إدانةٌ لنبشِ نظامِ الأسدِ مقابرَ ضحايا قصفِ قواتِه لمدينةِ حلبَ
عمدَ نظام الأسد خلال الأيام الماضية إلى نبشِ قبور حديقة في صلاح الدين بمدينة حلب ونقلِهم إلى مكان آخر، ضمنَ إطار مساعيه الرامية إلى طمسِ جرائمِ الحرب في سوريا.
وتداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر عملية النبش اللا أخلاقية التي ينفّذها الدفاع المدني التابع لنظام الأسد برفقة عمَّال من بلدية حلب.
وتعود الجثث إلى ضحايا القصف الذي نفّذته قواتُ الأسد على حلب خلال فترة الحصار الذي فرضته على المدينة قبلَ نحو 5 سنوات من الآن، حيث أنَّ الأهالي حينها لم يكونوا قادرين على الوصول إلى المقابر، مادفعهم إلى دفنِ الضحايا في الحدائق العامة.
وأدانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تقرير لها، عمليةَ نبش المقابر، وتغيير المخطَّطات السكنية والعمرانية، وفقاً للانتصارات العسكرية والأجندة السياسية، مما يؤسس لمزيد من الاحتقان المجتمعي.
وأكَّدت الشبكة أنَّ هذه الممارسات تصبُّ في عملية تغيير السردية ومحو آثار الانتهاكات التي قام بها نظام الأسد بحقِّ أهالي مدينة حلب، وسوف يستمرُّ النظام بعمليات التغيير الأمني الوحشية ويؤسس لمزيد من القهر والتطرّف والإرهاب.
ولفتت الشبكة الحقوقية إلى أنّه في 23/ شباط أصدر مجلس مدينة حلب التابع لنظام الأسد تعميماً طلبَ فيه من ذوي الضحايا المدفونين في الحديقة الواقعة جانب مسجد صلاح الدين في حي صلاح الدين بمدينة حلب، الحضورَ إلى المقبرة في 2/ آذار لنقل رفات ضحاياهم إلى المقبرة الإسلامية الحديثة أو مقابر عائلاتهم، وفي حال غيابهم سوف يقوم المجلس بنبش المقبرة ونقلِ رفات الموتى بدون إذن ذوي الضحايا.
وأشارت إلى أنَّ هذه الحديقة هي واحدة من العديد من الحدائق في المدينة التي قام الأهالي بتحويلها إلى مقابر لدفن أقربائهم أو جيرانهم من المدنيين أو المقاتلين الذين قتلهم القصف العشوائي الكثيف الذي قام به النظام السوري وحليفُه الروسي على أحياء مدينة حلب التي كانت خارجة عن سيطرة نظام الأسد، وتمَّ الدفن في تلك المقابر على امتداد أشهر طويلة، حتى احتل نظام الأسد بمساعدة حليفيه الاحتلالين الروسي والإيراني مدينةَ حلب في نهاية عام 2016.
وأكَّدت “الشبكة السورية” على أنَّ القرارات الصادرة عن النظام السوري تُعتبر في مجملها قرارات أمنيّة سياسية تحمل بُعداً انتقاميّاً، وتنفّذ بقوة الأجهزة الأمنية، وهذا القرار يندرج في هذا السياق.
وأوضحت أنَّه من الصعب جداً على ذوي هؤلاء الضحايا الظهور والتواجد في المقبرة خلال هذا الوقت القصير جداً، وقد يكون قسمٌ منهم قد تشرَّد ما بين نازح ولاجئ بعد سيطرة نظام الأسد على مدينة حلب، وتستحيل عليه العودةُ، ولكن الأهمَّ من ذلك أنَّ هناك خشية جدَّيَّة من قيام الأجهزة الأمنية باعتقال البعض منهم لمجرد أنَّ لديهم علاقة قرابة أو صداقة مع أحدٍ من الضحايا الذين عارضوا النظام، وهذا نهج متَّبع لدى النظام في الانتقام من ذوي المعارضين له.
وشدَّدت الشبكة في تقريرها أنَّه يتوجّب على الدول الصديقة والحضارية الديمقراطية إدانة هذه الممارسات والتسريع في عملية الانتقال السياسي.
من جانبه اتَّهم أمين سرّ “نقابة المحامين الأحرار في حلب”، المحامي “عبد العزيز درويش”، نظامَ الأسد بمحاولة طمس الأدلَّة على المجازر التي ارتكبها في مدينة حلب، في سبيل استعادة السيطرة عليها، مشيراً كذلك إلى دوافعَ انتقاميّة من سكان هذه الأحياء التي كانت خارجة عن سيطرته.
وقال درويش في تصحريحات لـ”عربي21″، إنَّ القوانين والأعراف الإنسانية توجب على نظام الأسد تحييدَ هذه المقابر العشوائية، وعدمَ نقلها إلا في حال حضور أهالي الموتى.
وأوضح “درويش” أنَّ مايثير الشكوك لديه هو إصرارُ نظام الأسد على نقلٍ هذه المقابر، بدلاً من إزالة الأنقاض التي ما زالت تنتشر في شوارع أحياء حلب الشرقية منذ العام 2016.
وشدَّد “درويش” على ضرورة التريّث في نقل المقابر العشوائية حتى استقرار البلاد، حتى يتمكَّن الأهالي وتحديداً الذين أجبروا على النزوح، من العودة، وقيامِهم شخصياً بعمليات نقلِ جثثِ موتاهم.