قاطنو مخيّمِ الركبانِ عندَ الحدودِ السوريةِ الأردنيّةِ بينَ خيارينِ “الاعتقالُ أو الموتُ ببطءٍ”

وسط منطقة صحراوية قرب الحدود مع الأردن، يجد آخرُ النازحين السوريين في مخيّم الركبان أنفسَهم بين خيارين أحلاهما مرُّ، الرحيل إلى مناطق سيطرة نظام الأسد والمخاطرة بالتعرّض للاعتقال وربَّما الاختفاء القسري أو الموت البطيء وسطَ ظروفٍ معيشيّة قاهرة.

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير، أنَّه على مرّ السنوات الماضية، خرج عشرات الآلاف من المخيّم هرباً من الوضع المعيشي الصعب، وتوجَّه غالبيتُهم إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، مشيرةً إلى أنَّ المنشقين عن قوات الأسد ومقاتلي الفصائل السابقين وقَّع منهم اتفاقات تسوية يُفترض أنَّها تحميهم من الملاحقة الأمنيّة.

وأوضحت، أنَّه بعدما غادر بضعُ مئات، عام 2019، عبرَ الأمم المتحدة، بدأت الأخيرة الشهر الحالي دعمَ خطّةٍ لمغادرة الراغبين، ما أثار انتقاد منظّمات حقوقية عدّة، أبرزها “منظمة العفو الدولية”، معتبرةً أنَّ من شأن ذلك أنْ يعرّض المغادرين لانتهاكات في مناطق سيطرة نظام الأسد.

وقال عسكري منشّقٌ عن قوات الأسد للوكالة، “نحن عالقون بين نارين؛ إذا دخلنا مناطق نظام الأسد سنكون هالكين، وإذا بقينا في المخيم فسنعيش كمن يموت ببطء”.

وأوضح، أنَّ “المخيّم معدوم الخدمات. نعيش في صحراء قد نموت فيها من الجوع أو المرض، مشيراً إلى أنَّ الأمم المتحدة لم تدخل أيَّ مساعدات إنسانية إلى الركبان منذ عام 2019، وتحتاج لإدخالها لموافقة نظام الأسد، كما أنَّه لا يوجد منظّمات أخرى عاملة في المخيّم.

من جانبه قال رئيس المجلس المحلي للمخيم “محّمد درباس الخالدي”، “منذ عام 2016 ونحن محاصرون في الصحراء”، مضيفاً، تقتصر الخدمات الطبيّة على مستوصف وممرّضين يقدّمون إسعافات أولية بغياب أطباء أو جرّاحين، وأوضح أنَّ خيامَ التعليم، مهترئة، والغرف المبنية من تراب بحاجة إلى ترميم.

مشيراً في حديثه للوكالة أنَّ سكان المخيم يعتمدون بشكلٍ أساسي على طرق التهريب لإحضار بضائعَ تُباع بأسعار مرتفعة تفوق قدرة معظمهم، ما اضطر كثيرون إلى بيع ممتلكاتهم من سيارات أو مزارع أو عقارات لتأمين الأموال، بينما يعتمد بعضهم على أموال يرسلها أقاربهم بين الحين والآخر، وفقَ الخالدي.

وأدخلت الأمم المتحدة في 11 أيلول الماضي، قافلةً مؤلّفة من خمس شاحنات “لدعم العائلات التي تسجّلت طوعاً لمغادرة الركبان”، لكنَّ بضعة أشخاص تصدّوا للقافلة ومنعوها من إتمام مهمتها.

ويتّهم “الخالدي” مكتب الأمم المتحدة في دمشق بأنَّه متواطئ، وما هو إلا شركة شحن لصالح نظام الأسد، مستغرباً إرسالَ شاحنات لنقل مواطنين “من دون أيِّ ضمانات”، خصوصاً أمنيّة.

ويخشى كثيرٌ من سكان المخيّم، من تعرّضهم في حال مغادرتهم لملاحقة من نظام الأسد أو إجبارهم على العودة إلى الخدمة العسكرية، ويفضّلون إجلاءهم إلى مناطق سيطرة الفصائل الثورية في شمال سوريا.

ودعت “منظّمة العفو الدولية” الأمم المتحدة إلى وقفِ خططِ نقلِ النازحين من الركبان، كونها “تعرّض العائدين لخطر الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيّئة، بما في ذلك العنف الجنسي”.

ووثّقت المنظّمة في تقرير الشهر الماضي “انتهاكات مروّعة” ارتكبتها أفرعُ نظام الأسد الأمنيّة بحقّ 66 لاجئاً بينهم 13 طفلاً عادوا إلى سوريا منذ عام 2017، من دول عدّة، كما من مخيّمِ الركبانِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى