قادةٌ عسكريون يكشفون عن إحصائياتٍ مرعبةٍ تكبّدتها قواتُ الأسدِ وروسيا خلال شهرين من المعارك في ريف حماة (فيديو+صور)
شهد شمال غرب سوريا تصعيداً عسكرياً كبيراً خلال الشهرين الماضيين، رغم خضوعه لاتفاق “سوتشي” الموقّع بين الجانبين الروسي والتركي في 17 أيلول عام 2018، والذي قضى بإنشاء منطقة عازلة على حدود محافظة إدلب مع وقفٍ لإطلاق النار، ولكن الملفت بهذا التصعيد كان بمشاركة المحتل الروسي “والذي يُعتبر أحد الضامنين للاتفاق” عبر معسكراته المحيطة بالمنطقة وطيرانه الحربيّ وسلاح المدفعية.
وتسبّب قصف قوات الأسد والاحتلال الروسي خلال حملة التصعيد الهمجية التي بدأت بتاريخ 2 شباط الماضي وحتى تاريخ 1 تموز الجاري بسقوط حوالي 859 شهيد مدني وتهجير مئات آلاف المدنيين من منازلهم نحو مخيمات شمالي إدلب، وسط توقّف للعملية التعليمية في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي.
حيث تسعى قوات الأسد بدعمٍ من الاحتلال الروسي إلى خلطِ أوراق منطقة خفض التصعيد الأخيرة في إدلب بعد شهرين من العمليات العسكرية لقوات الأسد ضد فصائل الثورة السورية، والتي لم تحقّق الأهداف المرسومة لها، حتى أنّها اختلفت عن سابقاتها من العمليات في كلٍّ من الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي والقلمون ومحافظتي درعا والقنيطرة في جنوب سوريا.
وفي ظلّ حملة عسكرية كبيرة تواصلها قوات الأسد مدعومةً من ميليشيات الاحتلال الروسي، تمكّنوا خلالها من بسط سيطرتهم على بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي بتاريخ 8 أيار الماضي، وفي اليوم التالي سيطرت على بلدة قلعة المضيق والكركات وتل هواش بريف حماة الغربي، وبتاريخ 3 حزيران الماضي سيطرت أيضاً على قرية القصابية بريف إدلب الجنوبي، وسط معارك كرّ وفر تعتبر الأعنف في تاريخ المنطقة.
الأمر الذي دفع فصائل الثورة السورية لإعلان النفير العام ضد العمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة، ولتقوم “الجبهة الوطنية للتحرير”، و”هيئة تحرير الشام”، و”جيش العزة”، باستنفار جميع مقاتليهم على جبهات القتال ضد قوات الأسد.
وفي السادس من حزيران الماضي أطلقت الفصائل الثورية عملية عسكرية واسعة ضد قوات الأسد في ريف حماة الشمالي، وتمكّنت خلالها من السيطرة على ثلاثة مواقع استراتيجية في عمق مناطق النظام، وهي: “الجبين”، و”تل ملح”، و”مدرسة الضهرة”, في خطة وأسلوب عسكري جديد اتّبعته الفصائل الثورية في المنطقة، حيث قرّروا فتح معركة على محور جديد لقوات الأسد بدلاً من مواجهته بشكلٍ مباشر في كفرنبودة أو سهل الغاب، الأمر الذي أربك مخططات الاحتلال الروسي وقوات الأسد عسكرياً.
ومنذ السيطرة الأولى للفصائل الثورية على المناطق الثلاث وحتى يومنا هذا، لم تفلح قوات الأسد باستعادة المواقع الثلاثة التي تشكل مثلثاً بات يبتلع عناصر وآليات قوات الأسد التي تقترب منه، لتتمكّن الفصائل من الاحتفاظ به حتى اليوم، رغم الكثافة النارية التي ينفّذها الطيران الحربي التابع للاحتلال الروسي والتابع لقوات الأسد.
