نظامُ الأسدِ يُجبرُ والدَ الطبيبةِ السوريّةِ “أماني بلور” بتبنّي روايتِه الرسميّةِ تحتَ التهديدِ

قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقريرها الصادر اليوم الجمعة 21 أيار، إنَّ نظام الأسد يُهدّد ويعتقل ويعذّب أهالي النشطاء السياسيين والعسكريين المعارضين على نحوٍ مشابه لأساليب المافيا، مشيراً إلى إجبار والد الطبيبة الناشطة أماني بلُّور على الظهور في الإعلام الرسمي وتبنّي رواية الأجهزة الأمنيّة.

وقال التقرير -الذي جاء في 8 صفحات- إنَّ النظام لم يكتفِ بعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي بحقِّ المعارضين سياسياً على خلفية الحراك الشعبي، بل إنَّه قد أجبرهم تحت التعذيب والترهيب على الظهور على شاشة الإعلام الحكومي أو الموالي لنظام الأسد والإدلاء بتصريحات وفقاً لما تمليه عليهم الأجهزة الأمنيّة.

ووفق الشبكة، في كثيرٍ من الأحيان لجأ النظام في مناطق سيطرته إلى أهالي المعتقلين أو نشطاء سياسيين خارج سوريا، وأجبرهم على الظهور على وسائل الإعلام والتبرؤ من أولادهم واتّهامهم بالعمالة للغرب ودعم الإرهاب وغير ذلك من الاتهامات المعلّبة التي يردّدها النظام السوري والتابعون له.

وسجل التقرير ما لا يقلُّ عن 364 حالة ظهور إعلامي لمعتقلين لدى نظام الأسد، أو لأهالي نشطاء سياسيين أُجبروا على الحديث عبْرَ وسائل الإعلام الحكومية أو الموالية للنظام بما فيها وسائل إعلام تابعة لميليشيا حزب الله وإيران وروسيا، وقد تحوّل قرابة 300 منهم إلى مختفين قسرياً.

وتحدّث التقرير عن أنَّ النظام يبذل بمساعدة حليفيه الروسي والإيراني جهوداً ومبالغَ ماليّة ضخمة تهدف إلى تبرئته من الجرائم وبالتالي طمس وتشويه الحقيقة، وأنَّه عمدَ والموالون له إلى تأسيس العديد من المواقع والمنظّمات، وإخراج مسلسلات وأفلام وثائقية تصبُّ في خدمة تغيير سردية الأحداث وتُشكِّك في صحةِ وقوعها.

وقال إنْ كان هذا النظام يعلم تماماً صعوبة تحقيق ذلك، لكنّه يسعى من خلال كلِّ ذلك على الأقلّ إلى جعل الصورة ضبابية وحمَّالة أوجه أمام الرأي العام المحلي والدولي غير المتابع بدقّة لتقارير لجان التحقيق الأممية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، التي اتهمت النظام السوري مئات المرّات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حربٍ بشكل واضح ومباشر.

وذكر التقرير أنَّ قناة الإخبارية السورية وخدمةً لسردية النظام كانت قد عرضت في 20/ نيسان/ 2021 فيلماً وثائقياً حمل عنوان “من النفق إلى النور” يهدف بشكل رئيس إلى إيصال رسالة بأنَّ النظام لم يقُم باستخدام أسلحة كيميائية على منطقة الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، واستجلبت الأجهزة الأمنيّة عدداً من العاملين في المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية والذين بقوا بعد أنْ سيطر النظام عليها، وقد أمرتهم الأجهزة الأمنية بتأدية هذه الأدوار مقابل عدم تشريدهم قسرياً أو اعتقالهم وتعذيبهم.

