في الذكرى التاسعةِ للثورةِ السوريةِ .. تقريرٌ يوثّقُ عددً الشهداءِ المدنيينَ والمختفينَ قسريًا وعددَ المشرّدين منذُ 2011
بمناسبة الذكرى التاسعة للثورة السورية, أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اليوم الأحد، تقريراً استعرضتْ فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جميعُ الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار 2011.
وسجل التقرير استشهاد 226247 مدنيّاً، منذ آذار 2011 حتى آذار 2020، بينهم 29257 طفلاً، و16021 سيدة، 91.36 % منهم قُتلوا على يدِ قوات الأسد والاحتلال الروسي وتفوّقت نسبةُ الشهداء من الأطفال والسيدات إلى المجموع الكلي للضحايا حاجز 18 % وهي نسبة مرتفعة جداً وتُشير إلى تعمُّد قواتِ الأسد والاحتلال الروسي استهدافَ المدنيين.
وقدَّم التَّقرير إحصائية تتحدث عن 129989 شخصاً لا يزالون قيدَ الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز الرسمية وغيرِ الرسمية التَّابعة لنظام الأسد.
وبحسب التقرير فإنّ ما لا يقلُّ عن 3087 شخصاً لا يزالون قيدَ الاعتقال أو الاختفاء القسري في سجون ميليشيا “قسد” حتى آذار 2020.
ونوَّه التقرير إلى أنَّ تنظيم “داعش” لجأ إلى تطبيقِ سياسة الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري بحقِّ المدنيينَ في المناطق الخاضعة لسيطرته ونفَّذ عمليات اختطاف جماعي بحقّ مدنيين في أثناء هجماته على مناطق خارج سيطرته واتخذهم رهائن, وسجل التقرير اعتقال تنظيم “داعش” ما لا يقلُّ عن 8648 شخصاً منذ تأسيسه حتى آذار 2020.
وذكر التقريرُ أنَّ قوات الأسد لجأت إلى استخدام أنماط وأساليب متنوِّعة من التَّعذيب بحقِّ جميع المحتجزين لديها، مُشيراً إلى أنَّ 14221 شخصاً استُشهدوا بسببِ التَّعذيب في سجون نظام الأسد حتى آذار 2020.
وبحسب التقرير فإنّ تنظيم “داعش” مارس صنوفاً مختلفة من أساليب التعذيب في أثناء التَّحقيق مع المحتجزين لديه لانتزاع معلومات منهم أو بدافع الانتقام ونشرِ الخوفِ وترهيبِ بقية المحتجزين والمدنيين، وبلغتْ حصيلة ضحايا التعذيب في سجونه ما لايقلُّ عن 32 شخصاً، في حين قتلت ميليشيا “قسد” ما لا يقلُّ عن 50 شخصاً بسببِ التَّعذيب حتى آذار 2020.
وجاءَ في التقرير أنَّ قوات الأسد اتَّبعت سياسة فرضَ الحصار على المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل الثورة السورية، ومنعت وصول الغذاء والدواء؛ ما أدّى إلى استشهاد 920 مدنياً، بينهم 405 طفلاً، و189 سيدة منذ آذار 2011 مضيفاً إلى أنَّ تنظيم داعش أيضاً اتَّبع الأسلوب ذاته في مدينة دير الزور، ومخيم اليرموك جنوب مدينة دمشق.
وذكر التقرير أنّ العديد من المناطق شهدتْ انتهاء الحصار بسبب سيطرة نظام الأسد عليها بعد تهجير أهلها وإجلائهم باتجاه مناطق الشمال السوري، إلا أنَّ مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية الأردنية لا يزال يخضع لحصارٍ يعتبر نظام الأسد أحدَ أهم أسبابه، كما نوَّه التقريرُ إلى الحصار الذي فرضته ميليشيا “قسد” آخرَ معاقل تنظيم “داعش” في منطقة هجين، الذي تسبَّب في استشهاد 33 مدنياً، بينهم 13 طفلاً.
وبحسب التقرير فإنَّ قرابة 222 هجوماً بأسلحة كيميائية قد نُفِّذَ في سوريا منذ أول استخدام موثّق لها في كانون الأول 2012 حتى آذار 2020، نفَّذَ نظام الأسد منها 217 هجوماً؛ تسبَّبت في استشهادِ ما لا يقلُّ عن 1510 أشخاصٍ، في حين نفَّذ تنظيم داعش خمس هجمات.
وبحسب التقرير فقد استخدمت الذخائر العنقودية في سوريا في ما لا يقلُّ عن 492 هجوماً منذ آذار 2011، منها 248 على يد قوات الأسد و236 هجوماً على يد قوات الاحتلال الروسي، وثماني هجمات مشتركة بين قوات الأسد والاحتلال الروسي، في حين سجَّل التقريرُ إلقاءَ سلاح الجو التابع لقوات الأسد قرابة 81916 برميلاً متفجّراً منذ أول استخدام موثق لاستخدام هذا السلاح في 18 تموز 2012 حتى آذار 2020.
ووفقَ التقرير فقد تمَّ تسجيل 171 هجوماً بأسلحة حارقة على مناطق مدنيَّة سكنيّة، 125 منها نفَّذتها قواتُ الاحتلال الروسي، و41 هجوماً نفّذتها قواتُ الأسد، وخمس هجمات نفَّذتهما قوات التَّحالف الدولي، وجميع الهجمات وقعتْ في أحياء سكنية.
ونوّه التقريرُ إلى أنّه في ظلِّ انتشار فيروس كورونا الجديد COVID-19 في العالم أجمع فإنَّ وضع النازحين السوريين يعتبر من أكثر الأوضاع هشاشة في العالم، كما أشار إلى تأثير هذا الوباء على المعتقلين السوريين المهدّدين بخطر العدوى بسبب الظروف الصحية السيئة في مراكز الاعتقال.
وطبقاً للتقرير قد شهدت الأعوام الأخيرة تدفّق مئات آلاف النازحين من مختلف مناطق سوريا، حيث أجبرت العمليات العسكرية التي قادتها قوات الأسد والاحتلالين الروسي والإيراني، والهدن والاتفاقات التي فُرضَت على المدن والبلدات المحاصرة، والتي تُخالف في مضمونها القانون الدولي الإنساني، أجبرت مئات الآلاف من الأشخاص على ترك منازلهم، وذكر التقرير أنَّ ما يقارب 15.2 مليون شخصٍ تعرَّض للتَّشريد القسري منذ آذار 2011، بينهم 9 ملايبن شخصٍ جرى تشريدُهم داخل سوريا، كما تشرَّد قرابة 6.2 مليون لاجئ خارج سوريا، وبحسب التقرير فقد ظلَّت قوات الأسد والاحتلال الروسي هما المسؤولان الأكبر عن عمليات التشريد القسري.
أكَّد التقرير أنَّ أطراف النزاع في سوريا انتهكت مواد القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة حيث أنَّ أغلب عمليات الهجمات وحوادث الانتهاكات التي نفّذتها كانت موجّهة بشكلٍ أساسي ضدَّ أفراد مدنيين. كما أنَّ قسماً كبيراً من الحوادث قد تسبَّبت في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم أو في إلحاق الضَّرر بالأعيان المدنيَّة، وتُشكِّل كثير من الهجمات جرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم حرب بحسب التقرير.
وأوصى التقرير أعضاء مجلس الأمن بالتَّوقف عن استخدامِ حقِّ النقض لحماية نظام الأسد، الذي ارتكب على مدى تسعة أعوام مئات آلاف الانتهاكات، التي تُشكل في كثيرٍ منها جرائمَ ضدَّ الإنسانية وجرائمَ حربٍ كما قدّم توصياتٍ أخرى إلى المجتمع الدولي وحكومة الاحتلال الروسي وقوات التحالف الدولي، وطالبَ التقرير أطرافً النزاع بالالتزام بقواعد القانون العرفي الإنساني، وقراراتِ مجلس الأمن، وتحييدِ المدنيين، وإطلاقِ سراح المحتجزين والرهائن، وإيقافِ التَّعذيب والكشفِ عن مصير المختفين والمفقودين، ورفعِ الحصار.