وليختلف الواقع الميداني على الأرض في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي عقب سيطرة الفصائل الثورية على المواقع الاستراتيجية الثلاثة، إذ أوقفت قوات الأسد تقدّمها على محور بلدة كفرنبودة، وعادت إلى الوراء لسدّ ثغراتها باتجاه المواقع الثلاثة المذكورة، حيث نقلت الفصائل المعارك إلى أراضي نظام الأسد، بعيداً عن المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً قوات الأسد كبلدة كفرنبودة شمال حماة وقرية القصابية جنوب إدلب.
وقامت وحدة الرصد والتحرّي في شبكة المحرّر بإحصاء خسائر قوات الأسد وميليشيات الاحتلال الروسي منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة على منطقة ريفي حماة وإدلب منذ تاريخ 01/05/2019 وحتى تاريخ 30/06/2019، حيث تمّ احصاء تدمير أكثر من ١٠٠ هدف لقوات الأسد والاحتلال الروسي بصواريخ المضاد للدروع، وتوزّعت على الشكل الآتي: تدمير ٢٤ دبابة، تدمير ٩ عربات bmp، تدمير ١٣ تجمع آليات، تدمير ١٠ قواعد مضادة للدروع، تدمير ٢٤ مدفعاً ثقيلاً ورشاشاً، استهداف ١٢ مجموعات عناصر مشاة، تدمير ٢ تركس مجنزر، استهداف ٧ دشم تحصينية، كما تمكّنت فرق الدفاع الجوي من عطب ٤ طائرات حربية، وعطب طائرتين مروحيتين، وإسقاط ٤ طائرات استطلاع، في حين استهدف فوج المدفعية والصواريخ ٨ غرف عمليات عسكرية بشكلٍ مباشرٍ.
وبلغ عدد الأسرى خلال تلك المعارك ٧ عناصر من قوات الأسد، كما وتمّ توثيق وإحصاء مقتل أكثر من ٩٠٠ قتيل لقوات الأسد، بينهم أكثر من 150 ضابطاً برتب مختلفة، فيما قُدّر عددُ جرحى عناصر قوات الأسد بحوالي 1700 جريح، علما أنّ أعداد القتلى والجرحى قد تتجاوز هذه الأرقام بكثير بسبب أنّ التوثيق يكون من صفحات موالية لقوات الأسد وغير مختصّة بهذا الشأن، إذ يوجد أعداد كبيرة من القتلى لم يتم نشرُ أسمائها أو صورها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي خضم المعارك والأحداث التي شهدها الشمال السوري المحرّر، قمنا بإجراء تحقيق صحفي عبر طرح عددٍ من الأسئلة على ضباط عسكريين ومسؤولين إداريين من مختلف مكوّنات الفصائل الثورية، وسنقوم بسردِ الأسئلة المطروحة والأشخاص الذين جاوبوا عنها.
- سؤال: هل كانت الفصائل الثورية تتوقّع هذه الهجمة العسكرية البريّة لقوات النظام بعد تهدئة استمرت لأشهر؟ وهل استعدت الفصائل لهذه الهجمة؟ وكيف كان الاستعداد؟
حيث وضح النقيب “ناجي مصطفى” المتحدث الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتحرير، قائلاً: “بالتأكيد كنا نتوقّع هذه الهجمة العسكري البربرية من قبل النظام وحلفائه، لأنّه ومنذ توقيع اتفاقية سوتشي كان هناك بعض الكلام على لسان المسؤولين الروس ومسؤولي عصابات الأسد أنّ هذه الاتفاقيات مؤقتة، ولاحظنا خروقات الروس والنظام بعد الاتفاق مباشرةً، والتي أخذت وضع التواتر ووصلت إلى مرحلة التصعيد الكبير”.
وأضاف النقيب “ناجي مصطفى” بقوله: “ولذلك أكّدنا نحن في الجبهة الوطنية للتحرير وكافة الفصائل الثورية أنّنا لا نثق بعصابات الأسد وبمن خلفهم من قوات الاحتلال الروسي حول التزامهم بهذه الاتفاقيات، لذلك كنا على استعدادٍ تامٍ وجاهزية عالية لصدّ أيّ هجمة عسكرية، وقمنا بترتيب الخطوط الدفاعية وترتيب الجبهات بكافة القطاعات العسكرية، وقمنا بإعداد المقاتلين من خلال معسكرات نوعية، وتدريبهم على الأسلحة الاختصاصية، إضافةً إلى التجهيز الهندسي للمقرّات ولخطوط الجبهات لتفادي ضربات العدو الجوية ولإمكانية ثبات المقاتلين في هذه الجبهات”.
- سؤال: يذكر أنّه في المعارك التي شنّتها قوات الأسد سابقاً على مناطق الغوطة ودرعا وريف حمص، شهدنا من جنح من الفصائل للقبول بالاستسلام للنظام أو ما يسمى المصالحة، في حين غاب هذا الأمر تماماً عن مناطق وفصائل الشمال المحرّر، فما هو السبب وراء ذلك؟، وهل لعب هذا الأمر دوراً في الحفاظ على المعنويات العالية هنا في الشمال؟
حيث بيّن النقيب “ناجي مصطفى” ذلك بالقول: “طبعاً وضع الشمال السوري المحرّر يختلف تماماً عن مناطق درعا والغوطة وريف حمص، نحن قمنا بجاهزية قتالية على مستوى عالٍ، إضافة إلى جاهزية أمنية عالية من خلال المكاتب الأمنية للفصائل، حيث كانت روسيا تريد لسيناريو الشمال السوري أن يكون مشابهاً لسيناريو درعا والجنوب، ولكن توحّد فصائل الثوار ضمن الجبهة الوطنية للتحرير أفشل ذلك وكان له دورٌ كبيرٌ في القضاء على العملاء والذين كانت تجنّدهم عصابات الأسد والاحتلال الروسي للإشارة إلى مقرات الثوار وتحرّكاتهم على الجبهات، ولإشاعة أخبار المصالحات والاستسلام أمام العدو”.
كما أضاف النقيب “ناجي مصطفى” قائلاً: “ولقد قمنا بحملاتٍ أمنية ومتعدّدة، ومن خلالها تمكّنا من إلقاء القبض على هؤلاء العملاء الذي كانوا يُعطوا عصابات الأسد المعلومات حول تحرّكات الفصائل الثورية في المناطق المحرّرة، ويشيعوا مبدأ المصالحات بين الأهالي”.
ولفت النقيب “ناجي مصطفى” إلى أنّ “الحاضنة الشعبية للثوار في الشمال المحرّر كان لها دورٌ في عدم تكرار أيّ سيناريو قديم، إضافةً إلى التكاتف بين الفصائل، والتفاف الشعب حول الفصائل من خلال دعمهم بالجهود القتالية والعسكرية والمدنية من خلال المظاهرات التي أيّدت الفصائل الثورية في المقاومة والدفاع، وأيضاً رفضت سيناريو الاستسلام، وهذه العوامل كلّها ساعدت على المقاومة وصدّ الهجمة العسكرية الإرهابية البربرية التي تقودها عصابات الأسد ومن خلفها قوات الاحتلال الروسي”.
- سؤال: خلال الشهرين الماضيين تمّ إصابة عدّة طائرات حربية ومروحية لقوات الأسد، كيف حصلت عمليات الاستهداف تلك، هل بواسطة صواريخ مضادّة للطيران أم بالرشاشات الثقيلة؟
أجاب العقيد “أبو فراس” وهو أحد ضباط الجبهة الوطنية للتحرير في قطاع الدفاع الجوي، قائلاً: “تمّ بعون الله وفضله إصابة ٣ طائرات حربية تتبع للنظام الأسدي المجرم والاحتلال الروسي، وذلك من خلال وسائط المدفعية المضادة للطيران المنتشرة بشكل منظّم على خطوط الجبهة”.
مضيفاً بالقول: إنّ “فصائل المعارضة لا تمتلك صواريخ مضادة للطيران وحتى أنّها لم تحصل على شيء من تركيا أو من دول أخرى، وكافة المعلومات التي يتمّ نشرُها كاذبةً ويروج لها النظام المجرم والاحتلال الروسي، ليتمّ إضعاف الموقف التركي في المحافل الدولية والمدافع عن الحق، والذي يقف مع حق الشعب السوري المظلوم، ويعطي ذريعة للعدو لاستخدام آلة التدمير الوحشية والإجرام ضد أهلنا العزّل، ويعطي انطباع عن المنطقة المحرّرة بأنّها كلّها منطقة إرهابية”.
كما أشار العقيد “أبو فراس” إلى كيفية التعاطي مع الطائرات التابعة لقوات الأسد وللاحتلال الروسي عبر وسائط المدفعية المضادة للطيران، وذلك من خلال الرصد والسطع الأرضي لطائرات العدو في حينه، وإيصال المعلومات بالوقت المناسب لوسائط المدفعية المضادة للطيران والانتشار المنظّم لها على خطوط الجبهة، كما يتمّ تنفيذ الرمي عبر وسائط المدفعية المضادة للطيران على الطيران المعادي بالوقت المناسب، مستغلة أي خطأ بارتفاع ومسافة الطيران المعادي”.
- سؤال: لقد تكرر استهداف غرف عمليات ميليشيات الاحتلال الروسية وقوات الأسد في معسكراتها بريف حماة ضمن هذه المعركة، ما هي النتائج الإيجابية لهذا الاستهداف؟، وهل حقّقت أهدافها؟، وهل هناك خططاً لاستهداف أماكن غرف عمليات شبيهة بهذه في عمق مناطق نظام الأسد؟
حيث وضّح النقيب “مصطفى معراتي” المتحدّث الرسمي باسم فصيل جيش العزة، قائلاً: “نعم لقد تمّ استهداف غرف العمليات التابعة لقوات الأسد ولميليشيات الفيلق الخامس المدعومة من قبل الاحتلال الروسي بشكلٍ مستمرٍ سواء كان ذلك على محور (كفرهود – جديدة) أو على محور (الشيخ حديد – الجلمة) بالمدفعية الثقيلة وبالصواريخ، والحمد لله كانت النتائج ممتازة، وتمّ إحداث خلخلة في صفوف تلك الغرف المشتركة الحديثة، فالغاية من عمليات الاستهداف هذه هي انتزاع زمام المبادرة من قوات الأسد، والتحوّل من الدفاع إلى الهجوم، وذلك من خلال استخدام تكتيكات جديدة في ميدان المعركة”.
- سؤال: هل كانت المعارك الأخيرة تحمل أهدافاً سياسية لكسب أوراق ضغط أقوى؟، أم أنّ قوات الأسد والاحتلال الروسي مصمّمون على إنهاء ملفّ منطقة إدلب ومحيطها عسكرياً؟
وأجاب “حمود الكروم” عضو مكتب العلاقات العامة في فصيل “فيلق الشام” أحد مكوّنات الجبهة الوطنية للتحرير، قائلاً: “أوراق الضغط تهدف لتحسين شروط التفاوض حول منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية، ولكن في حال نجح النظام والروس في اجتياح إدلب عسكرياً عندها لن يكونوا بحاجة للتفاوض مع الأتراك، فالحملة تتضمن الهدفين السيطرة على إدلب عسكرياً، وهذا بالمطلق هدف ثابت ويتبيّن ذلك من حجم القوة النارية التي مورست على المنطقة الواقعة جنوب إدلب وشمالي حماة، فهناك ما يقارب 8000 طلعة جوية وأكثر من 7000 برميل، عدا عن راجمات الصواريخ وقذائف المدفعية”.
وأضاف “حمود الكروم” بقوله: “أما تحسين شروط التفاوض سياسياً عن طريق العمل العسكري فهو تحصيل حاصل لا أكثر، وهذا ما تتطلّع إليه روسيا في حال فشلت حملتها العسكرية وهذا ما حصل فعلاً من خلال الضغط على الأتراك بخصوص صفقة الصواريخ إس-400، ولكنها على ما يبدو حتى الآن لم تحصل موسكو على نتيجة إيجابية بخصوص الضغط عبر تلك الصفقة من أجل اتفاق جديد حول إدلب”.
