منظمةٌ دوليةٌ تكشفُ كيفَ ثبّتتْ روسيا قوتَها الناعمةَ في سوريا من خلالِ المساعداتِ الإنسانيةِ

تستخدم موسكو المساعدات الإنسانية في سوريا لشراء الولاء السياسي وتعزيز صورتها بشكلٍ أفضلَ، وفْقَ ما خلص إليه تقرير لمنظمة “أتلانتك كاونسل”، بعد مسح لنشاط المنظمات الموالية لها.

وقال التقرير إنّه إنطلاقاً من خريطة المناطق التي قدّم فيها المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتنازعة في سوريا المساعدات على مدى فترة 18 شهراً (بين عامي 2018 و2020)، يمكن تكوين صورة لتكتيكات القوة الناعمة الروسية في سوريا.

من خلال شبكة تتكوّن من ثلاث عشرة منظمة على الأقل، تطوّر نفوذ روسيا في القطاع الإنساني السوري منذ عام 2016. وترتبط بعضٌ هذه المنظمات، مثل البعثة الإنسانية الروسية، بعلاقات وثيقة مع الدولة الروسية.

ووفق التقرير فإنّ مركز المصالحة بين الأطراف المتنازعة في سوريا المرتبط بوزارة الدفاع هو أحدُ أكثر الكيانات الإنسانية نشاطاً، ويشتهر بالسمسرة في صفقات الاستسلام مع المعارضة حول دمشق وحمص وجنوب سوريا.

ويشير التقرير إلى أنّ لجنة دعم سوريا المؤقّتة قامت بـ 735 مهمة إنسانية في 244 موقعاً حول سوريا في الفترة من تشرين الثاني 2018 إلى نيسان 2020، لكنّ هذه المساعدات كانت بغايات سياسية.

ومن تشرين الثاني 2018 إلى تشرين الأول 2019، تمّ التركيز أكثر على مدينة دير الزور، حيث أعطت موسكو الأولوية للمساعدات الإنسانية، لأنّ الاحتياجات كانت عالية بعد الحرب ولتقويض الجهود العسكرية الأميركية في المنطقة.

كما ركّزت المساعدات في الفترة من تشرين الثاني 2018 إلى نيسان 2019 على المجتمعات المحلية أو القريبة منها التي استعادها نظام الأسد مؤخّراً.

وقال التقرير إنّه في إهانة مباشرة للمبادئ الإنسانية المتمثّلة في الحياد والنزاهة، كان الكيان نفسه الذي قدّم المساعدة الإنسانية لهذه المجتمعات المحلية أيضاً عاملاً رئيسياً في إجبارها على الاستسلام.

ومن خلال مشاركته في عملية المصالحة أجبر “مركز المصالحة الروسي” المواطنين السوريين على البقاء في مناطق سيطرة نظام الأسد، حيث يخضعون الآن لعنف الأجهزة الأمنية.

وأشار التقرير إلى أنّ المركز حاول شراء الولاء من المجتمعات المحلية التي كانت محبطة من عجز النظام عن تقديم الخدمات، ومن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية.

وساعد تقديمُ المساعدات إلى هذه المناطق روسيا على تعزيز صورتها لدى السكان المحليين بعد التأييد الضعيف الذي لقيه تدخلُها العسكري.

وأوضح التقرير أنّه بعد أنْ أصبح الوصول إلى المنطقة الشمالية الشرقية التي يهيمن عليها الأكراد متاحًا في تشرين الأول 2019، انفجر نشاط المركز في هذه الأراضي المدعومة من الولايات المتحدة، إذ من بين 290 مهمةً خلال الأشهر الستة التالية، كانت 223 مهمة في محافظتي الرقة والحسكة بالإضافة إلى منطقة عين العرب في حلب.

وخلص التقرير إلى أنّ التراجع الأميركي كان فرصة لا يمكن تفويتُها حاولت روسيا استغلالها لشراء الولاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى