مختصونَ أتراكٍ: تهديداتُ أردوغانَ حولَ إدلبَ رسالةٌ أخيرةٌ لروسيا
قال محلّلون أتراك، إنّ العلاقات بين تركيا والاحتلال الروسي، تزداد توتّراً بسبب العملية العسكرية لقوات الأسد في شمال سوريا، مشيرين إلى أنّ تركيا قلقة جداً من خطر النزوح نحو حدودها.
وذكر الكاتب التركي مصطفى كارالي أوغلو، إنّ الرئيس رجب طيب أردوغان يشعر بخيبة أمل بسبب تصرفات الاحتلال الروسي في إدلب.
وأضاف في مقال له على صحيفة “قرار”، أنّ تصريحات أردوغان، تشير إلى أنّه وصل إلى نقطة لا مفرَّ فيها، من اتخاذ إجراءات جديدة شمال سوريا، استناداً إلى خطر تزايد النزوح نحو الحدود، وفي ظلّ الحرية التي ما زالت تتمتّع بها ميليشيا “قسد” بالمنطقة.
وأوضح أنّ الهدف الرئيس لعملية “نبع السلام” التي توقّفت بعد الاتفاقات الموقعة مع الولايات المتحدة والاحتلال الروسي، كانت لفتح المجال لإنشاء منطقة آمنة يتمّ تسكين اللاجئين في تركيا فيها، والتخلّص من عقبة “قسد” في تلك المنطقة.
وأشار إلى أنّ حديث الاحتلال الروسي عند عدم انتهاكه لاتفاق سوتشي، يؤكّد عزمه على الوقوف خلف نظام الأسد في عملياته بإدلب حتى النهاية, ونوّه إلى أنّ أنقرة تعيش أزمة كبيرة بسبب تصرّفات الاحتلال الروسي في إدلب، والتي تقف أيضاً إلى جانب “قسد” كما الولايات المتحدة.
وحول التهديد بالتحرّك العسكري الذي لوّح به أردوغان، قال الكاتب التركي، إنّها كانت الرسالة والنداء الأخيرين إلى الاحتلال الروسي، للتوقّف في شمال سوريا.
وأضاف أنّه يجب الأخذ بعين الاعتبار، أنّه إذا لم تتمَّ الاستجابة من الاحتلال الروسي لنداء تركيا، فإنّنا على أبواب توتّر في العلاقة بين البلدين.
بدوره قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سكاريا “كمال عنات”، إنّه منذ ثلاث سنوات تشهد تركيا والاحتلال الروسي تعاوناً وثيقاً بينهما، في المجال الاقتصادي والأمني والشراكة في حلِّ المشاكل الإقليمية، وخلال هذه الفترة أجرى الرئيس التركي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لقاءات ومحادثات، فاقت تواصله مع الرؤساء الآخرين.
وأوضح في مقال له على صحيفة “تركيا”، وترجمته “عربي21″، أنّه منذ عام 2016، التقى الزعيمان نحو 16 مرّةً في تركيا وروسيا، لمناقشة المسائل الإقليمية والعلاقات الثنائية.
وأشار الأكاديمي التركي، إلى أنّ انعدام الثقة بالولايات المتحدة بسبب سياساتها في سوريا، كانت أحد الأسباب الرئيسة في التقارب التركي-الروسي.
وأكّد أنّ الدول تشكّل علاقاتها الدولية من خلال مفهوم “المصلحة” وليس “الثقة”، ومن الممكن أنْ تؤدّي بعض الخطوات القائمة على المصلحة، إلى انعدام الثقة.
واستدرك الكاتب التركي، بأنّ المصلحة لا تعني خرقَ الاتفاقات بين البلدان، وهو ما يفعله الآن الاحتلال الروسي في سوريا، وانتهاك التزاماته في أستانا وسوتشي.
وأضاف أنّه على ما يبدو أنّ الاحتلال الروسي لا يختلف عن الإدارة الأمريكية في سياسته مع أنقرة، فقد خالف كافة تعهداته ووعوده في سوريا.
وشدّد على أنّ الاحتلال الروسي عليه التقاط رسالة أردوغان جيداً بنفاد صبر تركيا، وعليه التعامل معها على محمل الجدِّ.
ولفت إلى أنّ الرئيس التركي، يولي اهتماماً كبيراً للحفاظ على الشراكة مع الاحتلال الروسي في المسألة السورية، ولكن تصرفاتِه في إدلب باتت تزعج أنقرة كثيراً وتسبّب لها الأذى.
ونوّه إلى أنّه عقب اتفاق سوتشي في أيلول 2018، فإنّ عددَ المدنيين الذين نزحوا باتجاه الحدود التركية، تجاوز المليون ونصف المليون بسبب الهجمات على إدلب.
وختم الأكاديمي التركي، متسائلاً: “هل من الممكن القول إنّ روسيا تتصرّف وفقاً للاتفاقات التي وقّعتها؟.. كيف يمكن لروسيا أنْ تكون شريكاً موثوقاً به لتركيا إذا لم تمتثلْ للاتفاقات؟”.
من جهته قال الكاتب التركي “برهان الدين دوران” إنّ الاحتلال الروسي يتخذ خطوات متسارعة ضد عمليتي أستانا وسوتشي، ورسالته واضحة، أنّه مصممٌ مع نظام الأسد على الاستيلاء على إدلب.
وأشار في مقال له على صحيفة “صباح” إلى أنّ أنقرة مصمّمة على الحفاظ على نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد، ومنع خطر النزوح نحو حدودها.
وأضاف أنّ الرئيس التركي منزعج كثيراً من الاحتلال الروسي الذي يواصل خرق وقفِ إطلاق النار، مشيراً إلى أنّه شعر بعدم الارتياح أكثر بعد سقوط معرّة النعمان بيد قوات الأسد.
وفي تحليله حول تهديدات أردوغان باللجوء إلى الخيار العسكري بإدلب، أكّد الكاتب أنّ تصريحات الرئيس التركي تظهر أنّ أنقرة وموسكو دخلتا مرحلة “الانفصال الجدّي” بينهما في إدلب، ما يهدّد التعاون بينهما.
وأوضح الكاتب التركي، أنّ أنقرة تريد الحفاظ على الوضع الراهن في إدلب، والتركيز على العملية السياسية، لافتاً إلى الاتصالات المكثّفة بين أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وأشار إلى أنّ العواصم الغربية يجب أنْ تعيَ أنّ “ثنائي” الاحتلال الروسي ونظام الأسد، لا يشكّلان تهديداً فقط لتركيا، بل وينذر بموجة هجرة كبيرة تهدّد أوروبا, وأكّد على ضرورة أنْ تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الضغط على الاحتلال الروسي.
ورجّح الكاتب التركي، أنْ تمتدَّ حالة الصراع في إدلب إلى مناطق أخرى في الشمال السوري، مشيراً إلى أنّ أنقرة غيرُ مستعدّةٍ لتحمّلِ الأعباء وحدها.