- سؤال: ما هي أسباب استهداف قوات الأسد المتكرّر لنقاط المراقبة التركية وتركّزها على نقطتين؟، وهل تقف وراءه دول أخرى متحالفة مع نظام الأسد ضد الشعب السوري؟
وحول استهداف قوات الأسد لنقاط المراقبة التركية، قال “حمود الكروم”: “تهدف روسيا من خلال ذلك القصف على النقاط التركية إلى إخلاء المنطقة من نقاط المراقبة التركية، وخصوصاً نقطة شير مغار التي وضعتها روسيا ضمن المنطقة الآمنة التي تحافظ من خلالها على عدم تواجد الثوّار فيها حفاظاً على مطار حميميم وقواتها في السقيلبية من استهداف فصائل الثوار لهما”.
وتابع “حمود الكروم” بالقول: “كما تسعى روسيا إضافةً إلى ما سبق لجرّ تركيا إلى مواجهة مفتوحة مع نظام الأسد، والتي تهدف من خلالها إلى نشوب حرب، يتبعها تدخل دولي لإيقاف الحرب، ومن ثم اتخاذ القرار من الأمم المتحدة بخروج تركيا من سوريا، لأنّها لم تدخل تحت مظلة الأمم المتحدة، ولروسيا الباع الطويل في خرق اتفاق أستانا واستهداف نقاط المراقبة التركية في كلّ من شير مغار ومورك”.
ويذكر أنّ الفصائل الثورية كانت قد ركّزت في عملياتها على الصواريخ المضادة للدروع، التي لا تقتصر أهدافها على العربات والآليات الثقيلة بل باتت تستهدف مجموعات المشاة ودشم الرشاشات، وكانت الفصائل قد نشرت تسجيلات مصوّرة وثّقت استهداف عناصر من قوات الأسد بالصواريخ، حيث لوحظ أنّ استخدامها مفتوح وغير محدود منذ بدء العملية العسكرية لقوات الأسد على المنطقة، وقد أحدثت الصواريخ المضادة للدروع ضربة نوعية لقوات الأسد، وكانت سبباً رئيسياً في هزيمة وتراجع قوات الأسد وروسيا في المعركة.
- سؤال: وحول هذا الدور الذي لعبته الصواريخ المضادة للدروع، ونوع الأهداف التي وجّهت تلك الصواريخ إليها، وحول الكميات التي تمتلكها الفصائل من هذه الصواريخ، وجّهنا سؤالنا هذا إلى النقيب “أبو محمد” أحد ضباط كتيبة الـ م/د في الجبهة الوطنية للتحرير.
حيث أجاب النقيب “أبو محمد” قائلاً: إنّ “سلاح الـ م/د بكافة أنواعه تمّ استخدمه حسب الأفضلية من خلال تنظيم وتوزيع القواعد المتواجد لدى الجبهة الوطنية، وسلاح الـ م/د هو سلاح دقيق، وكان له دورٌ رئيسي بكسر قوات الأسد وتشكيل رعب حقيقي لها في الهجوم والدفاع، وذلك من خلال التنظيم الجيد، والاعتماد على رماة متخصصين بهذا السلاح من ضباط وصف ضباط”.
وأضاف النقيب “أبو محمد” بقوله: إنّ “سلاح الـ م/د أفشل مخططات النظام باقتحام خطوط التماس وتمّ تكبيد العدو أفدح الخسائر بالعتاد والأرواح، وكان دوره حاسم في إيقاف وصدّ هجوم قوات النظام، وتدمير عددٍ كبير من مدرعات وعربات نقل الجنود وآليات التجهيز الهندسي والمجموعات المقتحمة، ما أثر على معنويات العدو، وأفقدته القدرة على السيطرة في قيادة قواته المقتحمة أو المدافعة عند أيّ هجوم للثوار، وإنّنا دائماً ما نستهدف العتاد المدرّع وعربات نقل الجنود وآليات الهندسة بالإضافة للمجموعات المقتحمة والدشم، أما عن كميات الصواريخ فهي موجودة إن شاء الله وبما يتناسب مع طبيعة المعركة”.
يذكر أنّ الاستعصاء الميداني الذي واجهته قوات الأسد خلال هجمتها العسكرية على مناطق الشمال السوري المحرّر، لم تقتصر على مثلث ريف حماة الشمالي، بل شمل أيضاً منطقة ريف اللاذقية الشمالي وخاصة تلال قرية “كبانة” الاستراتيجية.
