الأدويةُ في المناطقِ المحرّرةِ .. شحيحةٌ وبسعرٍ مرتفعٍ إنْ وجِدتْ

مع انهيار قيمة الليرة السورية (وصل سعرف صرف الليرة إلى مستويات قياسية, 2000 ليرة للدولار الواحد) ارتفعت أسعار الأدوية القادمة من مناطق سيطرة الأسد عبْرَ طرُقِ التهريب وكذلك الأدوية المستوردة, إلى أسعار لا تتناسبُ مع الوضع المعيشي في المناطق المحرّرة.

وتحوّل الحصول على الدواء إلى عبء جديد يضاف إلى قائمة أعباء أهالي إدلب، في شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة فصائل الثورة السورية, وحتى إنْ توفّر فإنّ أسعاره المرتفعة تجعله بعيداً عن متناولهم.

وفي هذا السياق، نقل موقع “العربي الجديد” عن أبي زياد عيد, “أنّه قضى وقتاً في البحث عن دواء الضغط، الذي عليه تناوله بشكل يومي، وتردّد على خمس صيدليات دون جدوى”، ويوضّح “منذ نحو شهر، بدأت أسعار الأدوية ترتفع بشكل يومي، في الوقت الذي يشهد فيه وضعنا المادي تدهوراً كبيراً، فغالبيةُ الأعمال توقّفت، وحتى المبلغ الذي كان يرسله لنا ابني بشكل شهري أصبح عبئاً عليه، وهذا الشهر اعتذر عن إرساله لأنّه توقف عن العمل”.

وأضاف, “يبدو أنّه كُتب علينا أنْ نموتَ إما ببرميل متفجّر أو من الجوع أو من المرض جرّاء نقص الدواء”، لافتاً إلى أنّ “هناك من يستغل هذا النقص فيطلب أسعاراً خيالية لتأمين الأدوية”.

من جهته قال الدكتور الصيدلي ” خالد اليماني” للموقع, إنّ الأهالي يعانون من أزمة نقص الدواء وغلاء الأسعار، حيث تستقبل الصيدليات يومياً العديدَ من الباحثين عن أدوية مفقودة, مبيّناً أنّه “يكفي التواجد لمدّة خمس دقائق في الصيدلية حتى تشهد 10 حالات منها من يطلب دواء مفقوداً ومنها من يعجز عن دفع ثمنِه إنْ توفّر”.

ولفت إلى أنّ “الدواء في بداية العام الحالي كان متوفّراً، لكن بعد أنْ سيطر نظام الأسد على معامل الأدوية بريف حلب، فُقٍدت بعضُ الأنواع، فأصبحت تلك الأدوية تصل إلينا عبْر طرُق التهريب، في الوقت نفسه الذي تراجعت فيه قيمةُ الليرة السورية أمام الدولار، وهذا انعكس عبْرَ رفعِ تكاليف الدواء، فارتفع سعرُ الدواء السوري ما بين 52 إلى 100%، أما الأدوية المستوردة فقد ارتفعت بنسب أكبر”.

وذكر أنّ “هناك أصنافاً من الأدوية أخذت تنقطع تدريجياً منها المتعلّقة بالضغط والمضادات الحيوية والخاصة بمرضى السكري، واليوم بدأنا نفقد الفيتامينات، ولا يوجد أيُّ مؤشّر أو معلومات إلى متى يمكن أنْ تستمرَ”.

ويبيّن “اليماني” أنّ “أسعار الأدوية لا تتناسب مع واقع الأهالي الاقتصادي، لارتفاعها بشكلٍ متزايد، ولا خيارات أمامهم فإما أنْ ينقطعَ الدواءُ أو أنْ يُسعّر بحسب سعر صرف الدولار.

بدوره، يقول مسؤول الرقابة الدوائية الدكتور “مصطفى دغيم”، لـ “العربي الجديد”، إنّ “غلاءَ الدواء غيرُ مضبوط حالياً، ولكنّنا في مديرية صحة إدلب ونقابة صيادلة وبالتعاون مع جميع مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات، نعقد ورشاً خاصة لأجل وضع تسعيرة تتناسب مع وضعنا المعيشي بالمناطق المحرّرة، وإنْ شاء الله الجهود مستمرة وسنتوصّل إلى صيغة تكون مرضية للجميع قريباً جداً”.

وأضاف إنّ أسباب غلاء الدواء معروفة، قائلاً “هي انهيارُ سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، خاصة أنّ معظم حاجتنا من الأدوية هي من المصنّعة وطنياً والآتية من مناطق سيطرة نظام الأسد، والقسم الثاني مستوردٌ من دول أخرى”.

وتعتمد مناطق شمال غرب سوريا على أدوية محلية الصنع مصدرُها معامل أدوية موجودة سابقاً في المناطق المحرّرة, ومن مناطق سيطرة نظام الأسد, وعبْرَ الحدود عن طريق معبري باب الهوى وباب السلامة الحدوديين مع تركيا, وتشمل الأدوية التي تأتي عن طريق المنظمات المختصّة بالقطاع الصحي, والمصدر الرابع للأدوية هو التهريب من الأراضي التركية إلى سوريا،

يُشار إلى أنّ الواقع الصحي في إدلب وريفِها يشهد تردّياً كبيراً، في ظلّ خروج عشرات المنشآت الطبية عن الخدمة، جرّاء استهدافها من قِبلِ قواتِ الأسد والاحتلال الروسي، إضافةً إلى تراجعِ الدعم، الأمر الذي يزيد من معاناة السكان.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد دقّت ناقوس الخطر بسبب تصاعدِ العنف وتكثيفِ المعارك في شمال غرب سوريا، مما أجبر عشراتِ المرافقِ الصحية على تعليق الخدمات الطبية.

وقالت المنظمة في بيانٍ سابق إنّ مخاطر صحية تواجه مئات الآلاف من السوريين الذين أجبروا على الفرارِ بسبب تكثيف المعارك في شمال غرب سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى