منظمةٌ حقوقيةٌ: الهدمُ أحدُ الإجراءاتِ لزيادةِ الضغطِ على السوريين في لبنان
اعتبرت منظّمة “هيومن رايتس ووتش” أن هدم الجيش اللبناني لمآوي اللاجئين السوريين، وإجبار الذين يعيشون في مساكن شبه دائمة في الأراضي الزراعية، على تفكيك الجدران والأسطح الأسمنتية لهذه المساكن، يجعل مساكن اللاجئين أقل ملاءمة لتحمّل الظروف المناخية القاسية، خصوصاً في منطقة عرسال.
ولفت مدير برنامج حقوق اللاجئين في المنظّمة “بيل فريليك”، إلى أنّ هذه الحملة تنتهك قانون السكن وتشكّل ضغطاً غير شرعي على اللاجئين السوريين لمغادرة لبنان، رغم أنّ الكثير من المتضرّرين لديهم أسباب حقيقية تخيفهم من العودة إلى سوريا، منها الاعتقالات، والتعذيب، وسوء المعاملة على أيدي فروع المخابرات التابعة لنظام الأسد.
وأوضحت المنظّمة أنّ إجراء الهدم يطال 3,500 إلى 3,600 عائلة لاجئة في عرسال، أي حوالى نصف مساكن اللاجئين في البلدة، وفقاً لرئيس بلديتها “باسل الحجيري”. وتقول بعض التقديرات إنّ ما يصل إلى 15 ألف طفلٍ في عرسال سيتأثّرون بهذا الأمر التنفيذي.
وكشفت المنظّمة عن أنّها التقت 40 لاجئاً متضرّراً في عرسال وسهل البقاع، في شهر حزيران، قالوا إنّ الأوامر تزامنت مع زيارات الجيش المتكرّرة إلى مساكن الخيام غير الرسمية، والتي وصفها بعض اللاجئين بأنّها “مداهمات”. وقالوا إنّ الجيش يعتقل الرجال والصبية، لفترات قصيرة عادةً، لأنّهم يفتقرون إلى أوراق إقامة مناسبة أو للاشتباه في حدوث خروقات أمنية.
وأضافت، أنّ أوامر الهدم والمداهمات تتزامن مع قرارات جديدة من المجلس الأعلى للدفاع، تجيز الترحيل بإجراءات موجزة للسوريين الذين يعبرون الحدود بشكلٍ غيرِ منتظمٍ، ومكافحة العمال الأجانب غير المصرّح لهم والمؤسسات التجارية التي يديرها سوريون. كما تقيّد تعليمات جديدة صادرة عن “المديرية العامة للأمن العام” قدرة الأطفال السوريين على الحصول على الإقامة القانونية تلقائياً ربطاً بالإقامة القانونية لأحد الوالدين، الذي يتبع كفيلاً لبنانياً.
واعتبر فريليك أنّ الأمر بالهدم “واحد من العديد من الإجراءات الأخيرة لزيادة الضغط على اللاجئين السوريين للعودة. وشملت تلك الإجراءات الاعتقالات الجماعية، والترحيل، وإغلاق المتاجر، ومصادرة أو إتلاف المركبات غير المرخّصة، بالإضافة إلى القيود الأخرى القائمة منذ زمن، بما فيها حظر التجوّل والإخلاء، والحواجز أمام تعليم اللاجئين وحصولهم على الإقامة القانونية وإجازات العمل”.
وقال رئيس بلدية عرسال، الحجيري، لـ “هيومن رايتس ووتش”: “الأمر لا يتعلّق بقوانين السكن. إنّه قرار سياسي. السبب وراء قيام الحكومة الآن فجأة بهدم جدران اللاجئين هو الضغط عليهم للعودة، نتمنى أن يعود اللاجئون إلى بلادهم، لكن يجب ألا نضغطَ عليهم للقيام بذلك”.
وقالت أرملة عمرها 35 عاماً من حمص، توفي زوجها في المعتقل بعد توقيفه عام 2011، وهي تبكي لـ”المنظمة”: “اللبنانيون يقولون إنّنا جئنا واستولينا على بلدهم ونعيش في فيلات، لكن انظروا فقط إلى حالة الحمام. نحن نعيش مع الحشرات والفئران. هربنا من الحرب والقتل إلى هنا، ولكنّهم لا يريدون أن نعيش حتى هكذا. الجميع يودّ أن يعيش في بلده، لكنّني لا أستطيع العودة. سيكون أطفالي في بؤس أكبر في هذا المخيم، لكن على الأقل سيبقون على قيد الحياة”.