“غلوبال ويتنس” تكشفُ خفايا شبكةٍ دوليةٍ لغسلِ الأموالِ وتموّيلِ نظامِ الأسدِ
كشف موقع “global witness” عن شبكة لغسيل الأموال في موسكو تعمل لصالح نظام الأسد, قدّمت مساعدات مادية حيوية لنظام الأسد, وتوفير شركات واجهة كغطاء لبرنامج الأسلحة الكيميائية والباليستية للنظام.
وجاء في تحقيق لـ”global witness” أنّه وبحلول النصف الثاني من عام 2012، تصاعدت الأزمة في سورية إلى حرب كلية بعد أنْ قمعت قوات الأسد المعارضة السلم, كان نظام الأسد معزولاً بشكل متزايد على الصعيد الدولي وكان ينفق مبالغ ضخمة لخوض الحرب, وكان الأسد بحاجة ماسة إلى المال، لكن لم يكن لديه سوى عددٍ قليل من الأصدقاء بإمكانه أنْ يلجأ إليهم.
وأضاف تحقيق الموقع أنّ “محمد مخلوف”، خال رأس نظام الأسد ومصرفيُّه الفعلي، سافر إلى موسكو في منتصف عام 2012 للحصول على تمويل لنظام الأسد وملاذ آمن لأموال عائلة الأسد في حال انهيار النظام, والتقى مع “مدلل خوري” الوسيط والمموّل القديم لنظام الأسد في موسكو، والذي كان قد بنى شبكة معقّدة من البنوك والشركات والكيانات الخارجية التي يبدو أنّه قد استخدمها لنقل الأموال لنظام الأسد وجماعات الجريمة المنظّمة.
وكشف التحقيق عن آلية العمل داخل شبكة غسيل الأموال التابعة لـ”خوري”، وكيف يبدو أنّها استخدمت لتقديم مساعدات مادية حيوية لنظام الأسد المحاصَر. ويبدو أنّ هذا شمل توفير شركات واجهة كغطاء لبرنامج نظام الأسد للأسلحة الكيميائية والباليستية.
وعرض الموقع النتائج التي توصّل إليها التحقيق, وهي: قدّمت شركات واجهة “واحدة في قبرص واثنتان في جزر فرجن البريطانية” ربّما يتمّ استخدامها من قِبل مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري (SSRC)، المسؤول عن برامج الأسلحة الكيميائية والصواريخ الباليستية لنظام الأسد.
ومحاولة شراء مُركب كيميائي يمكن استخدامه في صنع المتفجرات، نيابة عن نظام الأسد, وسهّلت شراء الوقود لنظام الأسد.
كما مكّنت شبكة غسيل الأموال البنك المركزي التابع لنظام الأسد من تجنّب العقوبات المالية الدولية والحصول على العملة الصعبة.
ورجّح تحقيق الموقع أنْ تكون الشبكة عملت بموافقة ضمنية من أجهزة الاستخبارات الروسية، حيث يبدو أنّ أحدَ شركاء مدلّل خوري التجاريين عضو في جهاز الاستخبارات الخارجية (SVR), كما قدّم حلفاء مقرّبون من شبكة خوري خدمات مالية لكيانات وأفراد من كوريا الشمالية سبق أنْ حظرتها الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة.
وتأتي هذه المعلومات في الوقت الذي تواجه فيه سورية أزمة اقتصادية غيرَ مسبوقة، وكانت بداية هذا العام قد شهدت تصعيداً آخر للهجمات في شمال غرب سورية من قِبل نظام الأسد المدعوم من الاحتلال الروسي، مما خلق أسوأ أزمة نزوح في الحرب حتى الآن، حيث اضطّر ما يقرب من مليون شخص إلى الفرار (بمن فيهم أكثر من 500,000 طفلٍ).
وقد ساعدت الخدمات التي قدمتها شبكة خوري على استمرار المجهود الحربي لنظام الأسد، في صراع بلغ الآن عامه التاسع، كما ساهمت بشكلٍ غيرِ مباشر في بعض أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين.
وفي تشرين الثاني 2019، كشف الموقع أنّ عائلة مخلوف قد اشتروا ما قيمته 40 مليون دولار أمريكي من العقارات في منطقة ناطحات السحاب في موسكو من أجل تمرير الأموال إلى خارج سورية خلال الحرب, ويبدو الآن أنّ شبكة خوري ساعدت على تسهيل إتمام هذه المشتريات.
ونوّه التحقيق إلى أنّ الدور المحوري الذي تقوم به الشركات المجهولة المسجلة في الأقاليم البريطانية فيما وراء البحار أو الولايات القضائية للاتحاد الأوروبي في تسهيل شبكة خوري لغسل الأموال هو بمثابة تنبيه عاجل حول أسباب الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز الشفافية بخصوص المالك المستفيد.
وطالب من أقاليم ما وراء البحار في المملكة المتحدة أنّ تمضي قدُماً في إنشاء سجلاتها العامة للملكية المفيدة وضمان فعاليتها, كما يجب على المملكة المتحدة ضبط سجلها من خلال إجراء عمليات تحقّق وتدقيق حول صحة المعلومات التي يتضمّنها.
كما طالب من الاتحاد الأوروبي أنْ يتّخذ إجراءات ضدّ الدول الأعضاء التي تواصل السير بخطى متثاقلة نحو إنشاء سجلات المُلكية, وحتى الآن، خمس دول فقط استكملت سجلاتها بالكامل.
كما سلّط التحقيق الضوء على مَواطن الضعف في آلية تطبيق العقوبات المالية على الأنظمة الفاسدة والمستبدة, مشيراً إلى أنّه وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة فرضت عقوبات على عددٍ من أعضاء شبكة خوري، إلا أنّ نظام العقوبات الأوروبي لم يتمّ تعزيزه بما يكفي للسماح بفرض عقوبات على شبكة خوري.
وأكّد على ضرورة أنْ يصلح الاتحاد الأوروبي إطار العقوبات للسماح بتجميد الأصول وغيرها من التدابير ضدّ المشتبه في ارتكابهم عمليات غسل الأموال والفساد، وليس فقط التصرّفات المرتبطة مباشرة بانتهاكات حقوق الإنسان.