وقال التقرير إنَّ الفيلم عمدَ إلى تشويه صورة الطبيبة أماني بلُّور والطبيب سليم نمور، اللذين عملا على إسعاف الجرحى والمصابين من قصف النظام بالأسلحة الكيميائية والأسلحة التقليدية على مدى سنوات طويلة، وخدمةً لهذا الهدف المنحط، قام النظام باستدعاء والد الطبيبة أماني بلُّور الذي بقي في الغوطة الشرقية ولم يتشرد منها، وطُلب منه الظهور في الفيلم والتحدّث لصالح رواية النظام في نفي الهجمات الكيميائية والقول بأنّها هجمات مصطنعة ومفبركة من قبل الإرهابيين.

وطبقاً للتقرير يبدو أنَّ النظام السوري قد تعمَّد الإساءة وتشويه صورة الطبيبة أماني بلُّور؛ نظراً للدور الكبير الذي لعبته خلال وجودها في مشفى الكهف، وبعد تشريدها قسرياً من الغوطة الشرقية عقبَ سيطرة النظام السوري عليها بعد هجومه الكيميائي على مدينة دوما في نيسان/ 2018.

وفي هذا السياق عرض التقرير أبرز إنجازات الطبيبة الناشطة أماني محمد بلُّور، التي جعلت النظام يستهدفها وعائلتها، والتي كان آخرها مشاركتها في جلسة خاصة لمجلس الأمن، عن الوضع الإنساني في سوريا، التي أدلت خلالها بشهادتها عن هجوم النظام بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق في 21/ آب/ 2013.

قال التقرير إنَّ النظام عاقب المعارضين السياسيين له بشتى الأساليب، ولعلَّ استهداف العائلة والأصدقاء والأقرباء كان من أشدِّ الأساليب وحشية، الأمر الذي يُشير إلى أنّه ليس نظاماً سياسياً دكتاتورياً فحسب، بل هذه التصرفات الهجمية عادة ما تلجأ إليها المافيا.

وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقلُّ عن 20847 شخصاً بينهم 13 طفلاً و27 سيدةً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام على خلفية صلات القربى التي تربطهم بنشطاء في الحراك الشعبي أو هم معارضون للنظام السوري منذ آذار/ 2011 حتى 21/ أيار/ 2021.

ويشكّلون قرابة 16 % من حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات الأسد, ومن بينهم ما لا يقلُّ عن 137 شخصاً تجاوزت أعمارهم السبعين عاماً.

بينما بلغت حصيلة من تعرّضوا للاعتقال على خلفية صلات قربى تربطهم بمطلوبين للنظام وأفرج عنهم لاحقاً ما لا يقلُّ عن 7929 شخصاً بينهم 147 طفلاً و180 سيدة.

وأكَّد التقرير أنَّ النظام أجبر أقرباء النشطاء السياسيين الموجودين في مناطق سيطرته على الظهور على وسائل الإعلام الموالية له، والحديث وفقاً لما تمليه عليهم الأجهزة الأمنية بما في ذلك إدانة أقربائهم، والتبرؤ منهم.

كما استولى بالمطلق على جميع وسائل الإعلام الحكومية وسخَّرها لنفي الانتهاكات التي مارسها ولصقها بالإرهابيين، في سعي منه لخلق حالة من الضبابية والجدل والتشكيك.

وأضافَ التقرير أنَّ النظام اتّبع أساليب المافيا عبْرَ تهديد المعارضين السياسيين بقتل واغتصاب واعتقال عائلاتهم، ولم يسلمْ من ذلك النساء والأطفال.

كما اتبع تكتيك اعتقال وإخفاء وتعذيب أهالي الأشخاص الناشطين في الحراك الشعبي بشكل واسع ومدروس، من أجل ردعهم ومعاقبتهم على نشاطهم ضدَّه، ولإرهاب شرائح أخرى من المجتمع من اتخاذ خطوات مماثلة خشية على ذويهم.

أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي بإدانة اتباع النظام أساليب المافيا مع المواطنين السوريين، والتنديد الواضح بإجبار والد أماني بلُّور على المشاركة في الفيلم المؤيّد للنظام وبشكل خاص بعد شهادتها أمام مجلس الأمن الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى