مصادرُ حقوقيةٌ: نظامُ الأسدِ يُسرّعُ الإعداماتِ في سجنِ صيدنايا
عبّرت مصادر حقوقية من بينها منظّمات حقوقية، عن تخوّفها من زيادة الإعدامات الجماعية التي ينفّذها نظام الأسد بحقّ معتقلين سياسيين في سجن صيدنايا السيّئ الصيت، وذلك على خلفية أنباء تشير إلى ترحيل نظام الأسد لعشرات المعتقلين من أفرع مختلفة إلى السجن المذكور، خلال الفترة القليلة الماضية.
وفي حديثه لـ “القدس العربي” أكّد رئيس “الهيئة السورية لفكّ الأسرى والمعتقلين” المحامي فهد الموسى، قيام نظام الأسد مؤخّراً بترحيل معتقلين من سجون عدرا بدمشق، اللاذقية، والسويداء، إلى سجن صيدنايا، مرجّحاً أنْ يكون الترحيل، بغرض تنفيذ أحكام الإعدام بحقّ هؤلاء.
وحسب الموسى، فإنّ نظام الأسد لم يوقفْ عمليات الإعدامات التعسفية، مستنداً إلى أحكام قضائية صادرة عن محاكم استثنائية وميدانية باطلة بطلاناً مطلقاُ، وتابع بأنّ تسريع وتيرة الإعدامات تشير إلى رغبة نظام الأسد بالانتقام من السوريين الذين عارضوا حكمه، رغم جهود الوصول لحلّ سياسي من قِبل المجتمع الدولي والدول الفاعلة في الشأن السوري.
في المقابل يعزو عضو “هيئة القانونيين السوريين”، المحامي عبد الناصر حوشان تسريع نظام الأسد لعمليات الإعدام بحق المعتقلين السياسيين، إلى رغبة الأخير بالتخلّص من الضغوط الدولية بخصوص ملفّ المعتقلين. وأوضح بقوله “هذا الملف دائمُ الحضور في المحافل الدولية والمناقشات السياسية بخصوص الملفّ السوري، من الأمم المتحدة إلى جلسات الدستور في جنيف، وكذلك مباحثات أستانا”، مضيفاً أنّ “نظام الأسد يعلم يقيناً أنّ فتح ملف المعتقلين بسجونه سيؤدّي إلى ظهور حقائق مروّعة”.
وتابع حوشان بالإشارة إلى إصرار الاحتلال الروسي على إطلاق صفة “المحتجزين” على المعتقلين لدى نظام الأسد في نصوص القرارات الدولية المتعلّقة بالشأن السوري، مبيّناً أنّ هذه الصفة تطلق قانوناً على المحتجزين من قبل سلطة شرعية، بجرمٍ محدّدٍ. واعتبر أنّ تمرير هذه الصفة في نصوص القرارات والبيانات الختامية لمحادثات “أستانا”، يعطي نظام الأسد الحجّة لتنفيذ الإعدامات بحقّ المعتقلين السياسيين، تحت أحكام جنائية، من خلال محاكم “قانونية”.
وحول عملياتِ الإعدام التي ينفّذها نظامُ الأسد، والأعدادِ التقريبية لها، أشار حوشان إلى السرية الشديدة التي تحيط بعمليات الإعدام التي تتمّ بشكلٍ يومي في سجن صيدنايا، مشيراً في الآن ذاته إلى الخطورة العالية التي تترتّب على ذكر أسماء بعض المعتقلين، لأنّ من شأن ذلك تسريع تنفيذ حكم الإعدام بحقّهم.
وأضاف حوشان “ما يمكننا الجزم به، هو أنّ عمليات الإعدام لم تتوقّف، وغالبية الضحايا هم من المعتقلين خلال الأعوام 2014-2015. موضّحاً أنّ “نظام الأسد يعتمد في إثبات تهمة الإرهاب عليهم، على شهادات لمعتقلين تمّ إعدامهم من قبلُ”.
وعن مصير المعتقلين في الأعوام الأولى من عمر الثورة السورية، قال “غالبيتهم تعرّضوا للتصفية في الأفرع المخابراتية، بدون صدور أحكام بإعدامهم من قِبل محاكم نظام الأسد الميدانية، فيما تمّ الإجهازُ على المتبقّين منهم في الإعدامات الجماعية التي تمّ تنفيذها في سجن صيدنايا.
وأردف عضو “هيئة القانونيين السوريين”، أنّ العديد من أحكام الإعدام تستند إلى شهادات معتقلين سابقين، وهي من الخطط المعهودة لدى نظام الأسد، حيث يتمّ إدراج اعترافات لمعتقلين سابقين على معتقلين جُدُدٍ، لتشريع صدور حكم الإعدام.
وفي السياق، أكّدت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، في تقريرها قبل أسابيع، أنّ نظام الأسد ما زال يستخدم السجن كمركز رئيسي لاحتجاز المعتقلين السياسيين وإخفائهم قسراً وحرمانهم من الاتصال مع العالم الخارجي وإخضاعهم لظروف معيشية تؤدّي بهم غالباً إلى الموت.
وأوضحت أنّ أحكام الإعدام ارتفعت بشكلٍ هائل بين معتقلي صيدنايا من 243% قبل 2011 إلى 876% بعدها، وهي أحكام صادرة عن محكمة الميدان العسكرية التي تفتقد إلى أدنى شروط التقاضي العادل حيث لا يسمح للمعتقل بتوكيل محامٍ أو الاتصال مع العالم الخارجي.
وكانت “منظمة العفو الدولية” وثّقت في تقرير “المسلخ البشري” المنشور في شباط من عام 2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة نفّذها نظام الأسد بحقّ 13 ألف معتقل في سجن صيدنايا، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015.
وأوضحت أنّ الإعدامات جرت أسبوعياً أو ربّما مرتين في الأسبوع، بشكلٍ سرّي، واقتيدت خلالها مجموعات تضمّ أحياناً 50 شخصاً، إلى خارج زنزاناتهم، وشنقوا حتى الموت كما أكّدت أنّ الممارسات السابقة التي ترقى إلى جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية، لا زالت “مستمرةً على الأرجح في السجون داخل سوريا”.