فورين بوليسي: سياسةُ ترامب تُؤتي أكُلها في تحويلِ نصرِ نظامِ الأسدِ إلى رمادٍ
نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية مقالاً للكاتب الصحفي “جوناثان سبايير” تحت عنوان “سياسة ترامب في سوريا ناجحة”، حيث سلّط فيه الضوء على تأثير السياسة التي انتهجتها الإدارة الأميركية تجاه سوريا لإسقاط نظام “بشار الأسد” وتحويل ذلك البلد إلى مستنقع تتخبّط روسيا في وحله.
ورأى المقال أنّ الإستراتيجية التي اتبعتها إدارة “ترامب” بشأن سوريا قد أفلحت في تحويل نصرِ نظام الأسد إلى رماد من خلال الضغط الهادئ والمستمر، ولم يبقَ سوى إقناع روسيا بالتوقف عن دعم نظام الأسد، وهو ما لم يتحقّق بعد.
وأشار إلى بعض مظاهر الأزمة التي يمرّ بها نظامُ الأسد، كالتمرد الشعبي المحدود في محافظة درعا، التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة ضدّ النظام عام 2011، والمظاهرات العاصفة التي شهدتها مدينة السويداء، واستمرار الانهيار السريع الذي يشهده اقتصاد البلد.
لم يتوقّف كثيرون عند تعليق المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري”، الذي قال يوم 12 أيار الماضي إنّ مهمته كانت تحويلَ سوريا إلى مستنقع للروس، ولكن اتّضح فيما بعد أنّ الهدف من تلك الكلمات لم يكن فقط نقل شعور عام بمعارضة المخططات الروسية في سوريا، وإنّما كانت عنواناً يحيل إلى سلسلة من الإجراءات الرامية إلى منع عودة الحياة الطبيعية في سوريا في ظلّ حكمِ نظام الأسد، وإثارة أزمات متجدّدة لتحويل البلد من مكسبٍ لكلٍّ من موسكو وطهران إلى عبء عليهما.
وأشار الكاتب إلى أنّ الوسيلة الرئيسية التي استخدمتها واشنطن لتحقيق الأهداف آنفة الذكر كانت خنقُ الاقتصاد السوري، وقد راهنت على حاجةِ الأسد الماسة للمال لإعادة إعمار البلد الذي مزّقته الحرب وعجزٍ حليفيه الرئيسيين روسيا وإيران، عن تقديم المساعدة المالية بسبب الأزمات الاقتصادية الصعبة التي يمرُّ بها البَلدان في ظلّ تفشّي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران ضمن معوقات أخرى.
ووفقاً للأمم المتحدة فإنّ تكلفة إعادة إعمار سوريا تقدّر بنحو 250 مليار دولار، وهذا المبلغ يمثل أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسوريا قبلَ الحرب.
حيث إنّ إدارة ترامب وظّفت وسائل عديدة للضغط على نظام الأسد شملت تشكيل جبهة موحّدة بينها وبين الاتحاد الأوروبي لمنع حصول النظام على أي تمويل لإعادة الإعمار ما دام يرفض الموافقة على حلٍّ يضمن تحوّلاً سياسياً شاملاً وحقيقياً يستند إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، ويتمُّ التفاوضُ عليه من قِبل مختلف أطراف الصراع السورية، وهذا يعني أنّ واشنطن تقول إنّه طالما أنّ “بشار الأسد” يرفض التفاوض على رحيله، فإنّ نظامه لن يحصل على أيّ تمويل.
وأشار المقال إلى أنّ الولايات المتحدة تعمل على الحؤول دونَ تحقيق انتصار عسكري نهائي للنظام، فرغم الحديث عن قربِ نهاية الحرب، فإنّ الأسد وحلفاءه لا يسيطرون إلا على حوالي 60% فقط من سوريا.
في حين تسيطر المعارضة السورية وتركيا على 15% من الأراضي السورية، وقد بدأت المناطق الخاضعة لسيطرتهم حديثاً في استخدام الليرة التركية بدلاً من الليرة السورية التي تراجعت قيمتُها كثيراً، كما تسيطر قوات “قسد” الموالية للولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد على 25% المتبقية من الأراضي السورية.
ووفقاً للكاتب فإنّ الهدف الأساسي لسياسة إدارة ترامب بشأن سوريا، والتي يقودها وزير الخارجية “مايك بومبيو” هي ضمان موافقة نظام الأسد على وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار يسمح ببدء المفاوضات حول المستقبل السياسي للبلاد، كما تأمل أنْ يشفعَ ذلك في تنظيم انتخابات حرّة تسفرُ عن مغادرةِ الأسد السلطة، وما لم يتحقّق ذلك فإنّ التوتر سيستمر في سوريا، كما ستواصل واشنطن زيادةَ الضغوط الاقتصادية أو تخفيفها وفقاً لمدى تعاون نظام الأسد مع ما تسعى إليه.