الكشفُ عن حقيقةِ التخطيطِ لافتتاحِ مكاتبَ للأممِ المتحدةِ في الشمالِ السوري وأبعادِ هذه الخطوةِ
كشف موقع تلفزيون سوريا في تقريرٍ، حقيقةَ تخطيط الأمم المتحدة لافتتاح مكاتبَ لها في الشمال السوري المُحرّرِ، وأبعادِ هذه الخطوة على ملفِّ المساعدات الإنسانية عبرَ الحدود.
وبعد كارثة الزلزال الذي ضربَ المنطقة الشهرَ الماضي، كشفت وفودٌ أمميّة دخلت إلى الشمال السوري عن نوايا لدى الأمم المتحدة لإنشاء مكاتبَ لها في الشمال، دون الإعلانِ عن ذلك في بيانٍ أو تصريحٍ رسمي.
وحول ذلك قال رئيسُ الحكومة المؤقّتة، عبدُ الرحمن مصطفى، “لم نتلقَّ حتى الآن أيَّ طلبٍ رسمي، واقتصر الأمرُ على مجرد نقاشٍ دار منذ أسابيعَ خلال الاجتماعات بعدَ التحدّياتِ والخللِ الحاصلِ في عملية إدخال المساعدات إلى مناطقِ الشمالِ السوري، حيث كان هناك بحثٌ حول ضرورة وجود جهةٍ مركزية في الشمال السوري لتنسيق عمليةِ تسليمِ المساعدات، ولكن حتى الآن لم يصلنا أيُّ طلبٍ رسمي بذلك من الأمم المتحدة”.
وحول احتماليةِ تقديم ضماناتٍ من قِبل الوفد بخصوص اتفاق مع نظام الأسد على ضمان إبقاء المعابرِ الداخلية والحدودية وفتحِ المزيد من المعابر الحدودية، أوضح مصطفى أنَّ عمليةَ إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عن طريق المعابرِ الحدودية، هي واجبٌ في الأساس على المجتمع الدولي، مبيّناً أنَّ كارثةَ الزلزال جاءت كمثال واقعي جديدٍ ومؤلم لتكشفَ عن ضرورة افتتاح جميعِ المعابر الحدودية لتسهيلِ عملية إدخال المساعدات دون قيدٍ أو شرطٍ، فلا يجوز أنْ تقفَ المصالحُ السياسية عائقاً أمام هذه المهمّة الإنسانية، وتعزيزِ إيصال المساعدات عبرَها للمناطق السورية بشكل مباشرٍ.
ولفت رئيسُ الحكومة إلى أنَّ نظام الأسد يحاول استغلالَ عمليةِ إدخال المساعداتِ عن طريقه سعياً منه لإعادة تأهيلِه وشرعنةِ دورهِ من جهة وليتاحَ له المزيدَ من وسائل السيطرة على المساعداتِ المُقدّمة للشعب السوري وتحويلها لدعمِ آلةِ الحربِ مستعيناً بواجهات مدنيّةٍ كـ “الهلال الأحمر السوري” و”الأمانة السورية للتنمية”، مشدّداً على ضرورة إيجادِ آليةٍ دوليّةٍ تضع حدّاً لنهب “نظامِ الأسد وميليشياته للمساعدات الإنسانية المُقدَّمة للشعب السوري ووقفِ مهزلة تمويلِه من خلال الملياراتِ المُقدّمة”.
ويرى مصطفى أنَّه يمكن للوكالات الأمميّة أنْ تلعبَ دوراً أساسياً في الملفِّ الإنساني بالتنسيق مع المؤسسات الموجودةِ في الشمال السوري لإدخال المساعداتِ الإنسانية وتوزيعِها، مضيفاً، “نحن منفتحون للتعاون مع المؤسسات الأممية ونقومُ بواجبنا بتذليلِ كلِّ الصعوبات إنْ وجِدت يداً بيدِ مع القوى المدنيّة والمجتمعية المعنية الأخرى”.
من جانبها، قالت مديرةُ المناصرة في منظمة “حرّاسِ” المعنيّة بحماية الطفلِ السوري، ليلى حسو، إنَّ منظمات سورية رحّبت خلال لقاءٍ مع وفدٍ أممي في مدينة غازي عنتاب بفكرة دخولِ الأمم المتحدة لسوريا، بشرط الإجابة عن تساؤلاتهم بسبب توقيتِ فتحِ المكاتب الآن والتبعيةِ القانونية لها، ولكن لم يتمَّ الإجابةُ عن تساؤلات المنظمات من قِبل الوفد والمتعلّقةِ تحديداً بالتبعية القانونية لهذه المكاتبِ فيما إذا كانت ستشارك المعلوماتِ مع نظام الأسد أم لا.
وتساءلت “حسو” أنَّه في حال انتهاء فترةِ الأشهر الثلاثةِ المحدّدة بين الأمم المتحدة ونظام الأسد وبعدَها قرّر النظام عدمَ تجديد الموافقة بدخول الأمم المتحدة فماذا سيكون مصيرُ تلك المكاتب؟
ولفتت إلى أنَّ جميع المنظمات ترحّب بفتح المكاتب في الشمال إذا ما كانت تبعيتُها لا ترجع إلى نظام الأسد، وإذا وافقتُ الأمم المتحدة على فتحِ المكاتب وتسييرِ أعمالها عبرَ الخطوطِ فسيضغط النظامُ لإغلاق المعابرِ الحدودية بشكلٍ مؤكّدٍ، موضّحةً أنَّ كلَّ الدعم المُقدّم لبناء المنظمات والمجتمع المدني وبناءِ قدراتهم كمنظمات عملٍ إنساني سيذهب هباءً لأنَّ نظام الأسد إذا قرّرَ العملَ عبر الخطوط لن يوافقَ على التعاون مع أيِّ منظمة سورية كانت تعمل في المناطق الخارجة عن سيطرته، وسيكون اعتمادُه على المنظمات التابعة له والتي لا تتمتّعُ بالاستقلالية عنه.
ومن جانبه، يرى المديرُ التنفيذيُّ لمؤسسة “بوصلة للتنمية والإبداع”، حسانُ جنيدي، أنَّ المخاوفَ تتعلّق بأنَّها خطوةٌ لإنهاء عمليات عبرَ الحدود، وتحويل التنسيق بين نظامِ الأسد والداخل السوري، بحيث تصبح كلُّ عملياتِ الأمم المتحدة تحت رحمةِ “الأسد”، وفي هذه الحالة فإنَّ عمليةَ إغلاق المعابر تصبح مسألةَ وقتٍ، “كما يحصل الآن في مكاتب الأمم المتحدة في القامشلي، والتي تحصر كلَّ عملها بما تسمحُ له مكاتبُ دمشق”.
ووفقاً لـ”جنيدي” فإنَّ أكبرَ خطرٍ بعد فتحِ المكاتبِ في الداخل السوري، هو أنْ تدّعي روسيا أنَّه لا داعيَ لقرار تمديدِ إيصال المساعدات عبرَ الحدود، وبالتالي إنهاءُ تجديدِ القرار.