاستقصائي إعادةَ تجسيد جزءٍ من هذه الذاكرة بناءً على شهادات الناجين من معتقلات نظام الأسد.
بدأ الاستقصائي شهاداته مع إحدى الناجيات من سجون نظام الأسد تُدعى “هنادي حسين”، وقد اعتُقلت بفرعي الأمن العسكري 215-227، حيث قالت إنّها حين وصولها إلى المُعتقل طلب منها شخصان نزع حجابها وقاما بإلقائها أرضاً، ثم طلبا منها تقليد مشية وصوت الحصان. وأضافت هنادي أنّها تعرّضت للتعذيب بسكب الماء البارد عليها خلال أيام البرد القارس.
وفي شهادة لناجٍ آخر كان معتقلاً في سجن صيدنايا العسكري، واسمه “قيس مراد” قال إنّه كان يمشي في ممرّ مظلم لا يستطيع أنْ يرى أمامه من شدّة عتمته، وأنه في طريقه كان يدعس على أجساد أشخاص ملقين على الأرض وأصوات آهاتهم تملأ المكان.
وتحدثت “عائضة الحاج يوسف” المعتقلة السابقة في فرع فلسطين- الأمن العسكري في حماة عن آلية تعرية السجينات هناك من ملابسهن لأجل التفتيش أمام السجان، وذكرت حالة مُعتقلة تعرضت للاغتصاب هناك عدّة مرّات مما أصابها باضطراب عقلي في نهاية المطاف.
وتحدّث “منير الفقير” المعتقل السابق في سجن صيدنايا العسكري عن الزنزانة التي اعتُقل فيها قائلاً إنّ مساحتها لا تتجاوز 20 متراً مربعاً لكنها تضم أكثر من 120 شخصاً، لدرجة أنّ العديد من المُعتقلين ينامون وقوفاً أو في وضعية البطة.
في شهادة لمعتقلة سابقة في المخابرات الجوية فرعي المزة وحرستا تحدّثت عن حالات الانهيار العصبي والاضطراب النفسي لدى المعتقلين داخل السجون، وذلك لعدم قدرتهم على تحمّل ظروف الاعتقال، وأضافت أنّ هذه الحالة تُصيب السجينات أكثر، وذلك لأنّهن تركن أبناءهن أمام مصير مجهول.
وقال “جلال نوفل” الطبيب النفسي المعتقل سابقاً بفرع المخابرات الجوية 215 إنّ النشاط السياسي للمعتقل يُخفف من صدمة الاعتقال، على عكس المعتقلين غير الناشطين، إذ يصابون بصدمة كبيرة حين ينتقلون من الحياة الطبيعية إلى سجون الموت، وهو ما يتسبّب لهم في اضطرابات نفسية أبرزها الهذيان والذهان.
في شهادة لضابط منشّق عن إدارة المخابرات العامة السورية، تحدّث الضابط عن أساليب تعامل الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد مع المعتقلين، حيث قال إنّها تكرس عنصر الرعب منذ اللحظة الأولى من خلال ربط اليدين من الخلف مع الضغط على الرأس، والمرور من مكان فيه ضرب وصُراخ، وإنّ هذه التدابير تسمى “حفل الاستقبال” الذي يحاول من خلاله العنصر الأمني إذلال السجين وتجريده من إنسانيته وإثبات ولائه لرؤسائه.
وقال “باتريك كروكر” المستشار القانوني في المركز الأوروبي لحقوق الإنسان إنّ الأوضاع داخل سجون نظام الأسد غير إنسانية إلى أبعد الحدود، فقد رُصد العديد من حالات الاغتصاب والعنف الجنسي التي تشمل الرجال والنساء على حدّ سواء، وذلك بالاعتماد على الصور المسرّبة من قِبل الضابط المنشق أوائل عام 2014 والمعروف بكنية “قيصر”.
وصف فضلُ عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان ظروفَ سجون نظام الأسد بأنّها الأسوأ في العالم، حيث لا يتمكّن المعتقل المريض من طلب العلاج من سجّانه، لأنّه حتى وإنْ نُقل للمستشفى فلن يسلم من التعذيب أيضاً.
وقال عبد الغني إنّ عددَ السوريين الذين عاشوا تجربة الاعتقال والإخفاء القسري يتراوح ما بين مليون ومليون و200 ألف شخصٍ، أما عددُ الشهداء تحت التعذيب فيقدّر بحوالي 14 ألفاً.
وفي حديث لـ”سارة كيالي” الباحثة بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” عن الأوضاع اللإنسانية التي يُعانيها المعتقلون في سجون نظام الأسد, أكّدت أنّ المنظمة وثّقت من خلال تقاريرها حالاتٍ قتلٍ ووفاة عديدة في السجون، وتعود إلى التعذيب الممنهج والظروف الصحية السيئة وسوء التغذية التي يعاني منها المُعتقل، وأضافت أنّ المنظمة تُقدر عددَ القتلى في المعتقلات بحوالي عشرة الآف قتيلٍ.