أزمة بين تركيا وايران بسبب قصيدة “آراز آراز” القاها الرئيس التركي
ألقى الرئيسُ التركي رجبُ طيب أردوغان، الخميس الماضي، في خطابٍ له في العاصمة الأذربيجانية باكو، قصيدةً شعريةمحلية أذرية، غنّاها مغنّون إيرانيون أتراك، خلال العقود الماضية، غيرَ أنّها ارتبطت باسم الكاتب الإيراني الأذري صمد بهرنغي، الذي قِيل إنّ النظام الملكي السابق أغرقه في نهر “أرس” أو “أراز” باللغة الآذرية، أثارت القصيدةُ أزمةً دبلوماسية بين تركيا وإيران،
في إيران تكتسب هذه الأشعار مكانة رمزية بين القوميين الأذريين، فضلاً عن أنّ كثيراً من أبناء القومية أيضاً يحفظونها ويلقونها.
وعلى إثر القصيدة تبادلت كلٌّ من إيران وتركيا استدعاءَ السفراء وسطَ هجمات إيرانية حادّة على تركيا ورئيسها، قبلَ محادثة هاتفيّة بين وزيري خارجية البلدين، مساء يوم أمس السبت، لاحتواء التوتّر مع تأكيد الطرفين على “علاقات الصداقة” بين إيران وتركيا.
وكانت كلمة الرئيس التركي أردوغان في احتفال النصر بمناسبة انتصار القوات الأذربيجانية على أرمينيا في الحرب الأخيرة بمنطقة ناغورنو كاراباخ، حيث استعادتْ أذربيجان السيطرة على أجزاء مهمّة من المنطقة، قبل أنْ تنتهي المواجهات باتفاق ثلاثي بوساطة روسيّة بين أذربيجان وأرمينيا.
وكانت قد اشتعلت الحربُ بين البلدين على إثرِ أبياتٍ شعرية في الاحتفال، تتحدّث بحزن عن قصة الفصل الموجود بين أراضي جمهورية أذربيجان ومنطقة أذربيجان الإيرانية.
وبعد انتشار مقطعِ القصيدة على مواقع التواصل،
بدأ الرئيس التركي تلقي تلك الأشعار على شبكات التواصل الاجتماعي في إيران، مع نشرِ تعليقات حادّة عليه، اعتبرت أنّ الرئيس التركي استهدف وحدةَ الأراضي الإيرانية، متهمّةً إياه بتحريض الأذريين الإيرانيين على فصلِ منطقة أذربيجان الإيرانية عن إيران وضمّها إلى دولة أذربيجان.
ونشر وزيرُ الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في وقت مبكّر من صباح الجمعة في تغريدة عبْر “تويتر” أنّ “أردوغان لم يُخبرْ أنّ القصيدة التي أخطأ قراءتها في باكو كانت عن الفصل القسري بين مناطق شمال نهر أرس وأرضها الأم إيران، ألم يعلم أردوغان أنّه قد تكلّم ضدّ استقلال جمهورية أذربيجان؟”.
وأضاف ظريف “لا أحدٌ يمكنه الحديث عن عزيزتنا أذربيجان”، وذلك في إشارة إلى أذربيجان الإيرانية التي تقع على الشطر الآخر لنهر أرس.
كما قامت طهران باستدعاء سفير تركيا وإبداءِ احتجاج “شديد” على إلقاء رئيسها تلك الأبياتِ، قبل أنْ تردَّ أنقرة بالمثل من خلال استدعاء السفير الإيراني، احتجاجاً على ما وصفتها بنشر “مزاعم” ضدَّ أردوغان. وتقول أنقرة إنّ الإيرانيين فهموا الأبيات التي ألقاها أردوغان بالخطأ وأنّها “خرجت عن سياقها”.
وقال المتحدّث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر جليك، يوم أمس السبت، إنّ
الهجوم الإيراني عبْرَ تصريحات لعددٍ من السياسيين على الرئيس رجب طيب أردوغان، بأنّه “يفرح أعداء طهران”، واصفاً أردوغان بأنّه صديق إيران أثناء أزماتها.
وتستمر القصيدة باثرها في طهران حيث وصل الحال بالبعض إلى استحضار الماضي والحروب بين الإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية في إيران، إذ دعا ناشطون إيرانيون إلى “الصفوية الجديدة” في مواجهة “العثمانية الجديدة”، غيرَ أنّ مثقفين وناشطين إيرانيين حذّروا من إثارة الخلافات والتوتّرات بين البلدين الجارين مع التذكير أنّ المستفيد منها هم الأعداء المشتركون لإيران وتركيا.
واتصل وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، مساء يوم السبت، مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، لاحتواء التوتّر الناتج عن الأبيات الشعرية التي ألقاها أردوغان.
وبحسب ما ورد في بيان للخارجية الإيرانية، قال أوغلو، إنّ الرئيس أردوغان “لم يكن على علم بالحساسيات حول الأبيات”، مشيراً إلى أنّ إلقاءها كان له صلة بمنطقتي “لاتشين” و”كاراباخ”. وأضاف الوزير التركي أنّ أردوغان يحترم “السيادة ووحدة الأراضي الإيرانية”.
الجدير بالذكر وبحسب محللين أنّ حجم الغضب الكبير ضدَّ تركيا في إيران هذه الأيام، له علاقة أيضاً بنتائج الحرب الأخيرة في كاراباخ، والتي وقفت فيها تركيا بكلّ قوتها إلى جانب دولة أذربيجان، إذ انتهت الحرب إلى ظهور تركيا كلاعب مهمّ في القوقاز الجنوبي، ولم يكن مرحّباً به في إيران، بالنظر إلى العلاقات التنافسية بين القوتين الإقليمتين.