وزيرُ الخارجيةِ التركي يشكّك باستعدادِ نظامِ الأسدِ للتطبيعِ مع أنقرةَ
شكّك وزيرُ الخارجية التركي، هاكان فيدان في استعدادَ نظام الأسد للنظر في بعض القضايا بشكلّ جدّي في مسار التقارب التركي مع النظام، موكّداً عدمَ وجود نيّة تركية للاحتلال أو تغيير النظام في سوريا.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الوزيرُ التركي خلال لقائه ممثّلي الصحف ووسائل الإعلام في مقرّ وزارة الخارجية بالعاصمة أنقرة.
وقال فيدان، “لا يبدو أنَّ الجانب السوري مستعدٌّ للنظر في بعض القضايا الجدّية، هم ليسوا مستعدين حتى للتواصل مع المعارضة”، مشيراً إلى أنَّ بلادَه لم تضع شروطاً مسبقةً فيما يتعلّق بالاتصالات الدبلوماسية مع نظام الأسد، مع الإشارة إلى الحاجة لتطوير إطار عملٍ مستدامٍ لوقف إطلاق النار عبرَ عملية “أستانا”.
وتابع، “تركيا ليست لديها أيُّ نيّة عدوانية تجاه سوريا، ولا تسعى إلى الاحتلال أو تغييرِ النظام، لقد أظهرنا حسنَ النيّة في تعاملاتنا”.
وأضاف إنَّ أنقرة تفضل بحثَ القضايا العالقة مع نظام الأسد على طاولة الحوار وفي إطار أكثرَ “تنظيماً وبشكلٍ دبلوماسي”، لافتاً إلى أنَّ النظام “غيرُ مستعدٍّ ولا منفتحٍ بشكلٍ كبير لمناقشة بعض القضايا، خاصةً في هذه المرحلة”.
في شأن آخر، قال الوزير التركي، إنَّ ملامحَ سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بشأن سوريا لم تتّضح بعد، معرِباً عن اعتقاده بأنَّ ترامب قد يستمرُّ بعد تولّيه المنصب رسمياً في خطابه الحالي بشأن بعض القضايا، بينما يترك الأمورَ الحرجة على حالها دون أنْ يتّخذ بخصوصها قراراتٍ جذرية في البداية.
وأكّد على أنَّ “المشكلات الاستراتيجية” بين أنقرة وواشنطن ستستمرُّ طوالَ مواصلة الولايات المتحدة دعمَ تنظيم “YPG/PKK” في سوريا، مشدّداً على أنَّ الولايات المتحدة التي تنتهج سياسةً خارجية تتركّز على العامل الأمني، من المفترض أنْ تكونَ الأكثر قدرةً على فهمِ مخاوف تركيا، وهو ما تؤكّده أنقرة من خلال خطواتها الدبلوماسية أو سياساتها على أرض الواقع.
وأشار فيدان إلى اعتزام ترامب خلال ولايته الأولى سحبَ القوات الأمريكية من سوريا، مبيّناً أنَّه حاول وجرّب ذلك “إلا أنَّ النظامَ الأمريكي آنذاك لم يسمح بتحقيق هذا الهدف”.
ويرى أنَّ إدارة ترامب ستبني سياساتها بشأن سوريا خلال المرحلةِ المقبلة، على نتائج تقييمِ مدى تأثير ما يحدث في البلد العربي على إسرائيل وأمنها.
وأكّد وزيرُ الخارجية التركي على أنَّ واشنطن تدرك جيّداً مدى جديّة أنقرة فيما يخصُّ وجودَ تنظيم “YPG/PKK” في سوريا، وانتقد استمرارَ العلاقة بين واشنطن والتنظيم في سوريا، مبيّناً، “دفعَ حليف مثل تركيا إلى نقطة أخرى، ليس له تفسيرٌ ومبرّرٌ عقلاني واستراتيجي”.
فيدان أكّد على أنَّ “الولايات المتحدة تدرك جيداً أنّنا مستعدّون لاتّخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان أمننا في المنطقة، وهي ترى أنَّ تركيا تنتظر منها تغييراً في بعض مواقفها”، موضّحاً، “إذا كانت تركيا تنفّذ عمليات معيّنة بطرق مختلفة، فإنَّ ذلك يأتي بهدف إتاحةِ الفرصة لتحقيق توقعاتنا. ومع ذلك، إذا فرضت الظروفُ الميدانية علينا نوعاً آخر من العمليات، فإنَّنا سنتّخذ الإجراءات اللازمة دون تردّد”.
كما أشار الوزير التركي إلى أنَّ القوات الأمريكية في المنطقة لا تساهم في العمليات العسكرية الإقليمية، بل “تلعب دورَ المعرقل” لها، مضيفاً، “عندما تستهدفُ الولايات المتحدة إيرانَ أو الميليشياتِ الإيرانية في أيّ مكان، يصبح جنودها في المنطقة عرضةً للهجمات. وهذا بطبيعة الحال يحدث أجواءَ توتّر مستمرّة”.
وفي هذا السياق، أكّد على أنَّ المؤسسات المعنيّة في تركيا تتواصل مع نظيراتها الأمريكية بشأن التطوراتِ والملفّات ذات الصلة، مبيّناً أنَّ أنقرة ستقدٍم “بالتأكيد الدعمَ لعمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة، ولا حاجةَ للاستعانة بتنظيم إرهابي آخر للقيام بذلك”.
الوزير التركي توقّع كذلك أنَّه إذا حدثت “حالةٌ من الجمود أو التهدئة” في الحرب الروسية الأوكرانية، فقد يكون هناك مجالٌ للنقاش بين موسكو وواشنطن بشأن القضيةِ السورية وملفّات أخرى.