وكالةُ الأناضولِ: انتخاباتُ نظامِ الأسدِ.. هل تعزّزُ شرعيتُه أم تسلبُها منه؟
اعتبرت وكالة “الأناضول” التركيّة، أنَّ إصرارَ نظام الأسد على المضي قدُماً في إجراء الانتخابات، سوف يكرس عدمَ شرعيته بشكلٍ أقوى وعلى نطاق أوسع، وسيعطي نتيجةً عكسية لما يطمح إليه.
وأوضحت الوكالة في مقال تحليلي نشرته بعنوان “انتخابات نظام الأسد.. هل تعزّز شرعيته أم تسلبها منه؟”, إنَّ توجّه النظام لتأجيل تلك الانتخابات، سيجعل من “بشار الأسد”، رئيساً منتهية ولايته فاقداً للشرعية، وستقوم المعارضة بالضغط والتشكيك بشرعيةِ هذه الانتخابات، تدعمها في ذلك جميعُ دول العالم، ما عدا “روسيا وإيران والصين”.
وجاء في المقال أنَّه بعدَ الدعوة الرسمية التي وجَّهها مجلس الشعب للانتخابات الرئاسية التي سيجريها نظام الأسد، أعلن رئيس المجلس “حمودة صباغ”، أنَّ انتخاب رئيس النظام، لفترة رئاسية جديدة تستمر 7 أعوام، ستُجرى يوم 26 أيار الجاري.
واعتبرت أنَّ حاجة نظام بشار الأسد لإجراء الانتخابات في موعدها، ليس نابعاً من كونها الآلية القانونية الوحيدة لاستمراره في الحكم وحسب، بل وفي استمرار بقاء حلفائه الروس والإيرانيين في سوريا، كونَ رأس النظام هو من وجّه لهم الدعوة، وبقاؤه في الحكم يعني شرعنةَ وجودهم العسكري.
وقالت إنَّ نظام الأسد يصرّ على الإيحاء من خلال إعلامه وتصريحات مسؤوليه، بأنَّه يملك الشرعية القانونية والدستورية لإقامة الانتخابات في موعدها، ضارباً عرضَ الحائط بجميع الأصوات المعارضة لهذه الانتخابات، سواء كانت من داخل سوريا أومن خارجها.
ومن جهة أخرى، أشارت إلى أنَّ النظام يهدف من إجراء الانتخابات، إلى سدِّ جميع الطرق المؤدّية للعملية السياسية، والإطاحة بكلِّ الحلول والمسارات التي تبحث مسألة التغيير في سوريا, لكنْ بات جليّاً “وفقاً للأناضول” أنَّ الرياح لا تجري كما تشتهيه سفن نظام الأسد، إذ تواجه انتخاباته سلسلة من العقبات والمشاكل، من شأنها تحويلها عن مسارها، لتؤدّي إلى نتائج كارثية على مستقبل النظام وداعميه، وقد تضطره لتأجيلها إلى أجل غير مسمَّى.
ويظل التحدّي الأبرز في هذه الانتخابات، هو التحدّي الأمني، حيث تقتصر سيطرة نظام الأسد على ثلث سوريا، وإذا عجز عن بسط نفوذه على درعا، ولا يبدو ذلك ممكناً حالياً، بحسب المعطيات الميدانية على الأرض، فإنَّ نطاق انتخاباته لن يتعدّى الربع.
ومن أجل ذلك يبذل نظام الأسد جهوداً استثنائية من أجل السيطرة على درعا، لأنَّها باتت تشكل بيضة القبّان، والمنطقة الأكثر حساسية بالنسبة لشرعية الانتخابات, إذ بدون درعا جنوباً، ومنطقة الجزيرة شرق الفرات، إلى جانب مناطق الشمال الذي تسيطر عليه قوات المعارضة، سوف تنحصر مناطق انتخابات النظام بالعاصمة والمنطقة الغربية، وهذا يعني إجراء العملية الانتخابية في ربع سوريا فقط.
ووفقاً لتقرير الوكالة, تشكّل الانتخابات بالنسبة لرأس نظام الأسد، حالة مصيرية، لأنَّ نظامه قائم على فكرة الأبدية، ويعتبر أنَّ البلاد مزرعة له، والانتخابات على ضحالتها، تشكّل الوسيلة المناسبة لتكريس هذه الحالة.
كما تعني الانتخابات “بحسب التقرير” أيضاً الاستمرار في الحكم، والسيطرة على ما بقي من مقدّرات البلاد، لأنَّ الأسد لن يتخلّى عن موقعه، مهما كانت الظروف، حيث بمجرد مغادرته للسلطة، ستُفتح عليه أبوابُ المحاسبة، بينما توفّر له الانتخابات قدراً من الشرعية يحتاجها كدرع حصانة تقيه من المساءلة القانونية، ويبرّر بها استمرار بقائه في الحكم.
وأشارت الأناضول إلى أنَّ الانتخابات، ليست ضرورة قصوى تقتصر على النظام وحده، بل إنَّ الروس والإيرانيين يبدون أكثرَ إصراراً على إجرائها، فأيُّ حلٍّ أو مسارٍ آخرَ غير الانتخابات سيشكّل مشكلة إضافية جديدة لهم، في وقتٍ هم فيه عاجزون عن تقديم أيِّ حلٍّ أو حتى رؤية حلٍّ للأزمة السورية، سوى اللعب ببطاقة استمرار الأسد في الحكم رغمَ كلِّ شيء.
وأوضحت أنَّ هناك شبه إجماع لدى السوريين، بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم، بمن فيهم مؤيدو نظام الأسد، على أنَّ انتخابات النظام، كانت على الدوام، مسرحية هزيلة سيّئة الإعداد والإخراج، حتى أصبحت مادة للسخرية.
ووصف رئيس الائتلاف الوطني السوري، “نصر الحريري”، تحديدَ موعد الانتخابات بـ”المسرحية”، وقال إنَّه “يؤكّد بؤس هذا النظام واستمراره في الانفصال عن واقع الشعب السوري”, كما أكَّدت القوى السياسية، والفصائل العسكرية المعارضة لنظام الأسد، أنَّهم غيرُ معنيين بهذه الانتخابات، ويعتبرون برلمان الأسد فاقداً للشرعية، ودعوتَه باطلةً ولن تعدو كونها مسرحية هزلية جديدة، ومحاولة بائسة لإعادة إنتاج الأسد ونظامه الإرهابي.
ووفقاً لبعض الدراسات الإحصائية، فإنَّ العدد الإجمالي المفترض لسكان سوريا في 2021 هو 26.38 مليون شخص، وعددُ السوريين في الداخل 16.47 مليوناً، يعيش منهم في مناطق سيطرة النظام نحو 9.4 مليون، أي ما يقارب 57 % من إجمالي عدد السكان، منهم نحو 40 بالمئة تحت السن القانوني للانتخاب، بحسب بيانات الأمم المتحدة، أي أنَّ من بقي ممن يحقُُ لهم التصويت في الانتخابات المزمعِ إجراؤها نحو 5.64 مليون شخصٍ.