معابرُ التهريبِ مع نظامِ الأسدِ تعقدُ برنامجَ الإصلاحِ في لبنانَ

عادت قضية المعابر غيرِ الرسمية “التهريب” إلى الواجهة في الشارع اللبناني، مع وضعِ صندوق النقد الدولي إغلاقها شرطاً لتقديم المساعدة للبنان، الذي يئنُّ تحت أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.

وقال المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، العام الماضي، إنّ 124 معبراً غير رسمي تمرُّ خلالها عمليات تهريب واسعة بين لبنان ومناطق سيطرة نظام الأسد, بينما يبلغ عددُ المعابر الرسمية بين البلدين خمسة معابر.

ويرى كثيرٌ من اللبنانيين وأطراف سياسية في المعابر غير الرسمية تهديداً مباشراً للاقتصاد اللبناني، وللمفاوضات التي تجريها الحكومة مع صندوق النقد الدولي.

إغلاق المعابر “غير الشرعية” مع نظام الأسد, هو من بين الشروط الأساسية التي وضعها البنك الدولي لمساعدة لبنان, خلال مفاوضات بدأتها الحكومة اللبنانية في 11 أيار الماضي, مع صندوق النقد سعياً للحصول على تمويل خطتها لإنقاذ اقتصاد البلاد من أزمة اقتصادية، دفعت لبنان إلى تعليق سداد ديونِه الخارجية, واعتبر الصندوق أنّ المعابر غيرِ الشرعية هي إحدى أدوات التسرّب المالي والسلعي.

ويرى العميد المتقاعد والنائب البرلماني عن كتلة “القوات اللبنانية”, “وهبي قطيشا”، أنّ نظام الأسد المحاصر هو المستفيد الأكبر من المعابر غير الرسمية مع لبنان.

وقال “قطيشا” في حديث لوكالة “الأناضول”, “تهرّب إليه (نظام الأسد) المواد الاستهلاكية المدعومة في لبنان، كالطحين والمازوت والأدوية والدخان”, ويضيف أنّ “جماعات في لبنان” تستفيدُ أيضاً من هذا الواقع؛ مشيراً أنّ “هناك تهريب من جانب نظام الأسد”.

وأوضخ أنّ, “البضائع التي تصل إلى منطقة بانياس تُهرب إلى لبنان عبْرَ قوى متعاونة مع نظام الأسد (مثل الإلكترونيات) ما يحرم الدولة اللبنانية من عائداتها الضريبية”.

وتعتبر العلاقة مع نظام الأسد، من أبرز المسائل الخلافية في لبنان, وتطالب قوى وأحزاب لبنانية، في مقدمّتها “القوات اللبنانية” بزعامة سمير جعجع، و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، بزعامة وليد جنبلاط، التحقيق في قضية تهريب الطحين والمازوت إلى نظام الأسد.

لكنّ “حزب الله” وحليفه “التيار الوطني الحرّ”، الذي ينتمي إليه رئيس الجمهورية ميشيل عون، يعتقدان أنّ ضبط الحدود بين لبنان ونظام الأسد يجب أنْ يتمّ بالتعاون بين البلدين.

ويواجه “حزب الله” اتهامات مباشرة بالمسؤولية عن هذا الملفّ لتحالفه الوثيق مع نظام الأسد.

ويقول النائب عن “حزب الله”، أمين شري، للأناضول, “الموضوع يُطرح على المعنيين مثل الحكومة والأجهزة الأمنية، وهم مكلّفون بتطبيق قرارات مجلس الدفاع الأعلى في هذا الخصوص”.

من جهته، يقول النائب عن “التيار الوطني الحرّ” أسعد درغام, “الأفضل في ملف ضبط الحدود التعاون بين الدولتين اللبنانية والسورية، ولا سيما في موضوع المعابر غير الشرعية”.

ويشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول 2019 احتجاجات غيرِ مسبوقة مطالبة برحيل الطبقة السياسية التي يعتبرها المحتجّون مسؤولة عن “الفساد المستشري” في مؤسسات الدولة، والذي يرون فيه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي.

ويحمّل خبراء مصرف لبنان “البنك المركزي” جانباً من المسؤولية عن انتعاش عمليات التهريب عبْرَ الحدود مع نظام الأسد.

ويقول الخبير الاقتصادي، باتريك مارديني، إنّ “سبب التهريب هو سياسة الدعم التي ينتهجها مصرف لبنان، من خلال دعم المحروقات والطحين والقمح، والتي تباع في لبنان بأقلِّ من كلفتها”.

ويتوقع مارديني في حديثه للأناضول، اتساعَ عمليات التهريب في ظلّ طلب وزير الاقتصاد اللبناني راوول نعمة، بدعم السلة الغذائية, وأشار إلى أنّ “كلَّ منتج سيُدعم سيتمُّ تهريبُه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى