وثيقةٌ استخباراتيّةٌ مسرّبةٌ تحذّرُ من منافسةِ الدولِ لإيرانَ اقتصادياً في سوريا
كشفت مجموعةُ هكرز إيرانيةٌ معارضةٌ عن “رسالة سريّة للغاية” موجّهةٍ من استخباراتِ “الحرس الثوري” إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تحت عنوانٍ “تحذيرٌ بشأن الأداء الاقتصادي للدول المنافسة لإيران في سوريا”.
وأكّدت الرسالةُ التي سرّبتها مجموعةُ هكرز مقرّبة من منظّمة “مجاهدي خلق” الإيرانية، تطلق على نفسها اسمَ “انتفاضةٌ حتى الإطاحة”، على “أهمية استغلال التحالف الاستراتيجي الإيراني مع النظام السوري، والموقع الجيوسياسي والجيوستراتيجي لسوريا، الواقع في ملتقى القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، ليكون هذا البلدُ بوابةَ دخولِ إيران من هذه القاراتِ الثلاث.
وتحذّر الرسالةُ من أنَّ “خصومَ إيران الإقليميين، مثلَ تركيا والإمارات العربية المتحدة”، يحاولون “الحدَّ من نفوذ إيران الاقتصادي في مستقبل سوريا وخلال فترةِ إعادة إعمار”.
وتظهر الرسالة أنَّ “دراساتِ الخبراء تشير إلى أنَّ مستوى العلاقات التجارية بين البلدين، بالنظر للقدرة التجارية العالية للسوق السورية، أقلُّ بكثير من الحدّ المتصوّر، مشيرةً إلى أنَّه “خلافاً للمنحى النزولي للمبادلات الثنائية الإيرانية السورية، استطاعت تركيا، رفعَ صادراتها إلى سوريا من 9% في عام 2010 إلى 26% في عام 2018، لتحتلَّ المرتبةَ الأولى للمصدّرين لسوريا في ذلك العام”.
وتضيف الرسالة أنَّه “في عام 2019، استطاعت إيران إيصالَ صادراتها إلى سوريا لمعدل 162 مليونَ دولار (المرتبة السادسة)، لكنَّ حصةَ إيران من السوق السورية ما زالت أقلَّ من 5% فقط”.
وتقترح الرسالةُ “تقويةَ الآلية المؤسسية للجانب الإيراني (هيئة تطوير العلاقات الاقتصادية الإيرانية السورية) في سوريا من أجل التخطيط والتنفيذ، وإزالةِ عوائق القطع الأجنبي، وتكاملِ البنية التحتية للنظام المصرفي في إيران وسوريا، وتطويرِ الصناعة المشتركة، وتحضيرِ وكتابة برنامج التطوير التجاري المشترك من خلال تفعيلِ المناطق الحرّة، وتفعيل شبكة التجارية للمهاجرين السوريين”.
واستعرضت الرسالةُ النهجَ الاقتصادي لكلٍّ من روسيا والصين وتركيا والدول العربية في سوريا، ليحتلَّ القسمُ الروسي الجزءَ الأكبر من الوثيقة.
وذكرت أنَّ “موسكو تطالب بالتعويض عن تدخّلاتها العسكرية في سوريا من خلال الاستفادةِ من السوق السورية والاستثمارِ في هذا البلد من أجل تحقيق أقصى قدرٍ من الربح، وهو ما يظهر بوضوح من الطريقة التي تبرم بها هذه الدولة العقود والمشاريع طويلة الأجل مع الحكومة السورية”.
وأشارت إلى “تشكيل لجنةٍ مشتركة بين الحكومتين السورية والروسية (اللجنة الحكومية الدولية الدائمة السورية الروسية) في كانون الأول 2018 لتوسيع وتعميقِ التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية والعلمية والثقافية والفنية”، موضّحةً أنَّه “خلال 12 جولةً من المفاوضات مع 11 مجموعةً متخصّصةً، تمكّنت هذه اللجنة من إعداد 20 وثيقةَ تعاونٍ، بما في ذلك في قطاعات النقل والطاقة والصحة والزراعة والصناعات والمناجم”.
وتطرّقت الرسالةُ إلى استثمار روسيا في الفوسفات السوري، موضّحةً أنَّ شركةَ ستروي ترانس جاز STG الروسية الحقّ في استخراج 2.2 مليون طنّ من الفوسفات السورية لمدّة 50 عاماً، بحيث تكون حصّةُ روسيا 70%، وحصّةُ النظام 30%، بموجب عقدٍ تمَّ تصديقُه في مجلس الشعب السوري في مارس/آذار 2018.
ونوّهت أيضاً إلى عقدِ تأجير ميناء طرطوس لمدّة 49 عاماً من قِبل نفس الشركة الروسية في حزيران 2019.
وعن النهج الاقتصادي الصيني في سوريا، قالت الرسالة إنَّ “الأداءَ الحالي للصين يظهر أنَّ هذا البلد لن يدخلَ جديّاً في مجال إعادة إعمار سوريا إلا بعد سيطرةِ الحكومة السورية بشكلٍ كاملٍ على كلِّ المناطق”.
ووِفقَ الرسالة المسرّبة، فإنَّ “أحدَ القضايا المهمة التي يمكن أنْ تشجعَ الصين على الوجود في سوريا هو مرورُ طريق الحرير عبر هذا البلد؛ لكنَّ الصين ستستعين بتركيا حالياً في هذا الطريق، لأنَّها أكثرُ أماناً وازدهاراً من سوريا، وتعتبر أيضاً طريقاً أقصر للوصول إلى أوروبا”.
وعن نهج الدولِ العربية الاقتصادي في سوريا، ذكرت الرسالة أنَّ السعودية خصّصت عام 2018، 100 مليون دولار لمشاريع التحالف الدولي في شمال شرقي سوريا، والتي كانت بيد الأكرادِ السوريين، بناءً على طلب الولايات المتحدة.
ووِفق الرسالة السرية، فإنَّ السعودية “تحاول الدخولَ بشكلٍ غير مباشر في إعادة إعمار سوريا، ولذلك وقّعت عقداً مع مصر بهدف إنشاء شركات وسيطة للاستثمار في سوريا حتى تتمكّنَ من المشاركة في إعادة إعمار سوريا من خلال هذا البلد”.
وأضافت أنّه “من أجل خلقِ تبادلات تجارية على مستوى القطاع الخاص واستبدال البضائع الزراعية السورية بالبضائع التركية، فتحتْ الحكومةُ السعودية معبرَ الحديثة أمام الشاحنات السورية بعد نحو 9 سنوات في تشرين الأول 2020”.
وفي السياق نفسه، قالت الرسالة الاستخباراتية إنَّ “الإمارات تسعى لاستعادةِ نفوذِها الاقتصادي قبل الأزمة من خلال المشاركة الجادة في إعادة إعمار سوريا، ويبدو أنَّ أحدَ أهم أهداف الاتجاه هو الحدُّ من نفوذ إيران وفي المرحلة المقبلة مواجهة تركيا”.