حولَ علاقةِ الملفّينِ الليبي والسوري.. كاتبٌ وباحثٌ سياسي لشبكةِ المحرّرِ: عودةُ المعاركِ أمرٌ متوقّعٌ
لعل أبرز ما يجمع الملف السوري مع الملف الليبي هو وجود روسيا وتركيا في كلا البلدين، ولربّما تختلف الشروط والقواعد والمصالح، إلا أنّ ثمّة ما يجمع بين روسيا وتركيا في البلدين المشتعلتين بالحروب.
اجتماع تركي روسي مصلحي، كلٌ بحسب منظوره وحساباته الجيوسياسية والاقتصادية، ولخلق مكان أوسع للنفوذ، ولفتح أبواب أكثرَ على المناطق الإستراتيجية في العالم.
ولهذه الأسباب فقد حاورت شبكةُ المحرّر الإعلامية الكاتبَ والباحث السياسي “باسل الحاج جاسم”، والذي يعتبر مقرّباً من دوائر صنع القرار في روسيا وفي تركيا، وذلك بشأن العلاقات الروسية – التركية في سوريا وليبيا، وخاصةً عقب الإعلان عن قرار وقفِ إطلاق النار في ليبيا، وهل سيكون له تأثير على اتفاق “سوتشي” في شمال سوريا.
- هل هناك ارتباط بين الملف السوري والملف الليبي بشكلٍ مباشر، أو أنّ تركيا وروسيا تديران كلّ ملفٍّ بشكلٍ منفصل عن الآخر؟ وهل من الممكن عودة المعارك في منطقة ريف إدلب الجنوبي ومحيط طريق “حلب – اللاذقية” (M4)، أم أنّ الطرفين ملتزمون بتنفيذ الاتفاق الأخير !؟، وهل من الممكن تطبيق مشابه للاتفاق الليبي خلال الفترة المقبلة في منطقة إدلب وإعادة النازحين إلى مناطقهم التي هُجّروا منها، أو لا يمكن تطبيق ذلك في إدلب والمعادلة مختلفة؟
وفي إطار ردّ الكاتب والباحث السياسي “باسل الحاج جاسم” على تلك الأسئلة، حيث بدأ حديثه قائلاً: “طبعاً معادلة مختلفة، فوجود روسيا وتركيا بين اللاعبين الآخرين في ليبيا هو دافع البعض لربط الملفين، أو القول إنّ هناك تشابهاَ”، مضيفاً بقوله: “في ليبيا حتى الآن غير واضح آلية تنفيذ ما تمّ إعلانه، بيانُ كلّ طرفٍ تضمن نفس العبارات عن السيادة وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، وكذلك ما يخصّ موضوع النفط”.
وتابع “باسل الحاج جاسم” بالقول: “أما حول آلية وحقيقة إمكانية تنفيذ كل ما تمَّ إعلانه من الأطراف الليبية، فالجواب باختصار هو (الشيطان يكمن في التفاصيل)، فليس مستبعد أن يكون الإعلانُ مجردَ محاولةِ كسب وقت من مختلف الأطراف، فالكل بات بحاجة هدنة لحين ترتيب أوراق كلٍّ منهم في ملفات أخرى متعلقة أو غير متعلقة بليبيا، ومن ناحية أخرى انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية”.
وأشار الكاتب والباحث السياسي إلى أنّه “من المعروف أنّ سير الأحداث في ليبيا بات مرتبطاً بموقف أنقرة وموسكو، وكذلك بالموقف الذي ستتخذه واشنطن التي لم تتدخّل حتى اليوم من أجل تغيير موازين السيطرة، والأرجح إنْ حدثَ شيء كهذا في موقف واشنطن فلن يحدث قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية فيها”، لافتاً إلى أنّ “هناك وقفَ إطلاقِ نار في سرت والجفرة منذ فترة ليست قريبة، وحتى قبل إعلانه منذ بضعة أيام وبكثير”.
أما حول مستقبل الأوضاع في شمال غرب سوريا، فقال “باسل الحاج جاسم”: “قد تتجه الأنظار في الفترة المقبلة نحو مزيد من ترتيب الأوضاع داخل سوريا، حيث هناك حاجة روسية تركية مشتركة، أما عودة المعارك فهو أمرٌّ متوقّع في أيِّ لحظة، إلا إذا تمَّ استكمال تنفيذ بنود الاتفاق بين الدولتين الضامنتين كاملةً وبحذافيرها، وعندها لكلِّ حادث حديث، فمعروف أنّ لاتفاق أستانا ولاتفاق سوتشي بنوداً وتفاصيل كثيرة”.
وأضاف “باسل الحاج جاسم” بالقول: “قد يكون هناك شيء ما بين روسيا وتركيا يتعلّق بالملفين، ولكن الهامش لا يتيح ساحة مناورة كبيرة في ليبيا، فهناك لاعبين كثر ومصالح تتضارب في مكان وتتقارب في آخر، وكذلك موقف واشنطن التي لم تعلنْ حتى الآن أيّ تدخّلٍ يقلب الموازين، بينما في سوريا فالخارطة باتت أوضح، وهامش اللاعبين الآخرين محدود أو غير موجود على عكس تأثيرهم الكبير في ليبيا”.
وختاماً فلا يسعنا إلا القول إنّه إذا أردنا أنْ نأتي للجانب العسكري والشعبي، فإنّ ما يجمع ليبيا وسوريا هو أن البلدين قامتا بثورات شعبية ضدّ أنظمة حكم فاسدة وطاغية، وانتصرت الثورة الليبية مؤقّتاً وقتلت “معمر القذافي”، إلا أنّ العبث الدولي والهجمة المرتدة التي دعمتها دول الثورات المضادة مثل (الإمارات)، أعادت تدوير نظام “القذافي” برجالات مختلفين وتنصيب “خليفة حفتر”.
أما في سوريا، فقامت الثورة الشعبية محاولةً نيلَ مطالبَ تحقّق كرامة الشعب وحريته، وفي لحظات من انهيار نظام “بشار الأسد” وانكفائه، وتضييق المساحات التي يسيطر عليها وتمكّن فصائل الثوار من التقدّم بشكل سريع، قلبت (روسيا) الموازين بتدخّلها العسكري الكامل في البلاد، لتدخلَ المعركة بكلِّ ثقلها، واستطاعت قلبَ المعادلة رأساً على عقب، حتى وصول الحال اليوم إلى وجود المعارضة في الشمال السوري تحت الرعاية التركية.