حيث كانت قوات الأسد قد فشلت منذ قرابة الشهر في السيطرة على القرية، والتي تعتبر مفتاح المناطق التي تسيطر عليها فصائل الثورة السورية في ريف اللاذقية الشمالي وريف إدلب الغربي.
وتقع قرية “كبانة” التي تحاول قوات الأسد السيطرة عليها على أهم التلال الاستراتيجية في ريف اللاذقية، وتعتبر أبرز مواقع الفصائل الثورية في جبل الأكراد، وتحظى القرية بأهمية استراتيجية تتيح للطرف الذي يسيطر عليها رصد مساحات كبيرة من ريفي حماة وإدلب الغربي إلى جانب قرى ريف اللاذقية الشمالي، حيث تفصل القرية الساحل السوري عن محافظة إدلب وتعتبر بوابتها من الغرب، بينما تطلّ على سهل الغاب وجسر الشغور وعلى الحدود التركية وعلى قسم كبير من محافظة إدلب وحماة واللاذقية.
ماذا قدّمت تركيا للفصائل الثورية في معركتها الأخيرة؟
ومن خلال متابعة ما يحصل على جبهات ريفي حماة الشمالي والغربي وريف إدلب الجنوبي، نجد أنّ الكثيرَ من المشاهد المصوّرة وسير المعارك على الأرض، أظهرت وبشكلٍ جليٍّ حجم الدعم التركي الكبير للفصائل الثورية من أسلحة ومعدّات عسكرية متنوّعة ولوجستية، وهو ما مكّن مقاتلي الفصائل الثورية من الصمود بشكلٍ أكبرَ في وجه الهجوم العسكري المتواصل من قبل قوات الأسد وميليشيات الاحتلال الروسي على إدلب ومحيطها من أرياف حماة وحلب واللاذقية.
كما ويضاف الدعم السياسي وتعزيز نقاط المراقبة التركية في محيط منطقة إدلب إلى قائمة الدعم العسكري واللوجستي الكبير المقدّم من قبل تركيا للفصائل الثورية، حيث كان قد أرسل الجيش التركي تعزيزاتٍ ضخمةً ونوعيةً إلى نقاط المراقبة التابعة له في محافظة إدلب ومحيطها على الرغم من استهداف قوات الأسد المباشر لها أكثرَ من مرّة.
حيث أنّ قصف قوات الأسد لنقاط المراقبة التركية التابعة لها في إدلب ومحيطها، هو ما دفع تركيا إلى الردّ بشكلٍ قويٍّ وحازمٍ على هذه الاعتداءات، كما استدعت تركيا بتاريخ 27 حزيران الملحق العسكري الروسي في أنقرة إلى رئاسة الأركان العامة في العاصمة التركية أنقرة، وذلك لاتخاذ ما يلزم من الإجراءات اللازمة مع روسيا بشأن موضوع الاستهداف المتكرّر لنقاط المراقبة التركية من قبل قوات الأسد، كما وردت وزارة الدفاع التركية عبر قواتها المتواجد في نقطتي المراقبة التركيتين في مورك وشير مغار بأقسى صورةً ممكنة ضد مصادر النيران التابعة لقوات الأسد في ريف حماة.
كما وصرّح الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” خلال شهر حزيران الماضي بأنّ “مواصلة الاعتداء على مدينة إدلب السورية جريمة لا تُغتفر”، مضيفاً أنّه “لا يمكننا السكوتُ عن قصف نظام الأسد المدن السورية بقنابل الفوسفور، وقواتنا لن تصمتَ أمام استمرار مهاجمة نقاط المراقبة التركية في إدلب”.
وأكّد “أردوغان” على أنّ “أنقرة تواصل مباحثاتها مع كلٍّ من له علاقة بخصوص إدلب ومواقفنا ثابتة وستبقى كذلك”، مضيفاً بالقول: إنّ “الوضع في إدلب كان سيتطوّر بشكلٍ مختلفٍ عما هو عليه الآن، لولا الموقفُ الذي تبنته تركيا حيالها”.