لماذا عادَ معارضٌ سوريٌّ فضحَ مجازرَ الأسدِ إلى دمشقَ؟

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً تناولت فيه اختفاءَ وعودةَ مازن حمادة الناجي الوحيد من “مسالخ بشار الأسد” إلى دمشق، رغم التحذيرات التي وجَّهها إليه شقيقه، وكان آخرُ تواصل بينهما هو طلبه منه “ادعيلنا” وأنَّ “ما بصير إلا اللي كاتبه الله”.

وأشار التقرير إلى أنَّ مازن حمادة الناجي من مسالخ بشار الأسد تحوَّل بوجهه النحيل ودموعه إلى صورة عن معاناة السجناء في سجون نظام بشار الأسد.

وأضافت الصحيفة أنَّه بعد هروبه من سوريا إلى هولندا سافر بشكلٍ مستمرٍّ وشارك تجربته مع الجماهير في الولايات المتحدة وأوروبا وقصَّ عليهم ما عاناه في سجون الأسد، ثم اختفى بشكل غامض وربَّما انتحاري قبل عام تقريباً، وعاد إلى سوريا مخاطراً بحياته وإمكانية تعرُّضه لوحشية نظام الأسد التي شجبها بقوة.

وترك حمادة عائلته وأصدقاءه يتساءلون عن سبب عودته إلى جلاديه وما يخشون أنَّه كابوس جديد في سجون نظام الأسد.

وتساءلوا إنْ كانت تصرُّفاته الغريبة دليلاً على صدمات دفعته لاتخاذ قرار غيرِ منطقي، وهل تمَّ جرُّه إلى سوريا من قِبل الداعمين لنظام الأسد من أجل إسكاته، حسبما يشكُّ المقرَّبون منه؟ أم أنَّه لم يعدْ يطيق العيش في الغرب وكان مستعدَّاً للمخاطرة بحياته؟ أم أنَّه شعر بخيانة العالم له وعدم مبالاته بمأزق بلاده وفشله في وقفِ حمَّام الدم فيها؟ والإجابة على هذه الأسئلة تذهب إلى قلب المأساة في سوريا والعذاب الذي حلَّ بها بعد ثورات الربيع العربي، ومطالبات التغيير السلمية التي تمَّ قمعُها بالقوة الغاشمة.

وخلال الأيام الماضية تصدَّر اسم المعتقل “مازن حمادة” بعد انتشار إشاعة وفاته تحت التعذيب في سجون نظام أسد قبلَ أيام.

وقال موقع “أورينت” إنَّه التقى صهر “مازن حمادة” وهو مقيم في هولندا منذ أكثر من 20 عاماً، الذي نفى في البداية إشاعة وفاة مازن محمِّلاً مَن نشر الإشاعة العواقب القانونية والأخلاقية من خلال التلاعب بمشاعر أهل مازن.

وكشف الصهر، “الذي طلب عدم ذكر اسمه” عن معلومات تُذكر لأوّل مرّة عن سبب عودة مازن إلى دمشق مرجِّحاً من خلالها اختطافه بمكيدة دبَّرتها سفارة نظام الأسد في برلين وليس أنَّه عادَ بشكل طوعي عندما ساءت أحواله المادية والنفسية كما تمَّ الترويج بالسابق.

وقال صهر مازن “إنَّ سفارة نظام الأسد في برلين لعبت دوراً أساسياً في إعادة مازن إلى دمشق”.

وأضاف أنَّه تواصل مع أشخاص شاهدوا مازن في مطار برلين قبل العودة إلى دمشق، مع سيدة مؤيِّدة ومقرَّبة من سفارة نظام الأسد، وسألوه هل أنت ذاهب إلى دمشق، إلا أنَّه أجاب بالنفي وقال أنا ذاهب لبيروت، لكنَّ السيدة التي كانت معه ردَّت “بل إلى دمشق”.

ولذلك رجِّح بأنَّ سفارة نظام الأسد عبْرَ بعض المتعاونين وهذه السيدة استدرجوا مازن وذهبوا به إلى دمشق مستغلِّين المشاكل النفسية التي كان يعانيها في الفترة الأخيرة.

ولفتَ الصهر إلى أنَّ مازن يعاني من مشاكل نفسية منذ خروجه من المعتقل ونظام أسد قام بتعذيبه وتحطيم نفسيته، مشيراً إلى أنَّ نشاط مازن في المحافل الدولية كونه قابلَ مسؤولين في محكمة لاهاي ومسؤولين في بريطانيا وأمريكا والأمم المتحدة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين ومحاسبة نظام الأسد، جعلت الأخير يعمل على استدراجه.

ونوَّه الصهر إلى تدهور وضع مازن الصحي والمادي بسبب نشاطه الكبير الذي كان على حسابه الخاص، وهو ما تسبَّب بتخلّفه عن دفع إيجار منزله لمدة 8 أشهر ما حدا بشركات التأمين لإخراجه من المنزل ومصادرة أغراضه الشخصية، كما أصبح عليه مخالفات وكان يتمُّ خصمُها من مستحقّاته المادية التي يتقاضاها شهرياً.

وأكَّد أنَّ مازن بالفترة الأخيرة كان يتلقّى العلاج في مركز للأمراض النفسية والعصبية في العاصمة أمستردام وتحديداً في مركز (سنتر 45).

وعن كيفية وصول مازن إلى دمشق ذكرَ الصهر أنَّ مازن سافر من برلين إلى مطار بيروت عبْرَ شركة أجنحة الشام ومن هناك إلى مطار القامشلي ومنها إلى دمشق ليتمَّ اعتقاله هناك.

وذكر أنَّ مازن أخبر ابن أخيه المقيم في ألمانيا في آخر مكالمة بينهما عندما وصل مطار دمشق بأنَّه تورَّط وقال له ( ادعيلي).

وقدَّم الناشط بدوي المغربل شهادة متوافقة إلى درجة التطابق مع ما رواه صهر مازن، مكمّلاً بعض التفاصيل, حيث قال إنَّ السيدة التي اصطحبت مازن ردَّت أنَّ مازن عائد إلى دمشق لأنَّه ليس خائناً ولا يخون بلده وأنتم خونة.

ورجَّح المغربل بأنْ يكون مازن تمَّ تخديرُه قبل موعد عودته إلى دمشق من برلين لأنَّه كان في وضعٍ غير طبيعي عندما كان متواجداً في مطار برلين.

وتابع المغربل بأنَّ مازن في الأشهر الثلاثة الأخيرة قبل عودته إلى دمشق كان يذكر أنَّه يريد العودة إلى دمشق لكن لم يأخذ أحدٌ قوله على محمَل الجدِّ لأنَّه أخبره في أحدِّ المرات أنَّه يريد العودة والجلوس مع “بشار الأسد” لحلِّ مشاكل المعارضة ونظام الأسد ويمكن تقاسم سوريا بحيث نعطي “بشار الأسد” دمشق ودرعا والجنوب ومازن يأخذ دير الزور (حيث ينحدر) والشمال السوري.

وهنا يؤكِّد المغربل بأنَّ مازن أصبح يهلوس كثيراً في الفترة الأخيرة ويعاني من وضع نفسيّ سيّئٍ, وحمَّل سفارة نظام الأسد في برلين مسألة خطف مازن بشكل غير مباشر من خلال تسليط أشخاص قاموا بإعطائه الحشيش بدون مقابل كونَ مازن بالفترة الأخيرة لم يكن يمتلك المال.

وأضاف ” وبعد ذلك أمَّنوا له تواصلاً مع سفارة نظام الأسد التي بدورها مدَّدت له جواز سفره السوري الذي تمَّ إتلافه من قِبل ابن أخيه في ألمانيا لتعودَ السفارة بإصدار جواز سفر جديد لمازن وأخذِه إلى دمشق عن طريق سيدة لا يعرف اسمها الناشط بدوي ولكن ذكرَ بأنَّه يعرف شخصاً في برلين يعرف هذه السيدة ولكن هذا الشخص لايريد ذكرَ اسمه في الإعلام.

وأشار المغربل لغياب أيِّ دور لجهات أو شخصيات من المعارضة في قضية مازن وحتى بعد اختطاف مازن باستثناء عضو الائتلاف السابق “سهير الاتاسي”.

وأشار صهر مازن إلى أنَّ نظام الأسد عرض مؤخراً الإفراج عن مازن مقابل شرط وحيد وهو أن يخرج للإعلام وينفي كلَّ ما قاله في المحافل الدولية ولكن مازن رفض ذلك.

وذكر الصهر أنَّه حصل على هذه المعلومة من معتقل كان مع مازن في أحد الأفرع الأمنية بدمشق.

وأفاد الصهر أنَّ هناك تحركاً دولياً في قضية مازن وأنَّ وزير الخارجية الهولندي قال إنَّ ملفَّ مازن أصبح على طاولة الأمم المتحدة، كما أنَّ هولندا تجري اتصالات مع ألمانيا لمعرفة معلومات عن دور سفارة نظام الأسد في استدراج في مازن إلى دمشق.

وكان مازن حمادة قد تعرَّض للاعتقال 3 مرّات سابقة على يد نظام الأسد وكانت الثالثة هي الأصعب حيث مكثَ فيها بسجن المخابرات الجويَّة ما يزيد عن العام ونصف تعرَّض خلالها لأشدِّ أنواع التعذيب.

وفي 23 شباط تفاجأ ناشطون سوريون بخبر عودة مازن إلى دمشق بين مستغرب ومكذِّب للخبر إلى أنْ تأكَّد الخبر باعتقال نظام الأسد له فورَ وصوله واقتيادِه إلى مكانٍ مجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى